اختار الشاعر احمد بوزيان أن يكون جديد إصداراته هذه المرة ديوان شعري مسموع و مقروء على شكل ملحمة مستوحاة من تاريخ الجزائر يحمل عنوان "بابا مرزوق سيد مدافع المحروسة" ، يساهم الشاعر من خلاله في تحسيس الجزائريين بواجب التحرك من اجل استرجاع هذا الرمز" بابا مرزوق" الذي لا يجوز ببقائه أسيرا غريبا بفرنسا. عبر 230 بيتا يسرد لنا الشاعر أحمد بوزيان وقائع تاريخية مشرقة من جهاد و مفخرة الجزائريين. و جاء تصدير هذا المؤلف الذي صدر بدعم من الديوان الوطني لحقوق المؤلف و الحقوق المجاورة بقلم مستشار رئيس الجمهورية الأستاذ محمد بن عمرو الزرهوني الذي نوه بمبادرة الشاعر في تنظيم هذه الملحمة التي جعلت من مدفعنا الهمام بابا مرزوق يمثل حيا ناطقا أمام من كان و ما لايزال يعلم شيئا عن وجوده في تاريخ الجزائر ثم فرنسا. كما عبر في كلمته عن امتنانه بالشعر الملتزم الهادف الذي يعنى بالقضايا الوطنية و المساير لركب التجديد الوطني في سبيل استرجاع رموز أمجادنا لاستكمال ترميم ذاكرتنا الجماعية التي هتكها و خربها الاحتلال الاستدماري الطويل ولم يخف الأستاذ الزرهوني في مقدمة الديوان في التذكير بدور هذه الملحمة التي ستساهم حتما في تحسيس الجزائريين و الجزائريات بواجب التحرك من أجل استرجاع المدفع "بابا مرزوق". و بدوره الشاعر احمد بوزيان يؤكد من خلال أبياته الشعرية مدى مفخرته بهذا الرمز الذي احدث العديد من النجاحات الباهرة، اذ تم صنعه على يد الباشا حسان سنة 1542م، و يبلغ طوله 7 أمتار ، ومداه 4872 متر، كان يشرف عليه آنذاك أربعة أشخاص من رجال المدفعية ، استطاعه أن يمنع سفن العدو من الولوج إلى خليج الجزائر لردح طويل من الزمن و أطلق عليه اسم " بابا مرزوق" لشدة انبهار سكان المحروسة بنجاعته و قوته و بلائه الحسن في الدفاع عن مدينتهم... و في هذا الصدد يقول الشاعر: كانت لي زمان صولة جاملها خصلة و طولة فرساني كلها فحولة كنت الدرع على الرعية و الحكام غنمت مع الأحباب جولة كنت سلاح العز كي كانت الأيام صاعي كان زمان وافي كما يلجئ الشاعر دون شعور إلى البوح ليتجاوز ما قام به المغرضون و المجرفون لمحو ذاكرتنا و مسخ هويتنا لإحداث فجوة بين ما ضينا و حاضرينا بقطع مرجعيتنا التاريخية ويقول : لا رحمة لا قلوب تشفق و السور العالي تشقق و الوحدة صفها تفرق سفكوا دم العباد و ترجت الأرحام وعدونا حلمه تحقق وعزف على جراح قلبي كم أنغام ورمى ورد على ضفافي و على شكل حوار بين المدفع و الشاعر الغيور على ذاكرته التاريخية يسترجع احمد بوزيان أحداث هامة صنعت مجد تاريخ الجزائر العريق يحاول رسكلة الذاكرة و التعريف بهذا الرمز من خلال الجمع بين المادة التاريخية و العنصر الدرامي و القالب الفني من جهة ومن جهة أخرى يتطلع إلى صحوة القائمين على بلادنا و مبادراتهم لمطالبة السلطات الفرنسية بتسليم الرمز الغالي " بابا مرزوق". تجدر الإشارة إلى أن ملحمة " بابا مرزوق سيد مدافع المحروسة" جاء بطبعة أنيقة مرفقا بسي دي ، و هو من إنتاج الوكالة الإفريقية للإنتاج الثقافي و السينمائي و بدعم من لوندا، و يعتبر الديوان الثالث للشاعر احمد بوزيان الذي سبق و أن أثرى الساحة الثقافية بدوانه الموسوم" وحي الوئام" و الديوان المسموع و المقروء " بين الممنوع و الممتنع".