كنا قد تناولنا في موضوع سابق الفرق بين أخوّة الوطن التي توحد وتمنع أي تدخل أجنبي وبين أخوّة النَّسب التي تفرق وتجمع بمناسبة الانتخابات، وكيف أنّ أبناء (الحلقة) الواحدة انقسموا لأغراض حزبية ثم توحدوا لأغراض مشابهة، بل إنّ بعضهم ائتلف مع منافسه في التنظيم وخصمه الإسلامي أيضا، لا لشيء إلاّ لمزامنة حتميات (4٪) التي فرضها عليهم القانون الجديد للانتخابات !! وكنا قد سمعنا تذمرا من هذا التحليل على أساس أنه يثير الفتنة بين طائفتي الإخوة الأشقاء، الذين وصل بهم الشقاق إلى حد الاقتتال الانتخابي سابقا، وعلى اعتبار أنه لا أساس لتلك الشكوك من الصحة، ذلك أنه بموجب (الأخوّة) الجديدة (4٪) قد تم الإصلاح بين الطائفتين المقتتلتين وأنه لن تبغي إحداهما على الأخرى. بعد إيداع قوائم الترشيحات، نتمنى أن يحسم الأمر بهذا الشكل، مثلما نتمنى صلابة هذا النوع من الائتلافات ومتانة (أخوّته)، الجديدة طبعا لأنه ما من أحد يشكك في متانة القديمة، وأن لا تطغى إحدى (الأخوّتين) أو تبغي على الأخرى. هل يقنعنا أحد ما في خضم فوضى التحالفات بأن ما تم قبل الترشيحات هو بدافع (الأخوّة)؟ ولنفترض أننا أسئنا الظن، فلماذا لم تشمل (الأخوّة) باقي الأحزاب الوطنية من غير الإسلاميين؟ أم أن مناضلوها ليس إخوة لهم في الله؟! وهل تستمر (الأخوّة) إلى الأبد ويحكمها رباط الإخلاص وقد ظهرت بوادر زوالها قبيل خوض الانتخابات؟ وهل يصدّع رؤوسنا المغفلين من الأتباع بالحديث مجددا عن (الأخوّة) الأبدية التي تربى عليها معظمهم في حلقاتهم وعبر مطالعاتهم لكتابات المرشد؟ إننا بحاجة إلى مقياس موضوعي بعيدا عن شحنات العواطف والتزامات البيعة لدرجة (الأخوّة) ونسبتها، وبعيدا عن تأثير (الأخوّة) التي فرضتها نسبة (4٪)، فنحن لا نريد أن نتكهن بما سيحدث في مقبل الأيام، ومن ستنتصر (إحدى الأخوّتين) على الأخرى، لكن التجربة أثبتت ولا تزال تثبت أن ما بني على باطل فهو باطل، وأن الفتنة (التي هي أشد من القتل) هي فتنة الأتباع المغرّر بهم بموجب (البيعة) للتنظيم والائتمار به وتقديس رأي المرشد، الذين سيكتشفون بأنه قد تم الزج بأصواتهم يوم الانتخاب مثلما زج قادتهم بمشاعرهم باسم (الأخوّة) ضمن صراعاتهم على الزعامة وتعريضها (للبيع)، يومئذ سيدعون على أمرائهم بكل إخلاص (الله يجيبلهم بيعة)..