فتحت تنسيقية الصحة، التي تنضوي تحتها نقابات الصحة العمومية، الأخصائيين والنفسانيين، النار على الوزير السابق عبد العزيز زياري متهمة إياه بمحاولة تغيير الخارطة الطبية في الجزائر، وتفضيل قطاع معين على حساب قطاعات أخرى، في إشارة إلى انحيازه للقطاع الصحي الجامعي من خلال تحويل مصالح الصحة العمومية وإدماجها في القطب الصحي الجامعي. وحسب خالد كداد، رئيس تنسيقية نقابات الصحة، فإن خلفيات تحويل مصالح الصحة العمومية على الجامعة أملتها ظروف هذه الأخيرة، حيث تشتكي الإطارات الموجودة فيها من عدم تعيينها في مناصب، الأمر الذي أدى بالوزير السابق عبد العزيز زياري، إلى تحويلها إلى مختلف مصالح الصحة العمومية والجوارية: "إذا كان أطباء وإطارات المصالح الصحية الجامعية يطالبون بمناصب فهذا من حقهم، لكن ليس على حساب الصحة العمومية". وأرجع ممثلو التنسيقية لجوء الوزارة إلى هذا الحل لصالح الجامعيين، إلى كون هؤلاء لا يملكون تجربة تسمح لهم أن يتبوؤا مناصب في المستشفيات الجامعية، غير أن جلها "محجوزة" من طرف إطارات ومدراء تجاوزوا سن التقاعد بكثير، لكنهم لم يغادروا مناصبهم ولم يعيروا اهتمام لتصريحات الوزير الأول عبد المالك سلال، الذي أمر بإحالة كل العمال في مختلف القطاعات إلى التقاعد عند بلوغم سن ال 60 سنة. وفي هذا السياق، ذهب رئيس نقابة الأخصائيين، الياس مرابط، إلى حد اتهام الوزارة علانية بوقوفها إلى جانب الجامعيين على حساب القطاع العمومي: "نحن لسنا ضد إخواننا بالمستشفيات الجامعية، غير أننا لا نريد أن تطغى المشاكل التي يعيشها هذا القطاع على الصحة العمومية، لقد اقترحت الوزارة على هؤلاء الجامعيين الالتحاق بمراكز ومناصب بالمناطق النائية والجنوبية، لكنهم رفضوا وفضلوا البقاء بالعاصمة والمدن الكبيرة المعروفة مثل وهران وقسنطينة.. وبالمختصر أقول أن ما يحدث الآن هو أن هناك محاولة لسحب البساط من مسؤول الصحة العمومية وتسليم المناصب إلى إطارات القطاع الجامعي، وهو في نظرنا اعتداء سافر على المسار المهني للصحة العمومية، ومحاولة لتبرير وتخطي المشاكل التي يعيشها القطاع الجامعي على حسابنا". موازاة مع تأكيد أعضاء تنسيقية الصحة استحالة إبداء أي آراء مسبقة حول تعامل الوزير الجديد للصحة، عبد المالك بوضياف، مع القطاع، فقد فتحوا النار على الوزير السابق عبد العزيز زياري الذي قضى قرابة سنة على رأس الوزارة وصفت من طرفهم بالبيضاء التي لم يتم فيها تحقيق أي تقدم في الملف والمطالب التي رفعها كل الشركاء الاجتماعيين:«لقد أعطينا الوقت الكافي للوزير السابق لفتح الحوار معنا، غير أنه تماطل بل وتجاهل مطالبنا، وبدل ذلك لجأ إلى العدالة وخصم الأجور ومضايقة النقابات والتمييز بين القطاعات، بالإضافة إلى أنه لم يوف بالوعود، الأمر الذي أدى إلى دخول النقابات في صراع معه بعد أن تأكدت أنه لم يأت بأي جديد لعائلة الصحة ولم يقدم الإضافة المرجوة، إذ بدل أن يربح ثقة الشركاء الاجتماعيين ويسعى لتحقيق الاستقرار في هذا القطاع فضل انتهاج سياسة التمييز". ودون الخوض في المرحلة القادمة التي سيعرفها الملف الصحي مع مجىء الوزير الجديد، أقرت النقابات المنضوية تحت التنسيقية، أنها لم تلمس لحد الآن أي مبادرة لحل المشاكل، محذرة من وجود لوبي بالوزارة يعرقل حل المشاكل، خاصة ما تعلق بالنشاط التكميلي: "لقد فتحنا هذا الملف سنة 2003 وقلنا يومها إن النشاط التكميلي يحب أن يطبق، غير أن الوزارة لا تريد أن تخوض في هذا الأمر، لقد قلنا للوزير السابق إن قطاع الصحة يسير نحو الهاوية وأن هناك لوبي يستفيد من هذا الوضع، خاصة المؤسسات الصحية الخاصة، غير أن الأمور لم تسر وفق مطالبنا". لم يجد أعضاء التنسيقية من وصف يطلقونه على التغيير الوزاري الذي مس مؤخرا قطاعهم، سوى القول إنه كان فجائيا، خاصة أنه تزامن مع الدخول الاجتماعي، مؤكدين أن تعيين الوزير الجديد لا يعني أن هناك حلولا لهذا القطاع: "إن التغييرات المستمرة التي مست هرم الوزارة تدل على أن صحتنا تعيش مشاكل في غياب الحلول، لقد استنزفت الصحة 5 وزراء في ظرف 5 سنوات، ونحن بالمناسبة نرحب بالوزير الجديد بوضياف الذي بادر إلى توجيه رسالة إلى مختلف قطاعات الصحة، وأقر فيها بضرورة رفع التحدي وإيجاد الحلول للمشاكل المطروحة، ومن جانبنا نطالبه بإعادة النظر في كل القرارات التي اتخذها من سبقوه". ومع تمني التنسيقية بتغيير الخطاب أو المعاملة مع الوزير الجديد، أكدت أن مشاكل الصحة يجب أن تعالج داخل الأسرة الصحية، وبالتالي فالكل لا يريد أن يعيش الوضع الذي تميزت به فترة زياري، من خلال استماع الوزير الجديد لانشغالات النقابات الصحية والعمل على إصلاح حال الصحة في الجزائر. وفي هذا الصدد فقد عقد الوزير الجديد لقاءات مع نقابات القطاع وتمت دراسة جميع المطالب: "كل ما نتمناه هو أن تدرس كل انشغالاتنا، وقد طلبنا مقابلة الوزير ومازلنا في انتظار رده، وهذا لمطالبته بتوقيف سياسة الإقصاء التي اتبعها الوزراء السابقون، خاصة ما تعلق بتحويل قطاعات الصحية العمومية إلى القطاع الجامعي.. إلى حد باتت وزارة الصحة شبه ملحقة تابعة لوزارة التعليم العالي، وبالمختصر لقد أخطرنا الوزير بكل هذه الانشغالات التي يكون قد وقف عليها ويعرفها، وإذا لم يعمل الوزير الجديد على إصلاح الوضعية الحالية فلن نتعامل معه، خاصة ما تعلق باستغلال قطاع الصحة العمومية لصالح القطاع الصحي الجامعي".