أعلن حزب العمال مشاركته في الرئاسيات المقبلة 24 ساعة فقط بعد استدعاء الهيئة الناخبة من قبل رئيس الجمهورية، بينما يُعلن منافسه في 2004، علي بن فليس مشاركته اليوم، بعد أن سادت أجواء وأخبار تشكك في استدعاء بوتفليقة للهيئة الناخبة. حبس خبر تنقل الرئيس بوتفليقة لفرنسا من أجل فحوصات تكميلية، أنفاس الطبقة السياسية، وبالخصوص الشخصيات الحزبية أو المستقلة التي سبق لها وأعلنت ترشحها لهذا الموعد المصيري، حيث زادت الشكوك حول إمكانية استدعاء الهيئة الناخبة من طرف الرئيس، بل سادت وانتشرت في اليومين اللذين سبقا الاستدعاء، إشاعات قوية عن "وفاة الرئيس بوتفليقة"، برغم البيان الرسمي لرئاسة الجمهورية المطمئن على صحة الرئيس وخلفيات تنقله لفرنسا، وهو ما يؤكد جو عدم الثقة المستشري في المشهد السياسي بين الرئاسة والطبقة السياسية. وكان حزب العمال أحد أهم الأحزاب السياسية الذي أرجأ كغيره من الأحزاب وسط هذه الأجواء المشحونة بالشكوك والتشكيك مسألة الإعلان الرسمي عن الترشح للرئاسيات، بدليل أن حزب العمال لم ينتظر أكثر من 24 ساعة ليُعلن رسميا أمس أنه سيخوض الاستحقاق، ومن دون أدنى شك لن يُقدم لهذا الموعد غير زعيمته لويزة حنون التي سيُسجل التاريخ السياسي الجزائري أنها المرأة الوحيدة التي "تحفظ" ماء وجه المشاركة النسوية في "الاستحقاق الذهبي" لأكثر من عقد ونصف، وساهمت بمشاركتها من حيث لا تريد، كل الملاحظات الإيجابية التي حررتها اللجان والمنظمات الرقابية الدولية في تقاريرها حولة شفافية ونزاهة الانتخابات والإشادة بها لكونها إمرأة استثنائية في الوطن العربي التي لا تقف دولتها ضد أن تشارك في استحقاق من نوع الرئاسيات. ليس هذا فحسب، بل سبق لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، ومنافسها في رئاسيات 2009 أن عبّر عن احترامه وإعجابه بلويزة حنون ومواقفها السياسية، إلى درجة أنه رشحها لاستخلافه في رد على سؤال صحفي فرنسي، وقد حلّت حنون في المرتبة الثانية بعد الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في آخر انتخابات رئاسية، وواصلت نضالها السياسي إلى اليوم على رأس حزب العمال برغم انعقاد مؤتمر آخر وصفتها الصحافة بعد نتائجه بأنها السياسية ذات "الأرواح السبع" في إشارة إلى عدد العهدات التي بقيت بها قائدة للحزب. وكان من أبرز مواقف حنون بعد "إصلاحات" الرئيس التي لا تنال الإجماع، أنها كانت من المعارضين لكوطة المرأة في المشاركة السياسية، معتبرة أن السياسة نضال وليس صدقات، كما بقيت وفية لمبدأ الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج كأبرز مبدأ تقوم عليه الاشتراكية، حيث سارعت لتثمين تأميمات الدولة واستعادتها لمختلف المصانع والشركات، وإعادة فتح ودعم مؤسسات متهالكة اقتصاديا، لكنها بقيت على رأيها القائل بأن السلطة ما تزال في حاجة إلى تغييرات وأنها تؤمن بأن "مرض الجزائري الحالي يوجد في أعلى هرم السلطة". من جهته، سيُعلن علي بن فليس منافس الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في رئاسيات 2004 ورئيس حكومته للعام ذاته وقبله، سيُعلن اليوم عن ترشحه للاستحقاق المقبل، وهو الذي لم يتحدث منذ 2004 ما عدا وعده للرأي العام بإصداره موقف قريب عقب مشاركته في ذكرى رحيل "مثله" الراحل عمار بن تومي. وقد تسرّب عن علي بن فليس أنه سيُشارك ولو ترشح "خصمه الخطير" عبد العزيز بوتفليقة "بحجة أن فرصة بن فليس ستتضاءل بعد ذلك لتقدمه في السن وأنه أيضا قرر المشاركة حتى لا يحاسبه التاريخ والضمير"، كما سرّب البعض الآخر عنه أنه "سيترشح لحصوله على ضمانات شبه رسمية من دوائر مؤثرة تفيد بأن الطريق سيكون معبدا أمامه إلى المرادية لأن غريمه بوتفليقة سيكون غائبا عن رئاسيات 2014 لكن دون التفصيل في شكل هذا الغياب الذي قد يكون بالقوة القاهرة التي تنص عليها القوانين أو القناعة الشخصية". فعلي بن فليس حسب مقربيه من جبهة التحرير الوطني والشخصيات التكنوقراطية، سيكون الرجل الذي سيجلب عاصفة انتخابية سبقها صمت 10 سنوات، فقد تحول من حوله رجال كانوا في صف الرئيس إلى خلية نحل حقيقية تنصب مداومات له في القرى والمداشر، وقد عزز صفوفهم بعض ممن كانوا إلى جانبه في 2004، إلا أن برنامج المترشح علي بن فليس يبقى مجهول المضمون، والذي يُرتقب أن يكشف عنه تدريجيا عقب إعلانه النهائي هو الآخر اليوم، حيث كان علي بن فليس أيضا من الذي فضلوا إعلان الترشح بُعيد استدعاء الهيئة الناخبة لما ساد من شكوك إزاءها، حيث كانت الأخبار تتسرب تباعا عن إرجاء بن فليس لموعد إعلانه ترشحه، في كل مرة إلى غاية تأكده بأن المرسوم يكون قد وقع عليه الرئيس "حتى قبل تنقله للعلاج إلى فرنسا" كما سرّب بعضهم. كما من المنتظر أن يكون برنامج علي بن فليس قد أدخلت عليه تحيينات قد تكون عميقة راعى فيها الأجواء التي ستسود وفقها الانتخابات المقبلة.