ولاية الجلفة باعتبارها تحوي نسبة سكانية معتبرة، إذ تعد الرابعة وطنيا من حيث التعداد السكاني بمجموع يفوق المليون نسمة حسب أرقام مصالح الدولة وتتوفر على إمكانيات ضخمة إضافة إلى التنوع البيولوجي الذي يمتد على طول إقليمها، ناهيك عن الإمكانيات المتاحة طبيعية كانت أو بشرية، لكن هذه العوامل لم تساهم في خلق (ثورة اقتصادية) يتطلع إليها الساكنة للنهوض بالولاية وهو أمر قد يعزوه المهتمون بالشأن الاقتصادي المحلي، إلى أسباب مختلفة وأهم ما يبررون به هذا الركود هو عزوف أصحاب المال عن استثمار أموالهم في هذه الولاية، التي تبقى بحاجة ماسة لحركية جديدة تدفع بعجلة التنمية بها، على غرار بعض الولايات المتاخمة لها والتي تقل في مواردها عما تملكه ولاية الجلفة. إن قراءة بسيطة في خارطة الاقتصاد الوطني تحيلنا مثلا لولايات داخلية كسطيف وبرج بوعريريج، بوصفها ولايات أصبحت تشكل مناطق استقطاب للصناعات بمختلف أشكالها، وأصبحت أقطابا حقيقية للاقتصاد ومناطق نشاط حية ومناخات ملائمة للاستثمار الخاص والعام، وحققت بذلك تحولات نوعية في أزمنة قصيرة رغم أنها بالمقابل لا تملك ما هو متوفر لولاية كولايتنا من ميزات طبيعية أو بشرية، هذه الأخيرة التي تشهد تراجعا كبيرا لفرص الاستثمار بها. وهنا يظهر السؤال جليا: لماذا لم تحقق ولاية الجلفة تطورا تنمويا؟؟ رغم كل ما رُصد لها من إمكانيات وميزانيات ؟؟ .. إن الإجابة على هذا السؤال الفضفاض وغيره من الأسئلة المرتبطة بواقع التنمية المحلية تحتمل أكثر من تحليل وتتطلب قراءات في الأرقام والميزانيات وفي منظومة القوانين المسيرة لإستراتيجية الدولة في إطار تنمية الأقاليم والولايات. فخصوصية ولاية الجلفة التي تمتد على مساحة كبيرة (والتي تتضارب بشأن تحديدها معطيات مصالح الدولة) مع تسليمنا أنها تحتل مرتبة متقدمة في الترتيب الوطني لشساعة إقليمها، وتاريخ استحداثها قديم نسبيا يعود إلى التقسيم الإداري لعام 1974 بنسبة سكان تزايدت بشكل كبير، وموقعها المتاخم لسفح الأطلس الصحراوي، في حد فاصل بين الشمال والجنوب بمساحة أعطتها تنوعا جغرافيا هاما وتضاريس مختلفة، وهي مميزات عادت بالسلب عليها أمام التشريع الجزائري في عديد القطاعات أين تتعارض القوانين القطاعية وتختلف على تصنيفها، أهي ولاية تعد جنوبية؟؟ فتلحق بذلك بالولايات الصحراوية المصنفة بالجنوبالجزائري الذي شرّعت له الدولة منظومة خاصة من القوانين والمراسيم، حفاظا على التوازن المعيشي به ومراعاة لخصوصيته لأجل بعث التنمية، وتستفيد بذلك هذه الولاية الفتية من مزايا هذه القوانين المستحدثة ، أم هي ولاية من ولايات الهضاب العليا؟؟ تُطبق بها وتسيرها القوانين القطاعية المعمول بها في هكذا مناطق، ولتحليل بعض علامات الاستفهام وتشخيص انعكاسات المنظومة القانونية وأثر التشريع الجزائري في واقع التنمية بولاية الجلفة وتراكمات هذا الأثر على الساكنة يمكن أن نعرج على بعض النقاط : "التعويض النوعي للمنصب" وانعكاسه على التوازن الإجتماعي والإقتصادي * منظومة القوانين التي سنتها الدولة للنهوض بالتنمية في الجنوب وتلبية لمطالب المواطنين في إطار استراتيجيات وطنية وبأغلفة مالية ضخمة بغية الحفاظ على التوازن الاجتماعي والاقتصادي في المناطق التي تعاني بفعل الظروف الطبيعية والبيئية. فكان هدف تلك التشريعات الرئيس إزالة الضغط على الشمال وتبعات النزوح إلى الولاياتالشمالية والمظاهر السلبية التي نجمت عن ذلك إضافة الى الحفاظ على وحدة الإقليم الوطني وضمان الأمن القومي، لكن التسرع في تشريع هذه القوانين التي تسير قطاعات مختلفة بإسقاطها على عموم الولايات دون التحديد في دراسة المعطيات والخصوصيات التي تميز كل ولاية على حدى، أثر على نجاعة هذه القوانين وساهم في الحد من ترشيد رؤوس الأموال والميزانيات الضخمة رغم الانتعاش الذي شهده الاقتصاد الوطني، إن منحة الامتياز أو منحة الجنوب أو التعويض النوعي للمنصب وإن اختلفت التسميات. الملاحظ في هذا التشريع أن به إجحافا طال شرائح عريضة من اليد العاملة الوطنية لتناقض مواد هذه القوانين وتصادمها في أحيان كثيرة، كمنحة الامتياز التي يستفيد منها الموظفون العاملون بولايات الجنوب والمناطق الريفية بالسهوب التي جاءت طبقا : المرسوم التنفيذي رقم : 95-28 المؤرخ في 12 جانفي 1995 المحدد للامتيازات الخاصة التي تمنح للمستخدمين المؤهلين في الدولة والعاملين في مؤسسات مصنفة تقع في ولايات الجنوب الكبير. والمرسوم التنفيذي رقم 95- 300 المؤرخ في 04 أكتوبر المحدد للامتيازات الخاصة التي تمنح للعاملين في مؤسسات تقع ولايات الجنوب الأخرى. والمرسوم التنفيذي رقم 95- 330 المؤرخ في 25 أكتوبر 1995 المحدد للامتيازات الخاصة التي تمنح للعاملين في مؤسسات تقع في بعض بلديات ولايات السهوب والهضاب العليا. كل هذه المجموعة من القوانين وما تضمنته من تعديلات لم تخدم ولاية الجلفة وساكنتها، وموظفي القطاع العام بها، لأنه لم تُراع فيها خصوصيتها الجغرافية، الشيء الذي انعكس سلبا على آفاق التنمية، فبموجب هذه القوانين أصبحت الولايات المعنية بمنحة الامتياز هي 13 ولاية من بينها ولاية الجلفة، لكن الإشكال أن منحة الإمتياز تخص 03 مناطق حسب نسبة الاستفادة وحسب نوع المستخدمين، فنجد مثلا : المنطقة الأولى: بما يسمى الجنوب الكبير، تمنراست، اليزي، أدرار وتندوف ، وتبدأ الاستفادة فيها حسب الصنف من رتبة مساعد إداري، وتكون مختلفة حسب البلديات ومقار الولايات. المنطقة الثانية: وتضم ولايات، بشار، البيض وورقلة، غرداية، النعامة، الأغواط، الوادي وبعض البلديات التابعة لولايتي بسكرةوالجلفة، والاستفادة فيها تمس رتبة متصرف اداري أي الصنف 12 فما فوق. وتختلف هي أيضا حسب البلديات ومقار الولايات المصنفة في هذه المنطقة. * وهنا لابد من التوقف للتأمل في الإجحاف الذي طال ولاية الجلفة، لأن المشرع باعتقادنا لم يلتفت لخصوصية المنطقة، التي تعاني ركودا بالغا في أوجه التنمية المختلفة، ومشاكل عويصة فيما تعلق بالتوظيف. فلا هي عدت ولاية جنوبية باعتبار أن ثلثي مساحتها هي مناطق جافة يمكن تصنيفها صحرواية، لانعدام مقومات الحياة بها، ولشساعتها، من حيث المساحة المترامية على حدود ولايات عديدة ولنقص الموارد المائية فيها وهو ما يؤثر بالضرورة في التوزيع السكاني بها ويحده. وإذا سلمنا بأن المشرع الجزائري لم يدرج الجلفة في "المنطقة الأولى" من القانون، وتقبلنا هذا لأنه بأي حال من الأحوال ومهما كانت البيئة بها قاسية لا يمكن أن تكون كولايات مثل أدرار واليزي وتمنراست التي صنفت في "المنطقة الأولى". لكن بالمقابل لماذا تعمد المشرع إدراج بعض البلديات فقط دون غيرها من مجموع البلديات 36 في "المنطقة الثانية"؟؟ بالرجوع الى ما ذكرناه آنفا من خصوصيات الولاية المناخية والبيئية والجغرافية التي تحتم التفكير في التكفل بها. المنطقة الثالثة:(من القانون المذكور ) وتضم بعض بلديات ولايات خنشلة، تبسة، المسيلة، سعيدة، قالمة، تيارت، باتنة، أم البواقي، تيسمسيلت، سوق أهراس، بسكرة، والجلفة. هذه المنطقة تكون الإستفادة فيها ابتداء من الصنف 13، فمثلا وللتدليل على هذا يستفيد منها مستخدمو قطاع حساس كقطاع التربية الذين لهم رتب أستاذ ثانوي، أستاذ مرسم، وأستاذ مهندس، مدير مدرسة أساسية، مقتصد وما فوق من الرتب، غير أن غيرهم لا يستفيد من هذه المنحة. * باستقراء هذه المادة نرى أن المشرع ألح على تحديد البلديات في سياق العرض بتوظيف كلمة (بعض) للتخصيص، كي لا تكون الاستفادة عامة، وهو ما يعد حرمانا وتباينا في تقسيم الامتيازات، الشاهد أن بعض المناطق والبلديات غير معنية بهذه الامتيازات لأن البلديات التي صنفت في المنطقة الثالثة لا تستفيد بالقدر الذي استفادت منه البلديات المصنفة في المنطقة الثانية. فعلى أي أساس وما هي المعايير التي اعتمدت في تقسيم المناطق؟؟ داخل الولاية الواحدة؟؟ من غير المعقول إذا أن تحدد أكثر من منطقة داخل إقليم واحد كولاية الجلفة، بما قد يترتب عن ذلك ويتبعه من آثار اجتماعية واقتصادية وتراكمات سوسيولوجية جراء تطبيق هذا السلم، وقد تضر هذه التبعات حتى بالتوازن داخلها، هذا ما لم ينتبه له التشريع، إن النتائج السلبية لن تكون ظرفية وآنية ولكن الأكيد أنه سيكون لها أثر بالغ بعد سنوات؟؟ فمحتوى هذه القوانين ليس مضبوطا بالشكل الذي يتناسب وتطلعات المواطنين ونجد فيه تباينا واضحا في تقسيم الثروة الوطنية واختلافا كبيرا في الامتيازات الممنوحة. إن منحة الامتياز، هذه المنحة أو التعويض الذي أقر بموجب مراسيم تنفيذية، وعدلت في مرات كثيرة، تحسب حسب ما جاء بحسب المناطق والرتب والأصناف من الأجر الأساسي للرتبة وبالضرورة تختلف المعدلات من رتبة إلى أخرى ومن قطاع لآخر في الوظيفة العمومية ومن منطقة لأخرى. وبالتالي فإن التباين يطال حتى المزايا المتعلقة بها كمدة العطلة السنوية، وتعويض السكن ومنحة التنصيب واحتساب الأقدمية من كل سنة فعلية للخدمة، وهو ما جاء في مضمون قوانين منحة المنطقة والامتياز، إذ المعلوم أن منحة المنطقة هي منحة عامة، ومنحة الامتياز إنما هي منحة خاصة، بمعنى أن منحة المنطقة يستفيد منها كل الموظفين عكس منحة الامتياز التي يستفيد منها البعض فقط والمحددين بهذه المراسيم باعتبار أن هذه المنحة وجدت لتشجيع الإطارات للعمل بالجنوب. وحسابيا فإن منحة المنطقة تحسب على أساس الأجر القاعدي، أما منحة الامتياز فعلى أساس الأجر الأساسي الذي هو (الأجر القاعدي+الخبرة المهنية)؟، من جهة أخرى فإن منحة المنطقة تختلف حسب المنطقة الجغرافية، ومنحة الامتياز تختلف حسب المنطقة الجغرافية والرتبة، لذا وكتحصيل حاصل فإن منحة الامتياز جد معتبرة فيما منحة المنطقة هي قليلة مقارنة بها، لأن هذه الأخيرة تتراوح نسبتها بين 07% و35% من الأجر القاعدي – حسب تصنيف كل بلدية – (وهنا يتجلى الإجحاف الذي طال ولاية الجلفة بتصنيف بعض بلدياتها في المنطقة الثانية والبعض الآخر في المنطقة الثالثة ومدى انعكاسه السلبي على الساكنة وإضراره بخطط التنمية المتطلع إليها )، هذا دون إغفال أن منحة الامتياز كما قلنا سابقا نسبتها عالية قد تصل إلى حدود 150 % من الأجر الأساسي لبعض الرتب كأستاذ جامعي وهو ما يمثل عبء على الخزينة العمومية عند تحيين وتعويض هذه النسب وتطبيقها لا سيما وأن الأمر يتعلق بتعويضات كبيرة لعدة رتب كالأطباء الأخصائيين والممارسين الطبيين. تعويض المنطقة الجغرافية وأثره بولاية الجلفة اجتهاد المشرع الجزائري في استحداث منحة المنطقة الجغرافية التي جاء بها المرسوم التنفيذي رقم 82-183 المؤرخ في 15 جانفي 1982 المتضمن كيفيات حساب تعويض المنطقة والمعدل بالمرسوم التنفيذي رقم 93-130 المؤرخ في 14 يوليو 1993 الذي تضمن الكيفيات وطريقة تحديد المناطق التي يستفيد العاملون فيها من تعويض مالي. ثم جاء المرسوم التنفيذي رقم 93-130 ليضبط قائمة المناطق التي تخول الحق في تعويض المنطقة المنصوص عليه في المرسوم 82-183 والذي عرف هو الآخر تعديلات تخص بعض البلديات بثلاث مراسيم تنفيذية هي المرسوم رقم 95-90 والمرسوم رقم 96-62 والمرسوم التنفيذي رقم 97-246 بتاريخ 08 يوليو 1997 …. ” المعدل ” …. إن هذه المنحة ، منحة المنطقة المحتسبة على أساس الأجر القاعدي المنصوص عليه في الشبكة الاستدلالية لمرتبات الموظفين ونظام الدفع والمتغيرة من منطقة لأخرى، تختلف نسبها أيضا باختلاف المناطق، قسمت إلى ثلاث أقسام، قسمت بدورها إلى ثلاث فروع تتحكم في معدل النسبة المتحصل عليها من الأجر القاعدي وحده. من كل ما تقدم هل يمكن القول والتسليم بأن ولاية الجلفة استفادت من تحيين هذه القوانين بالنظر إلى تعداد سكانها وعدد بلدياتها، والمعلوم أنه بعد تحيين النظام التعويضي لولايات الجنوب والسهوب تبعا لما سلف من القوانين المذكورة .. استفادت بعض بلديات الولاية وهي مدرجة في المنطقة الثانية ممثلة في بلديات : أم العظام، قطارة، سد الرحال، دلدول، عمورة، مسعد، فيض البطمة، عين الإبل، تعظميت، المجبارة، عين الشهداء، الادريسية، بن يعقوب، زكار وسلمانة، غير أن باقي البلديات لم تستفد، ولم تُراع تطلعات قاطنيها ومطالبهم. ألم يكن الأجدر قبل تحيين النظام التعويضي تعديل تصنيف المناطق والبلديات؟؟ فتلحق ولاية الجلفة بكامل بلدياتها بولايات الجنوب، لا أن تقسم إلى مناطق بعضها يستفيد وبعضها يعاني جراء التصنيف الذي لم يخدمها؟؟ والذي يؤثر بالسلب على التوازن الاجتماعي داخل إقليمها. فقبل سنوات كانت البلديات الجنوبية من ولاية الجلفة تعرف حركة تنقل واسعة لليد العاملة نحو عاصمة الولاية وبلديات شمالها لغياب وسائل الاستقرار وصعوبة التأقلم الذي تشكو منه شريحة الإطارات والموظفين، وكانت أغلب هذه البلديات شبه مهجورة، لكن اليوم ذات البلديات تسجل توافدا في عديد القطاعات للاستفادة من الامتيازات الممنوحة، وخصوصا المقبلون على التقاعد طمعا في مضاعفة معاشاتهم وهو ما يُرى من خلال إقبال العمال على البلديات الجنوبية من الولاية في حركة التنقلات وتظهره خرائط المناصب بهدف إنهاء مسارهم المهني والاستفادة من المزايا المترتبة عن منحة المنطقة الجغرافية . إن تبعات هذه القوانين والمراسيم محليا ينعكس على أوجه التنمية بالبلديات الشمالية التي قد تشهد في يوم ما هجرات جماعية باتجاه جنوب الولاية وهو إخلال بالمنظومة الاجتماعية مع كل ما يترتب عن ذلك ويتطلبه النمو السكاني المتزايد بجنوب الولاية من مشاريع البنى التحتية واستحداث تجمعات سكانية جديدة وهياكل ومؤسسات خدماتية بكل لواحقها، ما قد يثقل كاهل ميزانية الولاية ويجعل التنمية تراوح مكانها نتاجا لمساوئ التشريع الذي أغفل خصوصيتها. بين الواقع والآفاق .. تظل الجلفة تبحث لها عن مكان تحت الشمس ( بوابة الصحراء ) .. (عاصمة السهوب ) ..(عاصمة أولاد نايل ) .. ( الولاية المليونية ) أسماء لولاية تدعى الجلفة …. (برجل في الجنوب وأخرى في الشمال ) .. أو هكذا أراد لها القائمون على التشريع، تعددت الأسماء والصفات وبقيت الولاية تراوح مكانها تنمويا من تاريخ استحداثها إلى اليوم، رغم مظاهر التحضر التي قد نلحظها والتي بدأت تشكل المشهد العام بها، لكن علامات الاستفهام الكبرى التي تتجلى أمامنا وتنغص أحلامنا لا نجد لها إجابات بعد. – ماذا جنت ولاية الجلفة من التشريع الذي صنفها هكذا ؟؟ (منطقة جنوبية صحراوية، وأخرى شمالية، وواحدة لا تصنيف لها .. قد لا يكون لها شكل أو مظهر) إن المشكلة في إجحاف التشريع وفي غموض المراسيم وأحيانا في تداخلها وتماهي بنود القوانين التي لا تخدم الصالح العام، والتي قد تتصادم وتتعارض بين القطاعات والوزارات في نقاط كثيرة. – لماذا لم يستفد شمال الولاية مثل جنوبها؟؟ وهل استفادت البلديات الجنوبية فعلا ؟؟ أم أنه مجرد ذر للرماد في العيون. الأمر لا يحتاج لجهد أو تنظير لندرك أنه حتى البلديات الجنوبية المصنفة كمناطق خاصة لم تستفد بالشكل الذي استفادت منه باقي المناطق في الجنوب الكبير وهذا للتناقض الحاصل بين القطاعات، فكيف نصف هذه البلديات على أنها مناطق جنوبية أدخلت ضمن التعويض النوعي للمنصب وطالتها حسناته (على قلتها) وبالمقابل لا تستفيد من الامتيازات المالية والعقارية الممنوحة للجنوب، كرفع الفوائد والقروض والتسهيلات الممنوحة للحصول على العقار الفلاحي والصناعي، والملكيات الممنوحة بأسعار رمزية، وتسهيل حصول أصحاب المشاريع على الدعم المالي، وعقود التأمين على التجهيزات والآليات، والدعم على الكهرباء، المشكل العويص الذي تعانيه بلديات جنوبالجلفة بسبب قلة موارد الطاقة بها، في حين أن بعض البلديات المتاخمة لحدود ولايتنا في ولاية أخرى دعمت بها الكهرباء الريفية ورفعت عنها التسعيرة، إضافة للامتيازات الجديدة للاستثمار الفلاحي التي تضمنت إجراءات تحفيزية قصد تحقيق الاكتفاء وهي بدورها لم تنصف فلاحي وموالي المنطقة لأن هؤلاء يعانون من جملة العراقيل فيما يتعلق بحق الامتياز لاستغلال الأراضي التابعة للأملاك الخاصة للدولة، وكذا ملفات الملكية العقارية العالقة التي لم ينظر فيها؟؟ الحديث عن واقع التنمية بولاية الجلفة بتشعباتها قد يطول إلى أكثر مما تعرضنا له، ويستحق أكثر من نقاش على مستويات مختلفة، باستقراء هذا الواقع وإسقاط المعطيات في ظل المطالب التي يرفعها مواطنوها، بخصوص ملفات الشغل والتوظيف والتربية والفلاحة والصحة .. وغيرها، ويحلمون ببلوغها. * فهل قدر الجلفة .. البلاد الطيبة، والولاية التي ينسب أهلها لأكبر القبائل في الجزائر أن تحيا وتعيش في الظل؟؟ أليس مشروعا أن يتطلع ساكنتها لما هو أفضل؟؟ بالحصول على مشاريع إستراتيجية تجسد على إقليمها وتساهم في دفع عجلة التنمية بها وترفع الغبن الذي تعانيه، لقد صار لزاما اليوم أن ينتبه المكلفون بالتشريع إلى أن منظومة القوانين وديباجاتها لا بد أن تخضع لمعايير سوسيولوجية وجغرافية تحفظ التوازن الاجتماعي والاقتصادي بأقاليم البلاد، بما يساهم في نجاعة هذه القوانين وتحقيق التنمية المستدامة. ليس من المستحيل أن تختص الحكومة ولاية كالجلفة أو غيرها .. بمجلس حكومي يدرس مشاكلها منفردة ويتكفل بانشغالاتها بدقة في كل قطاع على حدا، مطلب أضحى ملحا أكثر من أي وقت مضى، حيث وجب أن تتوافق الرؤى لتشخيص الواقع المعيش بولايتنا والمسؤولية تملي على الإدارة ممثلة في السلطات العمومية وتنظيمات المجتمع المدني وكل أطياف المجتمع الجلفاوي أن ترفع المطالب المنشودة للحكومة بطروحات عميقة تخدم الجلفاويين .. بانتظار ذلك الغد الجميل .. يبقى الحلم يلوح .. وبين الواقع والآفاق .. ستظل ولاية الجلفة تبحث لها عن مكان تحت الشمس ...