يقول الخبير الاقتصادي مصطفى مكيداش، إن الإنتاج الفلاحي وقطاع البناء كانا في الصدارة مقارنة بالقطاعات الإقتصادية الأخرى بتحقيقهما نسب نمو جيدة· كيف تقيمون الأداء الاقتصادي للجزائر سنة 2009؟ هي في الحقيقة إذا قورنت مع البلدان الأخرى وما حدث على المستوى العالمي ''الأزمة المالية العالمية''، حيث أن الصدمة كانت قوية، غير أنها مرت على ما يرام ولم تكن الميزانية سلبية رغم أن الإيجابية لم تكن في المستوى المطلوب، وبالنسبة للمشاريع التنموية، اعتبر سنة 2009 من أكبر السنوات تمويلا وهو أمر إيجابي· الأمر الذي يمكن وصفه بالأمر السلبي هو التضخم الذي يلاحق الجزائر، حيث وصل هذه السنة إلى أكثر من 5 بالمائة مع ارتفاع سنوي بنقطة· القطاع الفلاحي كذلك عرف نموا قويا وقفزة نوعية هذه السنة، من خلال تسجيل محصول تجاوز 60 مليون قنطار، ومن الأسباب التي أسهمت في هذا النمو عدة عوامل مادية وموضوعية، لكن القطاع الصناعي لم يعط ما كان منتظرا منه، حيث لم تتعد نسبة النمو 3 بالمائة وهي نسبة غير كافية، لأن الجزائريين كانوا قادرين على تحقيق أداء أفضل بإنشاء شركاتهم الخاصة والمساهمة بفاعلية في قطاع الأشغال العمومية· قطاع الخدمات عرف هو الآخر نقصا ولم يحقق ما كان منتظرا منه، ولابد من تعزيز منظومة الخدمات والتركيز على التكوين· كما سجلنا عجزا في تنظيم الأسواق، حيث كانت من أسباب التضخم التي عرفتها البلاد، التهاب أسعار الفواكه والبقوليات، إذ تحتاج لتنظيم حتى تكون هناك مراقبة فعلية ودورية تسمح بخفض الأسعار التي فرضتها المضاربة· سنة 2009 عرفت استصدار قانون المالية التكميلي الذي أعطى دعما للمؤسسات الوطنية على المستوى الجبائي، وسهّل الحصول على القروض التي يمكن لكل المؤسسات الحصول عليها دون استثناء وليس فقط لتلك التي تنشط في قطاعي البناء والسياحة بل كل القطاعات الإنتاجية· من جهة أخرى هناك نقطة لا يمكن إغفالها، فقطاع البناء الذي عرف قفزة نوعية تعدت 10 بالمائة، يمكن أن يخفف الضغط الاجتماعي من خلال بناء السكنات· ما هي توقعاتك لأداء الاقتصاد الجزائري سنة 2010؟ أولا سنة 2010 هي بداية البرنامج الخماسي الذي أقره رئيس الجمهورية، وأعتقد أنه سيتمم القواعد الأساسية التي شرع فيها من خلال سياسة الإصلاح، وأعتقد أنه لا بد أن نأخذ بعين الاعتبار القطاعات الإنتاجية حتى تكون سنة صناعية تمكن الجزائر من مواجهة المنافسة الجهوية والعالمية، كما هو معلوم نحن دخلنا في سوق حرة مع الدول العربية والسوق الأوروبية، لذلك يتوجب علينا ترقية صناعاتنا وعدم الاكتفاء بالسلوك الدفاعي، كما أرجو أن تخصص الجزائر مجالا من حيزها في التركيز على التجديد الطاقوي· ماذا تقصد بالتجديد الطاقوي؟ لا بد الخروج من النموذج الطاقوي الذي يركز على المحروقات إلى نموذج جديد يهتم بعناصر طاقوية جديدة، فنحن نعتمد حاليا بنسبة 100 بالمائة على المحروقات في إنتاج الطاقة، لذلك أقترح أن يتم تخصيص في الفترة الممتدة على 20 سنة أهدافا انتقالية تمس على الأقل 15 بالمائة من تلك النسبة في طاقات أخرى نذكر منها الطاقة الشمسية والطاقة النووية، إلى جانب التقليل من تبذير غاز البترول المميع وتقليص استهلاك المازوت·