كانت للرسالة الصوتية الأخيرة المنسوبة إلى أسامة بن لادن الذي ظهر بعد غياب طويل، طرح العديد من التساؤلات حول وجود زعيم القاعدة على قيد الحياة من عدمه، أكثر من دلالة، إذ أن الهدف من هذه الرسالة الصوتية التي بثتها قناة ''الجزيرة'' مؤخرا، كان التأكيد على مواصلة الهجمات على الولاياتالمتحدة على الرغم من مبادرات باراك أوباما للعالم الإسلامي الذي يوصف بالأقل تشددا من سابقه بخصوص ملف مكافحة الإرهاب، ثم أن مقارنة بن لادن بين الهجوم الفاشل على طائرة ديترويت عشية أعياد الميلاد وبين هجمات الحادي عشر من سبتمبر تعد إشارة إلى وضع القاعدة الحالي الذي تعتريه العديد من نقاط الوهن وحتى التساؤلات، وبدا واضحا من خلال حديث بن لادن أن القاعدة تخشى من أنها تخسر معركة كسب القلوب والعقول· ويستشف من الخلفية الحقيقية للشريط الصوتي أنه خطاب موجه إلى العالم العربي والإسلامي وليس الرئيس الأمريكي أوباما والعالم الغربي· رسالة بن لادن ركزت على الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وهي قضية لم تكن مهمة من قبل لزعيم تنظيم القاعدة، إلا أن بن لادن حاول بذلك اكتساب بعض من شعبية القاعدة المتراجعة بشدة بسبب العدد الضخم من الضحايا المدنيين الأبرياء التي خلفتها الهجمات الإرهابية خاصة بالدول الإسلامية والعربية· ويشير في هذا الصدد مركز مكافحة الإرهاب في الولاياتالمتحدة إلى أن 15 في المئة فقط من الضحايا البالغ عددهم 3010 الذين قتلتهم القاعدة بين عامي 2004 و2008 كانوا من الغربيين· وهناك مخاوف أخرى لدى القاعدة برأي المحللين وخبراء الجماعات الجهادية، وهو أنها صارت مقطوعة الرأس، ويعني ذلك هو أن العناصر الرئيسية في التنظيم بعد أن طردت من أفغانستان هربت إلى العراق وإيران وباكستان· وحتى أولئك الذين فروا إلى العراق قتلوا الآلاف غالبيتهم من المسلمين لكنهم قتلوا الآن أو أنهم بالكاد هم قادرين على العمل· وحتى الإرهابيين الذين ظلوا طلقاء صار مجال نشاطهم ضيقا وظروفه صعبة، كما يبين ذلك العدد غير المسبوق من الاعتقالات·