يعرف الوضع الأمني بليبيا وتونس، خلال الأسبوع الجاري، تأزما كبيرا، حيث هوجم، أمس، منزل وزير الداخلية، لطفى بن جدو، في سابقة، عشية تفكيك بلده لشبكة إرهابية -الأحد الماضي- تتألف من 16 عنصرا بحوزتها كميات من المتفجرات والأحزمة الناسفة على مقربة من الحدود مع ليبيا، هذه الأخيرة التي هاجم بها مسلحون وحدة الحراسة التابعة لوزارة الداخلية والمكلفة بحماية أعضاء الحكومة الليبية المنتهية ولايتها، وأطلق مسلحون مجهولون قذائف صاروخية (أر بي جي) على منزل معيتيق، الذي منح البرلمان ثقته لحكومته. فيما حثت الولاياتالمتحدة مواطنيها على مغادرة هذا البلد "فورا"، معلنة عن إرسالها سفينة هجومية برمائية إلى المنطقة استعدادا لأي إجلاء محتمل لأفراد السفارة الأمريكية بليبيا. أكثر من 10 إرهابيين يهاجمون منزل وزير الداخلية التونسي لقي ليلة أول أمس، أربعة أعوان أمن مصرعهم بمدينة القصرين، بتونس، في هجوم إرهابي مسلح على منزل وزير الداخلية، لطفى بن جدو، في حادثة تعد الأولى من نوعها التي تطال مقر سكني عضو في الحكومة. وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية، محمد علي العروي، أمس الأربعاء، في تصريح إذاعي، أن عدد الإرهابيين الذين هاجموا منزل وزير الداخلية، لطفي بن جدو، تسللوا من جبل "السلوم" وأن عددهم يفوق ال 10 إرهابيين. وكانت إحدى المحطات الإذاعية التونسية قد ذكرت أن الهجوم نفذ بواسطة رشاشات من نوع "كلاشينكوف" وأن الإرهابيين كانوا ملثمين وأمطروا أعوان الأمن بوابل من الرصاص بعدما فشلوا في اقتحام منزل الوزير. وسبق للحكومة التونسية أن أعلنت يوم الأحد الماضي عن "إفشال" مخطط إرهابي كان يستهدف "إلحاق الدمار" بالبلاد من خلال ضرب منشآت اقتصادية وسياحية "وتصفية" عدة شخصيات، وذلك بعد أيام فقط من اتخاذ السلطات العسكرية تدابير "استباقية" تحسبا لتدهور الوضع الأمني بليبيا واحتمال "تأثيره" على الوضع بتونس. وفي هذا السياق، كان مسؤول الجهاز التنفيذي، مهدي جمعة، قال إن قوات الأمن "أنقذت البلاد من مخطط دمار" وذلك بعد توليها تفكيك شبكة إرهابية تتألف من 16 عنصرا بحوزتها كميات من المتفجرات والأحزمة الناسفة على مقربة من الحدود مع ليبيا. وأبرز وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو أن هذا المخطط الإرهابي كان يتمثل فى تسلل إرهابيين من الأراضي الليبية نحو التراب التونسى "لضرب" منشآت صناعية ومرافق سياحية وتصفية عدة شخصيات. مسلحون يطلقون قذائف صاروخية (أر بي جي) على منزل معيتيق هذا وبليبيا سجل في إطار تفاقم الوضع الأمني، هجوم مسلحين على وحدة الحراسة التابعة لوزارة الداخلية والمكلفة بحماية أعضاء الحكومة الليبية المنتهية ولايتها، حسب ما أعلن مسؤولون، أول أمس، وقد أدانت الحكومة بشدة في بيان الهجوم على وحدة وزارة الداخلية دون أن تشير إلى وقوع إصابات، مؤكدة أن الهجوم الذي، وقع مساء الثلاثاء، بالعاصمة طرابلس، نفذه "خارجون عن القانون". الولاياتالمتحدة تحث مواطنيها على مغادرة ليبيا "فورا" يبدو أن الهجوم الذي وقع على وحدة حرس الحكومة وزاد من الاضطراب الأمني الذي تغرق فيه ليبيا، دفع بوزارة الخارجية الأمريكية إلى حث المواطنين الأمريكيين الموجودين بليبيا على مغادرتها فورا، واصفة الوضع الأمني بليبيا بأنه "غير مستقر ولا يمكن التنبؤ بتطوراته". وفي وقت سابق، أعلنت الولاياتالمتحدة إرسالها سفينة هجومية برمائية إلى المنطقة استعدادا لأي إجلاء محتمل لأفراد السفارة الأمريكية بليبيا. وكانت المخاوف بشأن الوضع بليبيا قد زادت بعد اشتباكات دامية بين قوات يتزعمها اللواء المتقاعد خليفة حفتر ومليشيات إسلامية مسلحة في مدينة بنغازي، وتحذير جماعة "أنصار الشريعة" الإسلامية ببنغازيالولاياتالمتحدة من أنها ستواجه "أسوأ مما واجهته بالصومال والعراق وأفغانستان إذا تدخلت بليبيا"، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز". محمد عبد العزيز: الدفع بالحوار والتوافق الوطني بليبيا لابد أن تساهم فيه دول الجوار وفي سياق الوضع الأمني بالمنطقة، أشاد وزير الخارجية والتعاون الدولي الليبي، محمد عبد العزيز، بنتائج الاجتماع الذي احتضنته الجزائر على هامش اجتماع حركة عدم الانحياز حول الوضع ببلاده، مبرزا أهمية الاجتماع الذي تحتضنه تونس الأحد المقبل، موضحا في تصريح للقناة الإذاعية الجزائرية الأولى، أن الاجتماع على مستوى الوزراء لدول الجوار الذي جرى، أول أمس الثلاثاء، له أهمية كبرى. كما أشاد بالدور المحوري الذي تقوم به الجزائر، قائلا "كانت أثناء الاجتماع مناقشة صريحة وتشخيص للوضع الليبي سواء في البعد السياسي أو الأمني أو الاجتماعي، ووصلنا إلى قناعة كاملة بأن الدفع بالحوار والتوافق الوطني في ليبيا لابد أن تساهم فيه دول الجوار بطريقة فعالة". كما أبرز وزر الخارجية الليبي أهمية التنسيق الأمني مع الجزائر، وقال في هذا الصدد إن التنسيق مع الجزائر كدولة شقيقة تنسيقا قائما ومستمرا مثلما كان الأمر عندما شاركت الجزائر في مؤتمر طرابلس منذ سنتين حول أمن الحدود، والذي اعتمد خطة عمل طرابلس حول التعاون العملياتي في مجال أمن الحدود. وكان هناك أيضا تنسيق مع الجزائر على كافة المستويات الثنائية بتبادل للزيارات لوزراء الداخلية وأجهزة المخابرات، إضافة إلى التنسيق في إطار إتحاد دول المغرب العربي، لا سيما أن ليبيا تترأس الآن الإتحاد، وكانت الجزائر من الدول السباقة لتقديم الدعم لليبيا خاصة فيما يتعلق بالبعد الأمني وأمن الحدود. يحيى. ر/ الوكالات 3 أسئلة إلى: الدكتور مناس مصباح المحلل السياسي ما تقييمكم لآخر مستجدات الوضع الأمني في ليبيا بعد مهاجمة بيت رئيس الحكومة الجديد؟ ما حدث ليس مفاجئا، فعندما نتحدث عن الوضع الأمني في ليبيا، يجب أن نعود إلى النقاط التي تحدثنا عنها في مناسبات سابقة، حيث قلنا أنه ليس هناك دولة في ليبيا بالمفهوم المؤسساتي، وهذا قبل ما يسمى ب«الثورة الليبية"، بالإضافة إلى تدهور الوضع بعدما سميى ب«الثورة"، وبالتالي، هناك حكومة على الورق، وليس لديها جيش قوي قادر على حماية الأفراد والمؤسسات، وعليه، فإن ما يحدث هو ترجمة لتدهور الأوضاع في هذا البلد، وأي حادث مماثل في المستقبل لن يكون مفاجأة. مسؤول أمريكي أعلن أمس (الثلاثاء) أن بارجة هجومية ستصل خلال أيام إلى السواحل الليبية، على متنها 1000 من مشاة البحرية "المارينز" لإجلاء طاقم السفارة الأمريكية من طرابلس، هل تعتقدون أن هذا سيؤدي إلى مزيد من التدهور، خاصة مع تحذير زعيم "أنصار الشريعة" للولايات المتحدة مما سماه "التدخل في أزمة البلاد"؟ الولاياتالمتحدة كانت القائد الفعلي لعملية الناتو، وهذا ليس جديدا، لأنه لولا التدخل العسكري للناتو، لما تم إسقاط نظام القذافي، كما أن الولاياتالمتحدة، بطريقة أو بأخرى، لها تدخل في الشأن الليبي، والخطر ليس في تدخل البارجة في حد ذاته، وإنما في أن يكون ذلك مقدمة لإعلان ليبيا دولة فاشلة، وجعلها مقدمة لتدخل الولاياتالمتحدة واحتلالها، على الطريقة العراقية، بالتنسيق مع الناتو، وهذا هو السيناريو الأخطر، بأن يكون تدهور الأوضاع أحد المبررات لإعادة التموقع الأمريكي، واحتلال ليبيا بحجة أنها غير قادرة على تأمين نفسها. بالنسبة للجزائر، ما هي الإجراءات التي يمكن اتخاذها في مواجهة الوضع الليبي ؟ الجزائر اتخذت احتياطات، ورفعت سقف ميزانية الدفاع لتأمين الحدود، وزيارة نائب وزير الدفاع إلى المنطقة، كلها إجراءات تدخل في إطار تأمين الحدود الجزائرية، خاصة على الجبهة الليبية، وفي اعتقادي أن الجزائر تساعد ليبيا في المجال الأمني، ليس تدخلا في الشأن الداخلي الليبي، وإنما هذا يدخل في مصلحة الجزائر، بالإضافة إلى تأمين الحدود، لأنه ليس لدينا بديل أفضل، فليس بسيطا تأمين هذه الجغرافيا الممتدة على مسافة أكثر من 6 آلاف كيلومتر، منها تقريبا ألف كيلومتر من الحدود مع ليبيا، وإنما يتطلب توفير إمكانيات مادية وبشرية هائلة، وهذا ما تقوم به الدولة الجزائرية. سأله: وليد غرايبية 3 أسئلة إلى: الدكتور أحمد عظيمي المحلل السياسي والخبير الأمني ما هي قراءتكم لحادثة الهجوم على بيت وزير الداخلية التونسي؟ الأمر عادي جدا عندما يكون بلد في وضع أمني غير مستقر، بالإضافة إلى تأثير الوضع الليبي على الوضع التونسي، وهذا يبين أن هناك تنسيقا بين هذه المجموعات، حيث تزامن الهجوم على بيت وزير الداخلية التونسي مع الهجوم على بيت رئيس الحكومة الليبي، مما يعني أن هناك تخطيطا لاستهداف نفس الأماكن وشخصيات معينة. الحادثة جاءت أثناء تواصل العمليات في جبل الشعانبي، الموجود تحت الحصار، أي تحد أمني أصبحت تواجهه تونس بعد هذه العملية؟ هذه العملية نوعية، أثبتت أنه كلما يتم الضغط على هذه الجماعات في منطقة تنتقل إلى منطقة أخرى، فهناك ضغط عسكري عليها في جبل الشعانبي، فتحول عملها إلى عمل في المدن، فعندما يستهدفون شخصيات بعينها، فهم بهذا يقومون بزرع الرعب في نفوس المواطنين، لأن المواطن البسيط يقول بما أن بيت وزير الداخلية تم استهدافه، فماذا يكون الأمر بالنسبة لي، وبالإضافة إلى زرع الرعب، فإن العملية كانت عملا اتصاليا بالدرجة الأولى، ينتج عنه تأثير نفسي كبير، الغرض منه إرسال رسالة إلى المسؤولين في تونس، وإلى الخارج، مفادها التأكيد على أن تونس ليست بخير، من الناحية الأمنية، وبالتالي، التأثير على السياحة في تونس. برأيكم، أي دور يمكن أن تلعبه الجزائر في إطار التنسيق الأمني بين البلدين؟ بالنسبة للجزائر، لابد أن نعترف بأننا فرطنا في محاربة الإرهاب كفكر، فقد كان من المفروض، منذ سنة 2000، أن نضع إستراتيجية متكاملة للقضاء على الإرهاب واجتثاث الفكر الإرهابي، ولكن، للأسف، لم نقم بهذا، صحيح أن الجيش والأجهزة الأمنية حاربت الجماعات الإرهابية، ولا زالت، ولكن، لحد هذه اللحظة، لم تواجهه فكريا، من خلال القضاء على الجماعات التي تروج للفكر الإرهابي، وتشجع العمل الإرهابي، وتجند الأشخاص، حتى تصبح الجماعات الإرهابية لا تستطيع تجنيد مقاتلين. من ناحية ثانية، الإرهاب أصبح عابرا للحدود، فعندما نضغط عليهم في الجزائر، يفرون إلى تونس، أو ليبيا، التي أصبحت أكبر مساحة مفتوحة في العالم للجماعات الإرهابية، كي تتدرب، وتستريح، وتلتقط أنفاسها، للهجوم على مناطق في ليبيا، أو تونس، أو محاولة التسلل إلى الجزائر، وبالتالي، هذا الوضع الصعب يفرض ضغطا كبيرا على العسكريين والأمنيين.