بحلول الفاتح جانفي 2010 تنتهي سنة من التحولات المالية والتنموية التي شهدتها الجزائر ووازتها سياسة اقتصادية وصفت بالمتزنة بعد نجاحها في ضمان نهج ثابت لمسيرة الاقتصاد الوطني في ظل أزمة عالمية لا تزال تبعاتها تعصف بعواصم المال والأعمال··· في خضم ذلك انتهجت الجزائر سنة 2009 مسارا حمائيا قام على تطبيق استراتيجية تشجيع الإنتاج الوطني وتقليص نسبة الواردات مع دعم مستمر للتوازن الاجتماعي، وقد جسدت هذه الاستراتيجية على مراحل كانت أولاها المصادقة على قانون المالية التكميلي لسنة 2009 الذي وضع حدا لمختلف الظواهر الدخيلة التي عصفت بالاقتصاد الوطني لسنوات، وبموجبه تم تحقيق نسبة نمو للناتج الداخلي ب 4% و11%خارج المحروقات وسعر متوسط لبرميل البترول قدره 37 دولار، وقد ساعدت على هذا النمو النفقات العمومية المكثفة من بناء ومنشآت فنية كبرى، في حين حافظ الإنتاج الصناعي على متوسط نموه بنسبة 3,5 % بالرغم من الزيادة في الطلب الداخلي، في حين اعتلى قطاع النسيج سلم الترتيب بنسبة نمو قدرت ب4,3% ، بالإضافة إلى ذلك ركزت الدولة جهودها على تعزيز وتنويع القاعدة الاقتصادية من خلال الاهتمام بترقية الاستثمارات التي ارتفعت بحوالي 40% في قطاعي الفلاحة والصناعة مع الاهتمام بالمحروقات من خلال البحث والتنقيب. هذا وعرف قطاع السكن ديناميكية سريعة سجلت نسبة نمو ناهزت 7,22%، كما عرف قطاع الفلاحة انتعاشا استثنائيا ميزته وفرة إنتاج الحبوب بمعدل 61 مليون قنطار بارتفاع تجاوز نسبة ال60% مع مسح 95% من ديون الفلاحين المقدرة ب41 مليار دينار، وفي نفس السياق كشفت أرقام مصالح الجمارك عن تراجع حجم الواردات المتعلقة بالمواد الغذائية، حيث ناهزت 384 مليون دولار بعدما كانت تقارب ال572 مليون دولار، متراجعة بنسبة 32,87 % وقد واكب تراجع الواردات الغذائية استمرار الدولة في دعم أسعار المواد الضرورية وخصصت لذلك 260 مليار دينار، في حين قدرت تبعات مراجعة الأجر الوطني الأدنى المضمون وتطبيق النظام الجديد لتعويضات الموظفين ب230 مليار دينار· وعلى غرار باقي دول العالم الثالث لم يكن الاقتصاد الجزائري في منأى عن تبعات الأزمة العالمية، حيث أثرت على الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي تسيطر مداخيل المحروقات عليه بنسبة 98%، حيث أنه ومع نهاية السنة كشفت الأرقام عن تراجع الصادرات بنسبة 40,45% مسجلة 39,5 مليار دولار بدل 72,41مليار دولار، كما تراجع فائض الميزان التجاري إلى4,2% مليار دولار بدل 36,35مليار دولار، وجاء هذا التراجع نتيجة انخفاض أسعار البترول في الأسواق الدولية بعدما بلغت عتبة 149 مليار دولار في مرحلة سابقة· من جهة أخرى عرفت البطالة تراجعا هي الأخرى وقدرت ب 10,9% بفضل نجاعة النشاطات خارج المحروقات التي بلغت 11% وكذا مواصلة برامج دعم التشغيل، حيث تم خلق حوالي 900 ألف منصب شغل، 50% منها تابعة لقطاع الأشغال ذات المنفعة العمومية، هذا واستطاعت الجزائر رغم الصدمة المالية العالمية أن تحافظ على احتياطات الصرف الرسمية التي قدرت ب144 مليار دولار، ما يظهر حسب المختصين أن الوضعية المالية الخارجية متينة رغم التبعات السلبية على ميزان المدفوعات الذي سجل عجزا قدر ب 1,6مليار دولار· ويبقى الرهان الأساسي بالنسبة للاقتصاد الجزائري في إمكانية تحقيق تنويع في مصادر المداخيل سواء الداخلية أو الخارجية مع التقليص من الاعتماد على المحروقات كمداخيل رئيسية.