صدر للدكتور محمد العربي ولد خليفة، رئيس المجلس الشعبي الوطني، بمناسبة المعرض الدولي للكتاب الأخير، عنوان جديد وسم ب "مدخل لدراسة الهيكلة الجديدة للعالم"، يرصد عبره أهم التحولات الاجتماعية والسياسية للعالم العربي. يبدو أن الرجل الثالث في "هرم السلطة" بالجزائر، د. محمد العربي ولد خليفة، يحن في هذه المرحلة العاصفة من تاريخ الوطن العربي والعالم، إلى مخابر البحث التي فارقها منذ مدة بسبب المسؤوليات التي يتقلدها خلال العشريتين الماضيتين، حيث يبرز ذلك جليا في مؤلفه الجديد "مدخل لدراسة الهيكلة الجديدة للعالم" (370 صفحة)، عن منشورات anep، الذي يتناول عبره التحولات الكبرى التي تعرفها المجتمعات العربية في هذه المرحلة التي يصفها المؤلف ب "الحرجة"، مؤكدا أن البحث عن بدايتها لابد أن يكون من "الانذارات الأولى لتفكك الدولة". فبالرغم من أن الكاتب يركز على المسائل التاريخية والجيوسياسية، إلا أن تحليلاته تولي بشكل كبير أهمية للتفاصيل التربوية، الثقافية والاجتماعية... في رصد هذا التحول، وذلك ربما راجع لارتباط تكوينه العلمي الوثيق بالعلوم الاجتماعية (دكتوراه في علم النفس الاجتماعي)، وعبر هذا الاختصاص يركب متنه التحليلي وفق طرح الإشكاليات التالية: - كيف وصلت المنطقة الأفروعربية إلى ما هي عليه من ضعف وتشرذم؟ - أين الخلل؟ - هل تعاد هيكلة العالم في كل مرة في غياب بلداننا، وعلى حساب شعوبنا؟ - ما هو المطلوب من القيادات والنخب ونحن على مشارف نهاية العقد الثاني من القرن الجديد؟ -كيف تستعيد شعوبنا الثقة في قدراتها ومستقبلها وترسخ تضامنها في عالم تقوده الكتل الكبرى، ويتجه نحو التدويل الشامل للاقتصاد والثقافة والإعلام، ويحتكر التكنولوجيا ويفسر الشرعية حسب مصالحه؟ في محاولة الاجابة على هذه الاشكاليات التي يبرز ارتباطها بالعوامل الخارجية بشكل كبير، لا يغفل الدكتور ولد خليفة الاهتمام بمسألة يمكن وصفها بالحيوية على المستوى الداخلي يأتي في مقدمتها "عجز المجتمع عن إنتاج التقدم في مؤسسات التربية والثقافة والعلوم والتراجع العام المصحوب بالغفلة عما يحدث في العالم". كتاب رئيس المجلس الشعبي الوطني، من خلال فصوله التسعة، يتعرض في البداية "الاستمرارية التاريخية بعض مظاهر التواصل والانقطاع" إلى مسألة أصبحت مطروحة بإلحاح منذ بداية القرن الجديد وطرح محاولة التعايش العالمي في ظل إيديولوجية موحدة، وهي مسألة "الحضارات" التي يتطرق إليها الكاتب تحت تساؤل "لقاء الحضارات: تكامل أم صراع؟"، كما يناقش ضمنه قضية "انهيار الدولة وتفكك السلطة". وفي الفصل الثاني "مكاسب العشرينية الذهبية المآثر والمآخذ" الذي يوظف فيه بشكل مكثف المعطيات التاريخية ويسقطها على الواقع، يعود إلى منجزات حركة التحرير الوطني، فيما يطرح قضية أساسية في بناء المجتمعات "مسؤولية النخب القيادية" ويبين كيف أن علاقة الانتليجانسيا العربية بالسلطة "لم تتضح إلى درجة تبعث على الثقة والاطمئنان في أي بلد"، وهو ربما واحد من الأسباب الأساسية التي تحول النخب في بلداننا إلى قوة غير فاعلة، والدكتور ولد خليفة يفصل في هذا الموضوع بشكل جيد. من النقاط الأساسية التي تقوم عليها تحليلات كتاب "مدخل لدراسة الهيكلة الجديدة للعالم"، طرح مسألة تبدو في غاية الإلحاح في هذه المرحلة في كل العالم، وهي مسألة "الديمقراطية وحقوق وواجبات المواطنة" التي يشير إليها الكاتب في نهاية الفصل الثالث من الكتاب، وهنا يمكن التعامل مع هذه النقطة بخصوصية كون الرجل كباحث يتعامل مع عينة اجتماعية وكمسؤول "اليوم" يشرف عن الدفاع عن حقوق المواطن والتأسيس لواجباته القانونية. الكتاب: مدخل لدراسة الهيكلة الجديدة للعالم الكاتب: د. محمد العربي ولد خليفة الناشر: anep سنة النشر:2013