في منتصف التسعينيات ظهرت الكثير من الموهوبات ممن تخرجن من المعهد العالي للسينما في تلك الفترة ومنهن ساندرا نشأت، التي قدمت مشروع تخرج لفت إليها الأنظار بعنوان "آخر شقاء"، وقدمت فيلما تسجيليا عن المونتير الأشهر والأهم في السينما المصرية كمال أبو العلا . في العام 1998 أنجزت نشأت فيلمها الروائي الطويل الأول "مبروك وبلبل" الذي نالت عنه جائزة أفضل إخراج في مهرجان الإسكندرية، ثم توالت تجاربها الإخراجية، ولكن كلها في السينما التجارية. من هنا تختلف ساندرا نشأت عن سابقاتها في مسألة اهتمامها بقضايا المرأة، إذ يمكن أن نطلق عليها اسم "مخرجة استوديو" كون همها طرح نفسها في السوق السينمائي من طريق تقديم ألوان سينمائية مختلفة، مثل الرومانسي والكوميدي والأكشن، كما ظهر في أفلامها "حرامية في كي جي تو"، و«ليه خلتني أحبك"، و«حرامية في تايلاند"، و«ملاكي اسكندرية" و«الرهينة". المخرجة هالة خليل - تخرجت أيضا من المعهد العالي للسينما في التسعينيات - لم تحصل على فرصة إخراج عملها الأول إلا بصعوبة شديدة خصوصا أن هالة كانت تصر على تقديم عمل سينمائي مختلف عما تشهده السوق السينمائية، تماما مثلما جاء فيلمها الروائي المتوسط "طيري يا طيارة" وهو من أجمل الأفلام التي تتناول المشاعر النسائية في مرحلة المراهقة، ثم سنة 2003 أنجزت فيلم "أحلى الأوقات" وهو الفيلم الذي لاقى نجاحا جماهيريا ونقديا وحصد الكثير من الجوائز في المهرجانات المصرية والعربية.. يقدم لنا الفيلم جماليات سينما يؤكد عليها العمل في حركته باتجاه الحركة الدرامية داخل الفيلم وعلاقاته بين أجزائه وحدود بنائها وإيقاعاته والصلات بين عناصر التصوير والسيناريو والحوار والموسيقى والديكور وأداء الممثلين والذي ينتج في مجمله وليس في تفصيلاته فقط المعنى والدلالة من الفيلم، وتركز هالة خليل على المرأة في أفلامها، وتحديدا على المشاعر التي تبدو بسيطة لكنها في الحقيقة أكثر تعقيدا من سواها من المشاعر، وهذا ما سيتضح في فيلمها الثاني "قص ولزق" نالت عنه جائزتي أفضل عمل أول من مهرجان القاهرة السينمائى الدولي وأفضل فيلم عربي مناصفة مع الفيلم الجزائرى "بركات". أما المخرجة الثالثة والتي لمعت منذ مشروع تخرجها وفيلمها الروائي القصير "قطار السادسة والنصف" فهي كاملة أبو ذكرى، التي قدمت حتى ثلاث تجارب، أولها "سنة أولى نصب"، عملت من خلاله كاملة على طرح اسمها كمخرجة متميزة تملك أدواتها الفنية في السوق السينمائية، ومن بعده قدمت فيلمها الأكثر تماسكا "ملك وكتابة" فيلم حميمي لمخرجة تنجح في القبض على لحظات إنسانية كثيرة. كائنان يمثلان جيلين مختلفين يقوداننا في رحلة إنسانية بعيدة من الشحنات العاطفية القوية، نكتشف معهما الذات البشرية وتعدد وجوه الإنسان أو تحديدا الوجهين النقيضين لكل واحد منا، ثم جاء فيلمها "العشق والهوى" الذي ظهرت فيه موهوبة كاملة الإخراجية. ويعرض فيلمها "واحد صفر" نماذج إنسانية من المجتمع، ويلقي الضوء على أوجاع الناس في مصر. يطرح فيلم المخرجة ماريان خوري ابنة شقيقة المخرج يوسف شاهين "عاشقات السينما" الكثير من الأسئلة حول الدور البارز الذي لعبته الرائدات في مجال العمل السينمائي في بداية القرن العشرين، ويتوقف عند الصعوبات التي صادفتهن في عصر لم تكن المرأة العربية خرجت فيه عن الطوق، ولم يكن فيه المجتمع يسمح لها بالخروج عن المألوف، ويقدم الفيلم التسجيلي حالة العشق التي تملكت ستا من رائدات العمل السينمائي في مصر باختلاف انتماءاتهن الاجتماعية والطبقية والثقافية فدفعتهن للخروج على المألوف وكسر حاجز الرعب المتعلق بالفن حينذاك والمساهمة الكبرى في وضع الأسس الأولى لصناعة شديدة التعقيد مثل صناعة السينما.في "دردشة نسائية" حاولت المخرجة هالة جلال أن تقدم قراءة لأفكار واتجاهات الحركة النسائية المصرية خلال القرن العشرين من خلال ناشطتين في مجال حقوق المرأة والحركة السياسية المصرية هما "د. هدى الصدة "و"هالة شكر الله". تركت عرب لطفى وطنها لبنان وجاءت إلى مصر تدرس السينما وتعيش وتتزوج .. وحينما أتيح لها أن تخرج فيلمها الأول عادت إلى بلدتها (صيدا) التى كان الصهاينة قد اجتاحوها 1978 ودمروا المخيمات الفلسطينية: أفلامها التسجيلية الخمسة التي صورت بين لبنان والأردن ومصر (بورسعيد والإسماعيلية) تتشابك فيها الذاكرة مع التاريخ ومع الهوية الوطنية والثقافية وتعبر عن رؤية خاصة لمخرجتها عرب لطفى. المخرجة المصرية جيهان الأعصر قدمت فيلما قصيرا كمؤلفة ومخرجة يحمل عنوان "الثلاثاء 29 فبراير"، أثار جدلا كبيرا، لأنه حاول فك شفرة العلاقة بين الرجل والمرأة في الشرق. تلك العلاقة التي لا تحكمها المساواة بقدر ما يحكمها التفوق التاريخي الذكوري عبر العصور. قدمت جيهان فيلمها بلغة بصرية رفيعة وعمق واضح مبتعدة عن التراث التلفزيوني في معالجة هذه القضية. وقدمت شيرين غيث في فيلم "همس النخيل" حالة إنسانية واقعية لسيدة مصرية تعمل في صناعة الأقفاص ونظرتها لواقعها وأحلامها التي لم تتحقق.فيلم هديل نظمي "أسانسير" تناول لحظة إنسانية شديدة الدفء لفتاة مصرية محجبة عادية الملامح تحبس في الأسانسير بالمصادفة وأيضا عن طريق المصادفة تأتيها مكالمة على تليفونها المحمول ويبدأ المتصل بمعاكستها .. وبعد أن كانت تغلق التليفون في وجهه أصبحت تنتظر مجيئه لإنقاذها وتتخيل ملامحه وتتأمل أيضا ملامحها .. وتشعر بالحميمية من صوته. وفيلم "مرازيق" إخراج أمل فوزي ويروي قصة أهالي قرية مرازيق الشهيرة بنخيل البلح الذي تعتمد عليه حياة أهالي القرية وهي تبعد عن القاهرة 40 كيلو مترا ويعتبرهم البعض منسيين إلا أنهم يعيشون حياة هادئة ويتعاملون مع واقعهم ببساطة. وتم تصوير الفيلم في موسم الحصاد وهو عبارة عن رصد للعلاقة بين الأرض والرزق في هذه القرية حيث تغيرت صورة العمل جذريا، لكن قوة الإرادة جعلت من الواقع المعيش دافعا قويا لهم على الاستمرار. فيلم "جميل شفيق" لعلية البيلي وفيه عرض لأعمال الفنان جميل شفيق ليس من منطق التتابع الزمني أو التاريخي بل من خلال رؤيته الخاصة وطرحه لمواقف حياته وتناوله للموضوعات المختلفة التي تعكس فكره وأسلوبه الخاص بحس شاعري يسمو فوق دائرة الأحلام الذاتية. درست هالة لطفي الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة ثم درست الإخراج في المعهد العالي للسينما. عملت مساعدة للإخراج في ثلاثة أفلام سينمائية طويلة في السوق التجاري قبل أن تقرر أنه ليس المجال الذي تنتمي إليه. أخرجت ثلاثة أفلام تسجيلية متتالية ("نموذج تهاني" و«صور من الماء والتراب" و«عن الشعور بالبرودة") فحصلت كلها على جوائز. في 2004 أخرجت سبعة أفلام تلفزيونية وثائقية لحساب قناة الجزيرة ضمن سلسلة "عرب أمريكا اللاتينية" منها "ضائع في كوستاريكا"، "الخروج للنهار" فازت عنه بجائزة أفضل مخرجة في مهرجان أبو ظبي السينمائي.وقدمت المخرجة منى عراقي فيلم طبق الديابة (تسجيلي، مصر 2009، 30 دقيقة) ويرصد جريمة إعادة تدوير المخلفات الطبية الخطيرة في مصر وتحويلها إلى منتجات جديدة بدلا التخلص منها وحرقها، إنها قصة إحدى قضايا الفساد في مصر قبل ثورة 25 يناير. وفي فيلمها الأول (ضل راجل) استطاعت المخرجة الشابة "حنان عبد الله" تقديم صورة واضحة عن الواقع اليومي الذي تعيشه النساء في مصر، من خلال سرد حكايات حميمة لأربعة نماذج مصرية، تشابهت قصصهن رغم تباين خلفياتهن الاجتماعية والاقتصادية. أمل رمسيس وقبل العمل في مجال الإخراج درست الحقوق وعملت بالمحاماة، لكن رغبتها في مجال السينما ألحت عليها فذهبت إلى إسبانيا للدراسة لتعود إلى مصر وللكاميرا التي تحبها حاملة فكرا ورؤية وحرفية وليس فقط شهادة دراسية فأخرجت أول أعمالها في مجال السينما التسجيلية تحت عنوان "بس أحلام" إنتاج 2005 ويتناول الحياة الداخلية لنساء مصريات من أجيال وفئات اجتماعية مختلفة من خلال محاولتهن لسرد وتفسير مناماتهن. ثم أخرجت "بيروت فيها بحر" (1999)، "بس أحلام" (2005) و«حياة" (2008). ثم فيلمها "ممنوع"2011 يرصد العمل ومدته 67 دقيقة شهادة عن الوضع ما قبل ثورة 25 يناير عبر مجموعة من القضايا التي شهدتها البلاد قببل الثورة، حيث بدأت المخرجة أمل رمسيس قبل الانتقاضة بثلاثة شهور، وقامت بالتصوير بمفردها في شوارع القاهرة، حيث كانت تختبئ عن أعين الشرطة وتحتمي في منازل الأصدقاء الذين يتكلمون عن كل ما هو ممنوع عمله أو التفكير فيه أو الحديث عنه، وتقف وجها لوجه مع كلمة "ممنوع" والتي تجسدت في مختلف مجالات الحياة اليومية المصرية، لتأتي الثورة التي ينتهي بها الفيلم لتجيب عن الكثير من الأسئلة.وتسرد المخرجة ماغي مرجان بفيلمها "عشم" 6 قصص في مراحل رومانسية مختلفة على خلفية الإضطرابات في القاهرة حتى ثورة 25 يناير. وعلى رغم أن هناك العديد من المخرجات اللواتي يعملن كمساعدات للإخراج أو أتيحت لهن تقديم مشاريع أفلام قصيرة إلا أنهن مازلن يقفن في طابور الانتظار ويحلمن بتجاربهن الأولى.