يواجه المترشحون للانتخابات الرئاسية المقررة في 17 أفريل المقبل، صعوبة في حشد واستمالة المواطنين في ظل العزوف الذي بدا جليا في الأيام الأولى من انطلاق الحملة الانتخابية، واضطر على إثر ذلك مترشحون ورؤساء أحزاب إلى إلقاء خطاباتهم في قاعات شبه فارغة وأمام قصّر لم يصلوا بعد السن القانونية للانتخاب. يتبين للمتتبع لأخبار الحملة الانتخابية وتحركات المترشحين وممثليهم، فتور الحملة الانتخابية التي فشل فيها هؤلاء في استمالة واستقطاب المواطنين وهو ما يعطي الانطباع بأن الشارع الجزائري فضّل المقاطعة، حيث اضطر، أمس، مرشح حزب عهد 54 فوزي رباعين إلى إلغاء تجمع شعبي بولاية سوق أهراس بعد أن فشل في حشد المواطنين، وألقت الأمينة العامة لحزب العمال لويزة حنون خطابها بولاية الشلف، في قاعة شبه فارغة أمام أطفال قصّر تتراوح أعمارهم ما بين 05 و17 سنة، وعجز وزير الجالية الجزائرية بالخارج السابق، بلقاسم ساحلي، المساند للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة في جمع المواطنين للتجمع الذي نظمه بولاية المسيلة ولم يجد سوى أطفالا ليدافع أمامهم عن العهدة الرابعة. ووجد الثنائي عمر غول رئيس حزب "تاج" وعمارة بن يونس رئيس حزب الحركة الشعبية الجزائرية المساندان للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة، بسوق أهراس، أول أمس، نفسيهما أمام قاعة شبه فارغة واضطرا على إثر ذلك إلى تأخير موعد التجمع بعد أن تعذّر عليهم حشد المواطنين، وأمام هذا الوضع اضطر المنظمون إلى إحضار عمال البلدية ومديرية الصناعة والمناجم ومجموعة من الشباب، ولم يستغرق الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عمار سعيداني، بسطيف، دقائق معدودات بعد أن اضطر إلى تأجيل إلقاء خطابة الداعم للمترشح الحر عبد العزيز بوتفليقة في انتظار تصرّف القائمين على النشاط لملء القاعة. ولا يختلف الوضع كثيرا بالنسبة لمرشح حزب عهد 1954، فوزي رباعين في خنشلة الذي لم يتمكن من حشد جمع من المواطنين، واضطر إلى إلقاء ما في جعبته في قاعة شبه فارغة تضمنت قصرا لم يبلغوا بعد السن القانونية للانتخاب وعدهم على إثرها بإحداث تغيير جذري في حال وصوله إلى سدة الحكم. ووجد عبد العزيز بلخادم وزير الدولة ومستشار رئيس الجمهورية الذي تولى تنشيط تجمع في أول يوم من انطلاق الحملة الانتخابية نفسه في موقف لا يحسد عليه بسبب عزوف المواطنين عن الالتحاق بالمعهد الوطني للتكوين العالي لإطارات الشباب والرياضة مكان تنشيط التجمع، واضطرت على إثر ذلك السلطات المحلية لذات الولاية بإحضار مناصري فريق شباب قسنطينة مقابل مبالغ مالي لا يتعد 300 دج وفقا لما نقلته وسائل الإعلام. سارة. ب بوحجة السعيد (مكلف بالإعلام في حزب جبهة التحرير الوطني).. التجمعات الشعبية ستعرف حركة كبيرة في الأسبوع الثاني من الحملة « في الأسبوع الثاني من الحملة الانتخابية ستعرف التجمعات الشعبية حركة كبيرة، وبما أن الممارسة الديمقراطية تقتضي من كل تشكيلة سياسية استغلال امكانياتها الخاصة، ركزنا في هذه الحملة على العمل الجواري لأنه لا يمكننا جمع كل المواطنين وذلك من خلال التقرب منهم وبالتالي فضلنا التقرب منهم بدلا عنهم". فخري سفيان (ناطق رسمي باسم حزب جيل جديد).. الحملة الانتخابية .. مسرحية « عزوف المواطنين عن الالتحاق بالتجمعات الشعبية للمترشحين دليل على أن الداعون للمقاطعة قد نجحوا في مسعاهم من الناحية الشعبية والسياسية، وهذا مؤشر على أن الانتخابات لن تعرف نسبة مشاركة كبيرة، لكننا نعلم بأن الادارة ستقوم بتضخيمها لكي تضخم نسبة نجاح مرشح النظام ممثلا في عبد العزيز بوتفليقة، كما أن هذا الوضع دليل على أن الشعب أدرك بأن هذا النظام فاشل ويجب عليه الذهاب ولا مجال للاستمرار في اللعبة السياسية، وأحس هذا الشعب الانتخابات هي استخفاف بذكاء الشعب، وعندما يلجأ المترشحون إلى جلب أطفال تتراوح اعمارهم ما بين 03 إلى 08 سنوات فإن هذه الحملة الانتخابية هي مسرحية و ليست جدية" . محمد ذويبي (الأمين العام لحركة النهضة ) العزوف رسالة من المواطنين إلى السلطة الحاكمة لتغيير سياستها « هذا العزوف هو رسالة من الشعب إلى السلطة الحاكمة التي يفترض بها أن تغير من سياستها وإذا لم تنجح في ذلك عن طريق الصندوق فإن الشعب سيفكر في طرق أخرى لأن المواطن لايثق في السلطة والإدارة ومؤسسات الدولة وبالتالي التجمعات لا معنى لها بالنسبة وعلى الدولة ان تعي هذه الرسالة جيدا، واعتقد أن هذا الوضع هو نتيجة طبيعية كذلك لسيرورة الانتخابات في الجزائر لأن الفعل السياسي قضي عليه، في ظل غياب إرادة في التعددية الحقيقية تليه خطوات عملية أثرت سلبا على العملية الانتخابية، عدم احترام إرادة الشعب ولد تدريجيا العزوف السياسي لدى المواطنين الذين اصبحوا لا يعيرون اهتماما لهذه العملية، أردنا ان تكون هذه الانتخابات فرصة للتغيير الحقيقي من خلال الإجراءات المتمثلة في فتح العملية الانتخابية وإبعاد الإدارة عن الانتخابات لكن الحكومة رفضت ذلك وهذا ما سيؤدي إلى مزيد من العزوف ." 3 أسئلة الى عيسى بن عقون (أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة الجزائر 03) يجد مترشحون للانتخابات الرئاسية المقبلة صعوبة في حشد المواطنين، الأمر الذي دفع بعضهم إلى إلقاء خطبهم أمام قصّر لم يصلوا بعد السن القانونية للانتخاب وهو ما لوحظ خلال التجمعات التي نظمت إلى غاية يوم أمس منذ انطلاق الحملة الانتخابية التي انطلقت الأحد الماضي. ما تعليقكم على ذلك؟ في إطار التقييم الميداني لهذه الأحزاب، يتضح بأنها لا تملك قاعدة شعبية خاصة الأحزاب الصغيرة، سواء تعلق الأمر بالمترشح فوزي رباعين أو المترشحة لويزة حنون، أضف إلى ذلك أن الكاريزما السياسية غائبة، ومقترحات هذه الأحزاب لا تتوافق مع مطالب الشعب، كما أنها لا تظهر في الميدان إلا في المواعيد الانتخابية، وبالتالي عندما يعي المواطن بأنها تطلب وده في مثل هذه الحالات لا يستجيب. ما أريد التأكيد عليه كذلك، هو أن الإعلام السمعي البصري سواء العمومي أو الخاص يدعم مرشح النظام وبالتالي يدعو الناس إلى المقاطعة، هناك قنوات إعلامية خاصة ظهرت منذ عامين لا داعي لذكر أسمائها لها تأثير في المجتمع أحس شخصيا أنها تدعو إلى المقاطعة بدعم من الإدارة خدمة لمرشح النظام لأنها لا تريد أن تكون هذه الانتخابات مفتوحة في ظل إمكانية فشل المرشح الذي تسانده فيها، وأقصد بذلك أن صناعة الرأي العام في اتجاه المقاطعة يعكس عدم إقبال المواطنين. هل نفهم من قولكم هذا أن هذا الوضع هو مؤشر على ارتفاع نسبة عزوف المواطنين عن المشاركة في الانتخابات المقبلة؟ هذا مؤشر أولي لاسيما أننا في الأيام الأربعة الأولى لكن هذا لوحده لا يكفي لنجزم بأن المواطنين سيقاطعون هذه الانتخابات في ظل إمكانية حدوث مستجدات في الأسبوع الثاني أو الثالث من عمر هذه الحملة بإمكانها تغيير مجرى الأمور، لاسيما أن بعض الشخصيات قدمت وصفة تتعلق بالتوجيهات العامة على غرار زروال وحمروش يمكن أن تمس حساسيات بعض المواطنين وتحرك الحملة، لكن نواجه اليوم صناعة رأي عام في هذه الانتخابات لصالح مرشح معين من خلال تكريس المقاطعة التي تخدم الرئيس المنتهية عهدته لأن مشاركة المواطنين ستحدث المفاجأة في هذه الانتخابات. هل تعتقدون أن المترشحين للانتخابات الرئاسية في ظل هذا العزوف مطالبون بتغيير خطاباتهم؟ أعتقد أن المترشحين ملزمون اليوم بالتنسيق مع تنسيقية الأحزاب والشخصيات المقاطعة للانتخابات الرئاسية والتحالف معها في إطار التفاوض من أجل الخروج من هذا الوضع، لأن الأحزاب المقاطعة مخطئة في اعتقادي وموقفها هذا يصب في إطار تكريس الاستمرارية للنظام الحالي، وكان يجدر بهذه الأحزاب أن تختار مرشحها أو تساند مرشحا آخر وتدعمه بدلا من المقاطعة لأنها تمنح بذلك فرصة لمرشح النظام بأن يستمر هذا الوضع وهذا ما يدفعني إلى القول بأن أمرها مشكوك فيه لاسيما بعد اتخاذها هذا الموقف.