يعاني مواطنو ولاية الجلفة من النوعية الرديئة جدا للخدمات الصحية في أغلب العيادات الطبية الخاصة التي أصبحت كابوسا حقيقيا يواجهه المريض، و يزيده غُبنا و غمّا بدل أن يُنفس عنه، و ذلك بعد هروب أغلبهم من واقع المصحات و المستشفيات العمومية...حيث أن تلك العيادات الخاصة أصبحت مراكزا لسلخ المواطن ماديا و تعذيبه نفسيا و عدم تحقيق مبتغاه في الاستشفاء في كثير من الأحيان... "الجلفة انفو" قامت بجولات الى تلك العيادات و التقت العديد من المرضى و رصدت عدة تجاوزات و وضعيات لا إنسانية من بينها: طوابير شاقة و معاملة لا إنسانية ! تبدأ معاناة المريض و أهله مع أزمة التسجيل في قائمة الانتظار الذي يحتم عليه الحضور للعيادة في وقت باكر جدا من الصباح، قد يصل الى حدود الرابعة صباحا، و ذلك من أجل الظفر بالتسجيل في القائمة التي يكتبها المواطنون الذين يصطفون في الشارع و يحرسون القائمة الى غاية حضور مساعدة الطبيب حوالي الساعة السابعة، ثم لتفتح لهم العيادة في انتظار وصول الطبيب على الساعة التاسعة على أقل تقدير، متراخيا و بوجه عبوس يحمل في طياته تعابير التعجرف، غير مبال بالمرضى الذين يكابد بعضهم مشقة التنقل من مسافات بعيدة، و الذين يبيتون بالأوجاع و الحمى ينتظرون طلوع النهار ليسعوا إلى العلاج... مساعدة الطبيب بدورها لا تكون معاملتها بردا وسلاما على المرضى من حيث الاستقبال و المعاملة و العدل بين المرضى، حيث تقوم أحيانا بتقديم المعارف و من يدفعون لها "بقشيشا" كرشوة من أجل تجنب الانتظار الطويل و ذلك بالتحايل على قائمة الانتظار... عيادات غير مطابقة لشروط الراحة و النظافة عوض أن يجد المريض راحته الجسدية و النفسية داخل العيادة، يجد نفسه داخل بناية لا تصلح حتى كإسطبل للحيوانات جراء قلة النظافة و الرائحة الكريهة، و عدم توفر شروط التهوئة و الاضاءة الطبيعيتين، اللتان يشترط توفرهما في قاعة الانتظار على الأقل من الناحية التقنية، حيث أن أغلب العيادات تكون في بنايات قديمة من العهد الاستعماري أو في شقق سكنية ضيقة أو في بنايات مخصصة للمكاتب... و لأنها غير مخصصة للعيادات الطبية يلجأ أصحابها أحيانا لفصل قاعات الانتظار للنساء و الرجال بألواح خشبية و ستارات، فيما توجد في الكثير منها مدافئ غازية قديمة، و يضطر المرضى الى الانتظار على كراسي غير مريحة من نوعية رديئة، ولا يوفرون لهم حتى ماء الشرب...كما تحتوي في معظمها على مرحاض واحد لجميع المرضى نساء و رجالا، حيث لا يوجد أين يستر المريض نفسه في حالة تعرضه للقيء أو النزيف مثلا... و من بين المفارقات التي وقفنا عليها هي مثلا أن تقع عيادة متخصصة في أمراض القلب في الطابق الأول داخل شقة سكنية، أي أن المريض يمر على السلالم صعودا بشق الأنفس، و أن تحتوي عيادة أخرى متخصصة في الأمراض الصدرية على قاعات انتظار بدون تهوئة خارجية، أي أن المريض يضطر للانتظار في غرفة مغمومة، حيث يمكن أن يتعرض الجالسون داخلها الى أي نوع من أنواع العدوى و التي أقلها الزكام... غياب التعقيم و الاجراءات الوقائية و فيما يخص الاجراءات الصحية الوقائية التي يجب اتخاذها من أجل تجنب تنقل العدوى فهي شبه منعدمة في كثير من العيادات، فنجد أن الطبيب أو مساعده لا يرتدي قفازات طبية عند التعامل مع المرضى، و اذا ارتداها لا يغيرها بصفة مستمرة، اضافة الى عدم فرش الورق الخاص عند معاينة كل مريض على سرير الفحص الذي يكون أحيانا متسخا أو به عرق المريض السابق...أما بالنسبة لفناء العيادة و قاعة الانتظار فأرضيتها و جدرانها و كراسيها المتسخة تنبئ بعدم الاهتمام بصحة وراحة المواطن، أما تعقيم المرحاض و نظافته فحدث ولا حرج... وقد يضطر المرضى أحيانا الى البصق داخل دلو بلاستيكي موضوع داخل القاعة، خاصة في بعض عيادات طب الأسنان و التي لا يتم فيها استبدال الأدوات و تعقيمها بعناية عند معالجة كل مريض، فهي نفسها تمرر في أفواه جميع المرضى لذلك اليوم...و قد يسبب ذلك أمراضا جد خطيرة مثل "السيدا" و الفيروس الكبدي و غيرها ... أما فيما يخص مصير النفايات الطبية، فهي ترمى أحيانا مع النفايات المنزلية أو في مجاري الصرف الصحي دون أن توجه الى المركز المخصص لحرقها من أجل الوقاية من أخطارها المباشرة و غير المباشرة... أرقام قياسية في عدد "الزبائن" ! معظم العيادات لا تضع سقفا لأعداد المرضى المعالجين، حيث تصل بعض القوائم الى حدود السبعين مريضا في اليوم الواحد بشكل غير معقول. ولنفترض أن كل مريض يمكث في حجرة الفحص عند الطبيب حوالي 10 دقائق فقط، و هو وقت قصير جدا (شرح أعراض المرض للطبيب + الجلوس على السرير للفحص + التشخيص + الاطلاع على الملف الطبي + شرح المرض و تقديم التعليمات الطبية + كتابة الوصفة الدوائية) و لنفترض أيضا أن عدد المرضى هو ستون مريضا فقط، وبين كل مريض و الثاني دقيقة و احدة للدخول و الخروج، فنجد 60 x 11 = 660 دقيقة أي ما يعادل 11 ساعة بدون انقطاع أي بدون أن يأخذ الطبيب أية راحة... ! ! و في الواقع أن أغلب المرضى لا يمكثون في قاعة الفحص الا ثوان معدودة، حيث يجد الواحد منهم نفسه أمام طبيب مستعجل و متوتر أحيانا، لا يعطيه الفرصة للكلام حول ما يعانيه من أعراض مرضية و أسبابها و ما يترتب عليها من مخاوف لديه، و لا يقدم له تعليمات كافية و لا يهتم بمتابعته أصلا... و أحيانا يجد نفسه مع مرضى آخرين في نفس حجرة التشخيص الخاصة بالطبيب، بشكل يتنافى مع مبدأ السرية و الخصوصية المقدس في مهنة الطب التي من المفروض أنها تكون رمزا للأخلاق العالية و المعاملة الانسانية الراقية. .../... يتبع القسم الطبي نموذج لقاعات انتظار مداخل عيادات طبية
مرضى يضطرون للانتظار في الشارع قوائم بأعداد خيالية نفايات و أوساخ في كل مكان مرحاض واحد مشترك و متسخ سلالم مؤدية لعيادة مختصة في أمراض القلب قاعة انتظار بدون اضاءة ولا تهوية طبيعية