الشيخ السنوسي و مسعد أحمد الله حمد المُوحّدين الشّاكرين الذّاكرين، و أُصلّي و أُسلّم على سيّد المُرسلين و خاتم النّبيين و المبعوث رحمة للعالمين سيّدي و مولاي و حبيبي و شفيعي يوم القيامة محمّد قائد الغُرّ المُحجّلين و على آله و صحبه طُرّا حفظة الكتاب و السّنّة و حملة لواء الدّين و من تبعهم من العلماء العاملين الّذين يُدافعون عن الدّين ؛ فينفون عنه تحريف الغالّين و انتحال المُبطلين و تأويل الجاهلين. أمّا بعد : فإنّا قد وجدنا في كتب التّراجم و السّير أنّ لقب السَّنُوسي [1] قد تعدّد وُجوده لعدّة أُسر عُرفت بالأدب و العلم و التّصوّف، بالشّمال الأفريقي[2]، بليبيا و تونس و الجزائر و المغرب، و ليست هي من شجرة نسب واحد، إلّا عائلة السّنوسي الموجودة بكثرة بليبيا، فإنّ أُصولها تأكيدا و تحقيقا باتّفاق ترجع إلى أُسرة السّنوسي الخطّابيّة الجزائريّة، الّتي هي من نفس سلسلتها النّسبيّة، من آل الخطّاب من قبيلة مجاهر بن عبد الله الإدريسيّة الحسنيّة الشّريفة، القاطنة بولايتي الشلف و مستغانم (كارتينا) بالشّمال الغربي الجزائري، و تحديدا بوادي الشّلف و بوادي الخير، و هناك أُسرة أخرى سنوسيّة سكنت مُنذ قرون خلت مدينة تلمسان (عاصمة الزّيّانيين أو بني عبد الواد أيّام مُلكهم)، و لكنّها من أُصول بربريّة، و قد انتقلت فرقة منها في وقت مضى إلى العُدوة (المغرب) حيث سكنت هُناك. أمّا بتونس فإنّ عائلة السّنوسي تقطن بمدينة الكاف الواقعة بغرب القطر التّونسي المُحاذي للتُّراب الجزائري، و لا أعلم مُنتهى نسبها، و قد ظهر منها الفقيه القاضي أبو عبد الله محمّد (ت 1255 ه / 1839 م)، و ولده الأديب الشّاعر المُؤرّخ الرّحّالة الفقيه المُشارك عثمان (ت 1317 ه / 1899 م)، و حفيده الأديب المُؤرّخ محمّد بن عثمان (ت 1318 ه / 1900 م). و أمّا بالمغرب فإنّ لقب السّنوسي هو لأسرتين؛ الأولى منهما و هي الأكثر عددا تنتسب إلى قبيلة بني سَنوس من بربر تلمسان المعروفين بالبربر الكوميّة، الّتي مُعظمها يقطنون أحواز فاس العريقة، و قد عرفنا منها العلّامة السّلفيّ الفحل أبا سالم عبد الله بن إدريس بن محمّد بن أحمد الفاسي، ثمّ الطّنجي المغربي (ت 1350 ه / 1931 م)، و هو شريف حسنيّ، من جهة الأمّ، لمن يرى ثبوت الشّرف في ذلك، و هو أحد شيوخ العلّامة المُحدّث أحمد محمّد شاكر العليائي الحُسيني القاهري المصري (ت 1377 ه / 1958 م)، و أمّا الثّانية فهي من الأدارسة الأشراف، و قد برز منها الإمام القُدوة العُمدة المُحدّث الفقيه المُشارك أبو عبد الله محمّد بن أحمد (ت 1257 ه / 1841 م)، و الفاضل المالكي إبراهيم بن إدريس الفاسي، ثمّ القاهري المصري (ت 1304 ه / 1887 م). و أمّا سنوسيّة الجزائر (أشرافا و برابرة) فقد خرج منهم أبو عبد الله محمّد بن يوسف بن عمر بن شُعيب التّلمساني البربري الشّريف الحسنيّ، من جهة أمّه (ت 895 ه / 1490 م)، و هو عالم مُتكلّم صاحب تصانيف جياد، و أبو عبد الله محمّد بن عليّ بن السَّنوس أو السَّنوسي الخطّابي المجاهري (نسبة إلى مجاهر بن عبد الله) الإدريسي الحسني الشّلفي الأصل المُستغانمي، ثمّ الجغبوبي البرقي اللّيبي (ت 1276 ه / 1859 م)، زعيم الطّريقة السَّنوسيّة، و صاحب زاوية جغبوب (جقبوب) الشّهيرة بالقُطر اللّيبي و هو المقصود أصالة من مقالنا هذا و هو مُحدّث حافظ راوية مُسند فقيه مُجتهد طُلَعة رُحلَة صُوفيّ شاذليّ خلّوتي، و قد خُلعت عليه ألقاب و حلى ضخام. ولد خلال سنة 1202 ه / 1787 م، بمدينة مُستغانم الجميلة الّتي كانت تُعرف زمن الاستدمار الفرنسي بكارتينا، في أُسرة مُحافظة ذات أدب و علم، ينتهي نسبها إلى إدريس[3] صاحب مدينة فاس المغربيّة، و تأدّب و تعلّم بإحدى مقارئ المدينة المذكورة، ثمّ تنقّل إلى حاضرة فاس حيث جامع القرويين و ما أدراك ما جامع القرويين، أين ملأ وطابه من الفنون النّقليّة و العقليّة، و لازم به أشياخا أصحاب شأن و مكانة علميّة وقتذاك، كانوا محلّا صالحا للاكتراع و الاستزادة، و حضر و سمع عليهم ما اشتهى من الشّروح و التّعاليق على مُقرّرات و كتب عديدة كانت رائجة في ذلك الحين. كرّ راجعا إلى موطنه و أقام به زمنا انقطع فيه للإقراء و التّحديث و التّدريس، ثمّ خرج داعيا و واعظا، مُتجوّلا قاصدا المناطق الآهلة (مُدنا و قُرى) بالجنوب الجزائري الّتي كانت موجودة في ذلك العهد الّذي كان فيه سنّه قد تجاوز الثّلاثين[4]، و من بينها مدينة مسعد الجميلة الّتي كانت قائمة في ذلك الحين، و كانت سلعة الأدب و العلم رائجة فيها، و هي ضمن منطقة الجلفة الواسعة الّتي عَمرها بنو سيدي نائل الأشراف بعد 930 ه / 1524 م، فأقام بها مُدّة، مُلازما لمساجدها تدريسا و خطابة، و لسكّانها وعظا و إصلاحا، الّذين أكرموه و أحسنوا و فادته و أعانوه على مُراده في تلقين العلوم الشّرعيّة و بثّها بين النّاس، و كان برفقة ذويه و آله و بعض من عشيرته و مُعاونيه، منهم من يكبره سنّا و منهم من يصغره. و قيل أنّه بعدما أعجبه الحال و سُرّ بالمُقام بالمدينة المذكورة، تأهّل من بعض أُسرها، و أعقب بها ذرّية صالحة، و قد رُوّيت من طريق الثّقات أنّ أصول أسرة طهيري، و هي من البُيوتات القائمة على طهارة السّلوك و متانة الأخلاق، المعروفة عند أولاد لعور بل عند أولاد عيسى، الّتي تنتسب لقبا إلى الشّيخ الصُّوفي الكبير الطّاهر بن محمّد بن عليّ (ت 1891 م)، مُؤسّس الزّاوية الطّهيريّة الأولى[5]، ترجع إلى آل السّنوسي المجاهريّة الأشراف، و أنّ لهم علاقة وطيدة إلى يوم النّاس هذا، بأقاربهم القاطنين حاليا بمدينة مُستغانم و ضواحيها، و قد أخبرني بعض من يسكن دُوّار الطّواهريّة و دُوّار السّنوسي، بالقُرب من هذه المدينة السّاحليّة الجميلة، من المجاهريّة خاصّة، أنّ لهم علاقة قرابة (خُؤُولة و عُمُومة)، ببعض العائلات المسعديّة العريقة، تعود إلى عُهود مضت، و هذا أمر لا يُفاجئني، و ليس بالمُستبعد و لا بالمُستغرب، و لا يرفضه التّقاطع التّاريخي و لا التّمازج الاجتماعي، و رُبّما تكون هذه العائلات من بقايا آل السّنوسي و ذويه و عشيرته الصّالحة، و قد علمت أنّ هناك أسرا أخرى مغربيّة الأصل، اندمجت منذ وقت طويل، بالكُلّيّة مع السّكّان الأصليين لمدينة مسعد، و حازوا الانتساب إلى قبيلة أولاد سيدي نايل بالولاء، و ليس في ذلك ضير، و هم اليوم جُزء لا يتجزّأ من النّسيج المُجتمعي لهذه المدينة. و هذا ليس طعنا على الأنساب، و ليس فيه قطع ما أمر الله به أن يُوصل، و قد رأينا بعض الآثار الدّالة في سياقها، المُتمثّلة مثلا لا حصرا في انتشار أسماء بعض العلماء و الصّالحين، و منها إسم السّنوسي، بشيء مذكور بين بني الجلفة أجمع، و مرجعه في رأيي الخاصّ المُتواضع، إلى عقيدة التّيمن و التّبرّك الّتي كانت سائدة بقوّة، بالشّمال الأفريقي، بهؤلاء الصّفوة، و صارت في خُفُوت، لاسيما إذا كان هؤلاء الصّفوة، قد عاشوا بين ظهرانيهم، كالعلّامة السّنوسي الّذي أقام بين أهل مسعد بضع سنوات[6]. و من الجدير بالذّكر أنّ الشّيخ محمّد السّنوسي يكون قد زار مُدنا و قُرى جلفاويّة أخرى، عدا مدينة الجلفة (عاصمة الولاية) الّتي لم تكن موجودة في ذلك الوقت أصلا ؛ فمُقامه بهذه المنطقة كان قطعا قبل وجودها[7]، و تحديدا أكثر كان قبل سنة 1245 ه / 1829 م، أي قبل دُخول الاستعمار الفرنسي الغاشم قطرنا الحبيب الجزائر[8] ؛ لأنّه بعد هذه الرّحلة الدّعويّة بالجنوب الجزائري الكبير، الّتي دامت قُرابة عقد من الزّمن، توجّه إلى تونس و منها إلى طرابلس الغرب و برقة، ثمّ دخل مصر و بقي بها بُرهة، ثمّ زار حاجّا مكّة و المدينة، أين أدرك المُحدّث الفقيه المُشارك الصّوفي أبا العبّاس أحمد بن إدريس المحضيى الميسوري الحسني الفاسي المغربي، ثمّ الصّبيائي أو الصّبيوي اليماني، الّذي كان مُقيما وقتئذ بمكّة إلى غاية 1245 ه / 1829 م، و ارتحل عنها إلى اليمن السّعيد حيث تُوفّي هناك بعد أن استقرّ به مُدّة تسع سنوات، و قد علا سنّه، سنة 1253 ه / 1837 م، و قد لازمه و أخذ عنه حظّا في السّلوك و آداب التّصوّف، و روّاه بأسانيد في ذلك عن أشياخه[9]، حين إقامته بمكّة كما ذكرت، و هذا يُثبت باليقين ما أشرنا إليه آنفا، من تحديد فترة وجود السّنوسي بمسعد، و هي قبل التّاريخ المذكور 1245 ه / 1829 م بزمن. و قد بنى محمّد بن عليّ السّنوسي أثناء وجوده بالحجاز، زاوية بجبل أبي قبيس، لم تُعمّر طويلا، لينتقل بعدها سنة 1255 ه / 1839 م إلى الجبل الأخضر بجهة برقة، القريب من مدينة بنغازي (بني غازي) اللّيبيّة، حيث استوطن هُناك، و تأهّل مرّة أخرى، و أنجب ذرّية صالحة، بعد أن جاوز العقد الخامس من العُمر، بخمس سنوات أو أكثر، و افتتح زاوية سمّاها الزّاوية البيضاء، غشيها المُريدون و طُلّاب العلم بكثرة، ثمّ ألحق بها زاوية أخرى كبيرة جدّا، بواحة تُدعى جغبوب (جقبوب) عُرفت بها، و هي تبعد عن الأولى بمراحل، بنفس الجهة، و اشتهرت و جاءها النّاس من كلّ الأصقاع، و اتخذ لنفسه طريقة صُوفيّة قائمة على الكتاب و السُّنّة و ما كان عليه الصّحابة و الصّدر الأوّل من هذه الأمّة المرحومة، و كان تصوّفه خال من البدع و التُّرّهات و العقائد الفاسدة، و قد اتّبعه و انتسب إلى طريقته أقوام لا يحصون، من كلّ الجهات، من اليمن و الحجاز و الشّام و مصر و السُّودان و السّاحل الأفريقي (تشاد و النيجر و مالي) الّذي يُعرف في وقت مضى بالسُّودان الفرنسي. تُوفي يوم الخميس 09 صفر الخير 1276 ه، المُوافق 08 سبتمبر 1859 م، و خلّف أنجالا، و أربعين تأليفا و رسالة، نذكر منها : 01) إيقاظ الوسنان في العمل بالحديث و القرآن. 02) البُدور السّافرة في عوالي الأسانيد الفاخرة. 03) الكواكب الدُّرّيّة في أوائل الكتب الأثريّة. 04) الشُّموس الشّارقة فيما لنا من أسانيد المغاربة و المشارقة. 05) التُّحفة في أوائل الكتب الشّريفة. 06) شفاء الصّدر. 07) بُغية القاصد. 08) الدُّرر السّنيّة في أخبار السّلالة الإدريسيّة. 09) المنهل الرّائق في الأصول و الطّرائق. و قد أعقبه في تسيير شؤون زواياه و طريقته ولده البارّ محمّد المهدي (ت 1320 ه / 1902 م)، و قيل (ت 1310 ه / 1892 م) المشهور بالصّلاح و الفضل، و قد زادت في أيّامه الطّريقة السّنوسيّة و زواياه الّتي يُعتبر هو زعيمها الثّاني، انتشارا و توسّعا، من المغرب الأقصى إلى الهند، و هو والد محمّد إدريس ملك ليبيا الأخير (ت 1403 ه / 1983 م) الّذي قلبه الرّاحل مُعمّر القذّافي في الفاتح من شهر سبتمبر من عام 1969 م . و قد تولّى بعده شؤون المشيخة و رئاسة الزّوايا رغم حداثة سنّه ابن أخيه محمّد الشّريف العلّامة اللّوذعيّ الغطريف المُجاهد الكبير أحمد الشّريف، الّذي ولد و تأدّب و تفقّه بزاوية جدّه العظيمة جغبوب، و كان جليل القدر راجح العقل غزير العلم عميم الخير صاحب تصانيف، و قد اخترمته المنيّة بالمدينة المُنوّرة، يوم الجمعة في منتصف ذي القعدة من سنة 1351 ه، المُوافق 10 مارس 1933 م، و دُفن في مقبرة البقيع. و لهم خلف طيّبون، و بيت السّنوسي من أشهر بُيوتات الدّين و العلم بمشارق الأرض و مغاربها. و من حقيق القول أنّ من خلف السَّنوسي الأوّل المُؤسّس مَن رجع إلى موطنه الأصلي بالجزائر، و قد عرفنا منهم الفقيه الأُصوليّ صاحب المُؤلّفات الّذي لم يعرفه أكثر الجزائريين إلا بعد موته، الشيخ أحمد الشّريف الأطرش، الّذي تُوفّي و عمره سبعة وثمانون عاماً، يوم الجمعة 10 جُماد ثان 1424 ه، المُوافق 08 أوت 2003 م، و دُفن في مقبرة عين البيضاء بمدينة وهران، و هو من بقاياهم الصّالحة. هذا ما لزم عرّفناكم به في هذه الكلمة العَجلة، بآثار السَّنوسيين الأشراف الحَسنيين بمنطقتنا (الجلفة) ، الّتي لم أُحط فيها خُبرا، جاءت كزفرات وكفت على لساني، و رقمتها أناملي، و لا يُخالجني شكّ في أنّها ستجد رضا و قبولا عند أُولي النُّهى و الأحلام، أمّا الجرامقة فلا علاقة لي بهم. و الله المُوفّق و الهادي إلى الصّراط السّوي، و صلّى الله و سلّم على سيّدنا محمّد و على آله و صحبه أجمعين. (*) الكاتب و الباحث "أبو محمد سعيد هرماس" له العديد من الشهادات و الإجازات العلمية، و صدر له عدد من المؤلفات... لتفاصيل عن سيرته الذاتية راجع موضوع: من هو الشيخ أبو محمد سعيد هرماس..؟ هوامش 1 و يُنطق بفتح (النّصب) السّين المُشدّدة، و هو الصّحيح، نسبة إلى السَّنوس، أو السَّنُوسي، و هو جدّ أسرة السَّنوسي الجزائريّة ، أو إلى الأدارسة الأشراف بالمغرب الأقصى ، أو إلى بني سَنوس البرابرة الكُوميّة بالمغرب الأقصى أيضا، و أمّا الجاري على الألسن فهو بضمّها (الرّفع) و هو خطأ . و الله أعلى و أعلم . 2 هُناك لقب السَّنوسي آخر لعوائل موجودة بالمشرق، و لا أدري من أين أصلها، و قد عرفنا منها، عبد القادر السّنوسي السُّليماني العراقي المُتوفّى 1303 ه / 1886 م ، و هو صوفيّ مُتكلّم، و محمّد بن عليّ السّنوسي التّهامي المكّي، ثمّ الجازاني السُّعودي المُتوفّى 1363 ه / 1944 م ، و كان قاضيا أديبا شاعرا . 3 فهو محمّد بن عليّ بن السَّنوسي بن العربي الأطرش بن محمّد بن عبد القادر بن أحمد شهيدة بن محمّد شائب الدّرع بن محمّد حم بن يوسف بن عبد الله بن خطّاب بن عليّ بن أبي العسل بن يحيى بن راشد بن مُرابط بن منداس بن عبد القويّ بن عبد الرّحمان بن يوسف بن حسن بن إدريس بن عبد الله بن أحمد بن محمّد بن عبد الله بن حمزة بن سعيد بن يعقوب بن داود بن حمزة بن عليّ بن عمران بن إدريس صاحب فاس الشّريف . و الله أعلى و أعلم . 4 من كثرتي مُعالجتي و غشايتي لكتب التّراجم، لاسيما منها المُتعلّقة بالمغاربة، و بخاصّة منها بالجزائريين، وجدت أنّ أغلب الّذين انبروا و تصدّوا لنشر العلم الشّرعي و إفتاء النّاس، بإنشاء الرُّبُط و الزّوايا و المقارئ و الكتاتيب، أو التّدريس و التّعليم بها، أو قاموا برحلات في سبيل ذلك، بعدما كانوا قد أخذوا حظّا من الفنون الشّرعيّة، و أُذن لهم من شيوخهم، كان سنّهم قد تجاوز الثّلاثين عاما. و الله أعلى و أعلم . 5 أسّسها سنة 1854 م بالقاهرة بمسعد ، و قيل سنة 1837 م ، و هو أمر مُستبعد ؛ لاعتبارات تاريخيّة ، ليس هذا محلّ بسطها ، و قد هلك و لم يُعقّب ، و بعده عُرفت و اشتهرت الزّاوية بإسم شقيقه الأصغر الشّيخ يوسف ( ت 1917 م ) . 6- هناك مرويات تقول أنّ الشّيخ السّنوسي هو الّذي أسّس مسجد الرّاس بمدينة مسعد، و أنّ الشّيخ موسى بن حسن الشّاذلي الدّرقاوي المصري ناشر الشّاذليّة بمنطقتي الأغواط و الجلفة ، في بداية القرن التّاسع عشر الميلادي ، قد أصهر إليه ، فتزوّج من أخته الزّهرة قميرة ، و منها أنجب ولديه مصطفى و أبابكر . و الله أعلى و أعلم . 7 فكرة إنشاء مدينة الجلفة تعود إلى يوم الأربعاء 20 فيفري 1861 م ، حسب تقرير الوزير كاتب الدّولة للحربيّة راندون إلى إمبراطور فرنسا آنذاك. 8 المُستدمر الفرنسي لم يصل مدينة مسعد إلّا بعد سنة 1853 م، قادما إليها من مدينة الأغواط ( لغواط )، الّتي دخلها بعد معارك ضارية، و قد عاث فيها فسادا. 9 منها عن شيخه أبي محمّد عبد الوهّاب التّازي أو التّاجي ( ت 1206 ه / 1792 م ) ، عن أبي العبّاس الصّقلّي ، عن أبي المواهب مُصطفى بن كمال الدّين البكري الصّدّيقي الشّامي ، ثمّ المصري ( ت 1162 ه / 1749 م ) . و قد ذكرت بعض الكتب الّتي ترجمت لمحمّد بن عليّ السّنوسي ، أنّه تصوّف على يد الشّيخ عبد الوهّاب التّازي ، و هذا خطأ ؛ لأنّ التّقاطع الزّمني يأبى ذلك ، فالشّيخ التّازي توفي سنة 1206 ه / 1792 م ، كما ذكرنا سابقا ، و مُترجمنا السّنوسي كان عمره إذ ذاك أربع سنوات ، فهو من مواليد عام 1202 ه / 1787 م ، كما ذكرت ذلك كتب السّير و التّراجم إجماعا . و الله أعلى و أعلم .