خرج، أمس أكثر، من ثلاثة آلاف محتج إلى شوارع العاصمة السودانية الخرطوم، للمطالبة بتنحي الرئيس عمر البشير بعد أيام من توترات قتل فيها العشرات. وتأتي المظاهرات التي تتواصل لليوم السادس على التوالي في أعقاب قرار الحكومة برفع الدعم عن الوقود وغاز الطهو. وفي حي بري بالخرطوم تجمع أكثر من ألف شخص للمشاركة في جنازة أحد الضحايا، وهو الطبيب صلاح السنهوري، من أسرة بارزة لها صلات قوية بالحكومة. وقال شهود إن أكثر من ألفي شخص انضموا إلى الجنازة وهم يرددون "حرية.. حرية" و«الشعب يريد إسقاط النظام"، وأغلقوا طريقا رئيسيا. وأعلنت مجموعة من السياسيين والنقابات والصحفيين ما وصفوها ب«تنسيقية للثورة". وأعلن ناشطون عن تشكيل تنسيقية قوى التغيير التي باتت تطالب بالحد الأقصى، وهو إسقاط نظام البشير، أن التنسيقية تشكلها أحزاب معارضة ونقابات مختلفة، إضافة لما يسمى منظمات المجتمع المدني. ففي أقل من أسبوع، تقول مصادر من المعارضة، اعتقلت السلطات أكثر من ستمائة شخص، بينما لاتزال أعداد القتلى في تجاذب، حيث تتحدث الشرطة لغاية الآن عن ثلاثة وثلاثين.. أما المعارضة فتتحدث عن عدد قد يتجاوز المئة. وبينما تتواصل الاحتجاجات في البلاد، يتواصل التنديد الدولي بتعاطي النظام السوداني مع الحراك الشعبي. وأعربت واشنطن عن قلقها من سقوط قتلى، ومنظمة العفو الدولية دعت لوقف القمع. أما هيومن رايتس ووتش فتحدثت عن عدد قتلى بعيد جداً عما أعلن رسمياً في الخرطوم. يذكر أن الحكومة السودانية تواصل لزوم الصمت حيال هذه الاحتجاجات التي تشهد اتساعاً غير مسبوق منذ وصول الرئيس عمر البشير إلى الحكم في 1989. وتظاهر، أول أمس الجمعة، أكثر من خمسة آلاف شخص في الخرطوم في أكبر احتجاجات تشهدها العاصمة السودانية منذ سنوات. وذكرت الشرطة، في بيان، أن مجهولين فتحوا النار على مجموعة من المحتجين الجمعة وقتلوا أربعة، ليرتفع العدد الرسمي للقتلى إلى 33 شخصا. فيما يقول ناشطون إن العدد يتجاوز 120. من جهتها أعلنت القوى الثورية في السودان تأسيس "تنسيقية التغيير"، التي أكدت في بيانها الأول أن "الثورة السودانية مستمرة ولا عودة إلى الوراء"، مؤكدة مقتل 116 متظاهر برصاص الأمن خلال 6 أيام من الاحتجاجات على رفع الدعم عن الوقود. وجاء في بيان إعلان تكوين تنسيقية قوى التغيير السودانية: "دأبت سلطة الجبهة الإسلامية منذ انقلابها في الثلاثين من يونيو 1989 على قهر وقمع الشعب السوداني، ولم تتورع عن إشعال الحروب وتقسيم البلاد ونهب مقدرات وثروات الشعب السوداني باسم الدين". وتابعت: "هذه السلطة التي أذلت وقتلت أبناء شعبنا في دارفور والنيل الأزرق وجبال النوبة وقبلهم في محرقة الأهلية بجنوب السودان، واعتقلت وعذبت وقتلت المواطنين الشرفاء في الوسط والشرق والشمال، تواصل اليوم نهجها في قتل المتظاهرين السلميين الذين قالوا لا لتحميل الشعب السوداني فاتورة ربع قرن من السياسات الفاشلة والفساد وسوء الإدارة والحروب. ونتائج هذا لم تعد تخفى على أحد، ففي كل بيت في السودان اليوم شهيد أو معتقل". وقالت التنسيقية إن "آلة العنف والقتل واجهت المتظاهرين السلميين في الأيام الستة الماضية وسقط جراءها حتى الآن 116 بالرصاص الحي فضلاً عن مئات الجرحى والمعتقلين". وواصل البيان: "ولما كان لزاماً على القوى العاملة من أجل التغيير والفاعلة من أجل مصلحة الوطن ومهمومة بقضاياه، أن تجمع كل الجهود لمواصلة هذه الانتفاضة إلى نهاياتها بإسقاط هذا النظام الجاثم على صدر الوطن، فقد اجتمعنا لتكوين تنسيقية لقوى التغيير من التجمعات الآتية: تحالف شباب الثورة السودانية، قوى الإجماع الوطني، والنقابات المهنية (نقابة الأطباء، لجنة المعلمين، نقابة أساتذة جامعة الخرطوم، التحالف الديمقراطي للمحامين، نقابة أطباء الأسنان)، وتحالف منظمات المجتمع المدني". وترفع التنسيقية شعارات "تنحي النظام فوراً وحل كل أجهزته التنفيذية والتشريعية، وتكوين حكومة انتقالية تضم كل أطياف الشعب السوداني تتولى إدارة البلاد لمرحلة انتقالية مقبلة، والمحاسبة والقصاص لكل من شارك في جرائم القمع والتعذيب والقتل في حق أبناء الشعب السوداني، وإيقاف الحرب الدائرة فوراً، ووضع الأسس للسلام المستدام عبر عملية مصالحة وطنية شاملة تخاطب بذور الأزمة السودانية". وأكدت التنسيقية "إننا لن ننخدع بآلة الإعلام السلطوي الكاذب الذي يحاول أن يوصم هذه الانتفاضة المجيدة بجرائم التخريب الذي يرتكبه أفراد أجهزته الأمنية، بينما يقابل أبناء شعبنا يومياً سلطة القمع بصدور عارية وحناجر ملؤها الهتاف من أجل الحرية، وستستمر جماهير شعبنا الأبية في ثورتها المجيدة معتصمة بالشوارع ورافعة راياتها بالهتاف حتى تحقق مطالبها بالحرية والكرامة والسلام والعيش الكريم". وناشدت التنسيقية "كافة الشرفاء في الجيش والشرطة ألا تتلوث أيديهم بالمشاركة في سفك دماء أبناء الشعب السوداني، وألا يشاركوا مع ميليشيات النظام ومرتزقته في جريمة قتل الشعب السوداني".