يتحدث، البينيني، نيكولا دوترافو، رئيس فرقة المجتمع الثقافي ''فيلي'' البينينية، في هذا الحوار الذي خص به ''الجزائرنيوز'' عن إيجابيات الطبعة الرابعة للمهرجان الثقافي العربي الإفريقي للرقص الفلكلوري الذي تحتضنه ولاية تيزي وزو، وعن المكانة المرموقة التي يحظى بها هذا النوع من الرقص الشعبي في البينين، كما تطرق، كذلك، إلى بعض الأخطار التي تهدد الهوية الثقافية الإفريقية، مقترحا حلولا من شأنها أن تساهم في تطوير وتنمية الرقص الفلكلوري الإفريقي، وأن تحافظ على الموروث الثقافي الإفريقي· ما هو تقييمكم للطبعة الرابعة للمهرجان الثقافي العربي للرقص الإفريقي؟ أعتبر هذا المهرجان ناجحا، فقد مكننا من معرفة صورة أخرى عن الجزائر، لم نكن نعرفها، وهذا المهرجان الذي شاركت فيه عدة دول عربية وإفريقية، سمح باندماج كبير بين الوفود المشاركة فيما بينها، وحقق نوعا من الاتصال والتبادل الثقافي، وأرى أنه بإمكانه أن يأتي بأشياء إيجابية للثقافة الإفريقية والعربية، وأريد الإشارة إلى أن هذا المهرجان مميز جدا، فهو في أعلى مستوى من جميع النواحي، فكل الشروط الضرورية والإمكانيات اللازمة متوفرة، وصراحة، لا نحس أننا خارج البنين، وأنا شخصيا، أشعر أنني جزائري· هل الرقص الفلكلوري يحظى باهتمام كبير في البنين؟ المكانة التي منحناها للرقص الفولكلوري في البنين، هي مكانة عالية وجد مهمة، لأن المواطن البينيني وُلد في بيئة وفي مجتمع يملك تراثا عريقا في هذا النوع من الرقص، الذي ظل منذ زمن بعيد، من التقاليد المقدسة التي لا يمكن الإستغناء عنها، خصوصا وأننا نعتمد على هذا الفن، كثيرا في مختلف المناسبات والطقوس المعروفة عندنا، وهذه المكانة المرموقة التي يحتلها الرقص الفلكلوري في نفوس البينينيين سمحت لنا بالتمسك بتقاليدنا وبتراثنا، بالرغم من أن ثقافتنا تعرضت لمحاولة غزو من طرف الإستعمار· ولعلمكم، فالرقص الفلكلوري جزء لا يتجزأ من المجتمع والتراث البينيني، فالمواطن يشعر بفخر واعتزاز كبيرين عندما يؤدي الرقص الفلكلوري، نظرا لتقديسه الكبير لهذا الفن· وما أتمناه هو أن تولي كل الدول الإفريقية اهتماما كبيرا للرقص الفلكلوري الإفريقي من أجل تطويره وازدهاره، ونقله إلى خارج القارة السمراء· كما يجب أن نعترف بأن هناك العديد من التقاليد الإفريقية في طريق الزوال ومن خلال هذه المهرجانات نستطيع المحافظة على تقاليدنا وإعادة الإعتبار لها· تتحدث عن اندثار الثقافة الإفريقية، إلى ماذا ترجع ذلك؟ الإستعمار الذي تعرضت له الدول الإفريقية والعربية أثر سلبا على ثقافة هذه الدول، وأنا على سبيل المثال كوني من البينين، لا أستطيع حتى تناول الأكل مع الأم ولا يمكن أن ألبس لباس تقاليدنا، لأننا نبحث عن العيش مثل الشعوب الأوروبية، ونريد تطبيق ثقافتهم بالرغم من أن ثقافتهم بعيدة كل البعد عنا، فتقاليدهم المزورة والملفقة تسعى إلى التأثير على ثقافتنا، وهذا أمر خطير جدا، وأخطر من ذلك، فإن هوية بعض الدول الإفريقية، حاليا، توجد في حالة جد خطيرة وهي معرضة للزوال بفعل العولمة، وخصوصا فن الرقص الفلكلوري حيث هناك بعض الدول الإفريقية أصبحت لا تولي لها أهمية· ما الذي يتوجب على الدول الإفريقية أن تفعله للإهتمام بالرقص الفلكلوري؟ أوجه نداء إلى كل الدول الإفريقية للعودة إلى قاعدة التراث الثقافي والهوية الأصيلة لكل بلد، وهذا لاكتشاف قيم ومكونات هذا الفن، وبالتالي، إظهار القوة الثقافية التي نملكها، نحن الأفارقة، لا سيما مع ظاهرة العولمة التي اقتحمت كل الدول التي من الضروري أن نتعامل معها كما يجب، ونحن الأفارقة يجب علينا أن نتحكم في تقاليدنا وفي تراثنا الثقافي، وأن نعمل على نقل ثقافتنا للشعوب الأخرى وأن ننافس الدول الأوروبية في الغزو الثقافي والفكري وهذا بوضع آليات ومناهج قاعدية تتمحور مضامينها حول ما ستضيفه الثقافة الإفريقية أولا، لتطوير وتنمية الرقص الفلكلوري، وثانيا، لفرض المنافسة في المجال الثقافي مع الدول الأخرى، خصوصا منها الدول الأوروبية· كما أن مثل هذه المهرجانات تساهم، بدرجة كبيرة، في تطوير هذا النوع من الرقص· برأيك، كيف يمكن للثقافة الإفريقية أن تتطور في ظل العولمة؟ قبل كل شيء، يجب أولا، أن نجيب على سؤال: كيف استطاعت، مثلا، الثقافة الأوروبية تحقيق تطور وازدهار في ظل العولمة؟ وثانيا، يجب على الدول الإفريقية الاهتمام بثقافتها، بالدرجة الأولى، وبالتالي، إعادة الإعتبار لتقاليدها الأصيلة ولتراثها العريق وعدم المغامرة بالموروث الثقافي الإفريقي الذي تسعى الدول المتطورة للقضاء عليه، كما يجب أن نكثف الجهود لتحقيق المبتغى· وما أريد قوله، هو أنه من الضروري على الدول الإفريقية أن تبذل مجهودات كبيرة للإستثمار في القطاع الثقافي·