سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
قراءة في نتائج التشريعيات: الأفلان خسر الرهان، الأرندي حفظ ماء الوجه...الفكاهي "فتحي" و "بن براهيم" يفاجئان ، "تاج" بقوة و تكتل حمس على وقع الأزمة.. عزوف غير مسبوق و كتلة ناخبة نائمة بإمكانها قلب الموازين
نواب الجلفة كشفت نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة بالجلفة عن تغير في المشهد السياسي بالولاية من خلال بروز أسماء جديدة استطاعت أن تحجز لنفسها مكانا بالموازاة مع مترشحي الغريمين الأفلان والأرندي التي ظلت متربعة عليه، خاصة مشهد انتخابات 2012 ، لتظهر شخصيات على بساطتها استطاعت أن تصنع لنفسها حيزا بين ساكنة الولاية بعيدا عن الشكارة والخطابات المستهلكة ، فكان الفنان الفكاهي "فتحي خويل" و الطاهرين "بن براهيم" و "الشاوي" و "توتة عائشة".. عزوف غير مسبوق ...و كتلة ناخبة نائمة معتبرة بإمكانها قلب الموازين وقبل هذا و ذاك، فقد قفزت نسبة المشاركة في تشريعيات 2017 بولاية الجلفة في آخر ساعة من الاقتراع بأكثر من 14 بالمائة ب"قدرة قادر"، حيث كانت عند الساعة 18 مساء قد بلغت 27,88 بالمائة حسبما أفاد به ديوان والي الولاية على الموقع الرسمي، لتنتهي بعد ساعة واحدة فقط، أي على الساعة 19 مساء موعد إغلاق مراكز الانتخاب، في حدود 42,17 بالمائة، أي بزيادة 79 ألف صوت في ساعة زمن، ليتساءل المواطن الجلفاوي إلى أي حزب تم توجيه هذه من الأصوات التي تشكل كتلة هائلة لا تبتعد كثيرا عن كتلة المصوتين على الأحزاب الست الفائزة و المقدّر ب 95 ألف ناخب. وعلاوة على العزوف غير المسبوق من أبناء الجلفة في تاريخ جميع الاستحقاقات، فقد تم احتساب 80 ألف ورقة ملغاة، مما يشكل كتلة ناخبة نائمة بتعداد إجمالي يقدر ب 400 ألف ناخب لم يعبّروا عن توجههم نظير عجز الأحزاب القائمة على التجنيد، ناهيك عن الثقة المفقودة أصلا في العملية الانتخابية برمتها، و هي الكتلة النائمة التي يمكنها أن تقلب الموازين في أي لحظة تتقدم فيها أحزاب ووجوه جديدة يلتمس فيها الناخب الثقة و المصداقية و نية خدمة العباد و البلاد. الأرندي يتصدر و يخالف كل التوقعات .... لم يكن أحسن الحالمين يتوقع أن يحصد "الراندو" المركز الأول وهو الذي قال عنه الجميع بأنه قدم أسوء قائمة ممثلة للحزب، خاصة بعد أن شهد حالة من التململ بعد إعلان قائمة المترشحين نتج على إثرها انسحاب عدد من الوجوه البارزة مثل مير عين الإبل "عبد القادر العقوني" و تأثر "مير حد الصحاري" من إقصائه و تزكية نائب رئيس المجلس الشعبي الولائي "قرزو بلخير" لقائمة الأفلان، ومازاد الطين بلة إستغلال خصوم "بلعباس" لتصريح الأمين الوطني للحزب "أويحي" اعتُبر أنه إهانة لأبناء الجلفة وهو ما كان له رد فعل عكسي أغضب الكثيرين، غير أن إرادة قيادة الأرندي في تحقيق "المفاجأة" كانت واضحة من خلال تجنيد رؤساء بلديات "الرند" ال15 في حصد مزيد من الأصوات إلى جانب الإستثمار في "مشاكل" الغريم الأفلان الذي ساعد بشكل كبير الأرندي في ما وصل إليه، في ظل التأكيد على عمل أبناء العديد من القسمات الأفلانية في عدة بلديات لصالح الأرندي وهو ما ظهر في بلديات في شمال الولاية وحتى في جنوبها.... في ذات السياق، زاد عدد المصوّتين على قائمة "بلعباس" بأكثر من 08 آلاف صوت عن تشريعيات 2012، إلا أنه فقد مقعده السادس لارتفاع المعامل الانتخابي من 4325 في الاستحقاق الماضي إلى 6837 صوت في الاستحقاق الحالي. الأفلان ....الانقسام قصم ظهره... وعلى عكس الأرندي، بدت قائمة الأفلان على ظاهرها "مزهوّة" بحصد عدد كبير من المقاعد، خاصة مع تصريحات أويحيى في حق الجلفاويين وكذا غياب "الوزير" رحماني عن مشهد الغريم الأرندي وهو الذي حقق له الفوز الكاسح في انتخابات 1997 و 2012، وهي معطيات كانت كفيلة بتهيئة "المعركة" لصالح الأفلان، غير أن إهتراء بيت الأفلان الداخلي في العديد من البلديات بما في ذلك محافظة الولاية وإقصاء مناطق و"عروش" لها ثقلها الإنتخابي كمسعد وحاسي بحبح إلى جانب إقصاء أسماء ثقيلة مثل "بن حدة عمر" مير المجبارة كان له الأثر السلبي في حملة الأفلان التي لم تكن في مستوى تطلعات حزب عتيد اسمه جبهة التحرير الوطني، وهو الأمر الذي جنّد بعض الأفلانيين للعمل ضد قائمة الأفلان نفسها سواء بصورة ظاهرة أو خفية لتقوية "شوكة" منافسه التقليدي الأرندي...وهو ماكان بالفعل. وبلغة الأرقام، فإن احصائيات الانتخابات التشريعية بولاية الجلفة تشير إلى تراجع متواصل للحزب العتيد، حيث تحصّل سنة 2002 على 70 بالمائة من المقاعد، لتتقلص النسبة استحقاقا تلو الآخر، ففي سنة 2007 تدنت النسبة إلى 50 بالمائة، ثم إلى 42,9 بالمائة في تشريعيات 2012، ثم لتحقق قائمة "الحدي" ثاني أدنى نسبة للحزب في الاستحقاق الأخير ل04 ماي 2017 ب28,57 بالمائة بعد تلك المحققة سنة 1997 و المكتسحة من طرف حزب الأرندي حديث النشأة حينها. ابن الشعب "فتحي" و "بن براهيم" يحدثان المفاجاة على النقيض من ذلك، و كانتخاب عقابي تعبيرا لرفض الناخب الجلفاوي للوجوه التقليدية المحتكرة للساحة السياسية، استطاع الشاب "الفكاهي" فتحي خويل من مدينة دار الشيوخ أن يصنع المفاجأة بتمكنه من دخول قبة البرلمان بقائمة "أبناء الشعب" بإمكانيات بسيطة و خطاب بسيط واضح المعالم "حابّين نطلّوا على واش راهم يديروا في البرلمان"، حيث التف حوله ثلة من الشباب الذين استطاعوا أن يكسروا كل الحواجز بل قواعد اللعبة التي تُرسم دائما وراء الأبواب المغلقة بين الكبار، فكانت البساطة وحدها المفتاح، وهو الذي سار على خطى الفنان الراحل الشيخ "عطاالله" الذي ملك قلوب الجزائريين، فحصد المهندس "فتحي" المعروف لدى الشارع الجزائري ب"فتحي يحكي" أو "فتحي البوخاري" المركز الأول في مدينته دار الشيوخ ب 1163 صوت رغم مزاحمة "مير" البلدية له في قائمة تاج إلى جانب تصويت شباب مدينة الجلفة عليه بقوة وكذا في المدن الأخرى كحاسي بحبح و مسعد. ثم لينفرد بعد نجاحه على غير عادة نواب الجلفة بإرسال كلمة شكر و عرفان لسكان الولاية طالبا منهم النصح و الإعانة في مشواره الجديد خدمة للمنطقة (راجع الفيديو في الأسفل). نفس التوجه سار عليه ابن جنوب الولاية "الطاهر بن براهيم" تحت غطاء حزب مغمور هو التجمع الوطني الجمهوري و الذي قاد حملته في صمت بخطاب جماهيري بسيط بعيدا عن الوعود الكاذبة والأحلام الوردية مستغلا في ذلك الفراغ الذي تعيشه منطقة مسعد بعد إقصائها من حزبي السلطة "الأفلان" و"الرند" فكان التصويت لصالح عضو المجلس البلدي لسلمانة بمثابة العقاب الجماعي لقوائم "الحدي" و "بلعباس" وهو ما أهّل مدينة مسعد للظفر بمقعدين تحت قبة البرلمان بعد فوز "الطاهر الشاوي" عن قائمة "تاج". تجدر الإشارة أن تشريعيات 2017 جاءت مماثلة إلى حد بعيد لطبعة 2007، حيث أنه من المعتاد أن تكون الغلبة في تشريعيات الولاية لحزبي السلطة بالإضافة إلى نسب ضئيلة لأحزاب ذات توجه إسلامي، إلا أن هذه المرة افتك كل من "خويل" و "بن ابراهيم" مقاعد لهما في البرلمان، مثلما فاز بالنيابة في الغرفة السفلى سنة 2007 كل من الراحلين "أحمد بن بوزيد- الشيخ عطالله" عن الحركة الوطنية للأمل و "محمد بن الأبيض" عن القائمة الحرة "الشعب". تاج تحجز مكانها بقوة ...و تكتل حمس بشق الأنفس... في ذات السياق تمكن حزب تجمع أمل الجزائر "تاج" -الموالي للسلطة- على الرغم من دخوله لمعترك التشريعيات لأول مرة من الظفر بمقعدين ليصبح القوة الثالثة بالولاية نتيجة الأسماء التي قدمها وعلى رأسها المتصدر"الشاوي الطاهر" الذي لاقى شعبية كبيرة خاصة في مسعد إلى جانب مدن الجلفة، البيرين و دار الشيوخ، ناهيك عن الحملة القوية التي انتهجها الحزب إن على الواقع أو افتراضيا على الشبكة العنكبوتية، في حين كان تكتل حمس على المحك نتيجة فقده للكثير وهو الذي تحصل على مقعد بشق الأنفس وكان الأخير من بين القوائم التي تخطت عتبة ال5 بالمائة، حيث بدى الفتور واضحا خلال الحملة من جانب أبناء حمس الذين رفضوا منذ البداية تصدّر ممثل التغيير للتحالف وهو الذي فرض عليهم فرضا رغم النفي العلني لذلك، لتفقد حمس في الأخير مقعدا كانت قد أحرزته ضمن الجزائر الخضراء التي جمعت سنة 2012 كل من حمس، النهضة و الاصلاح ... الثلاثي "ضيف – سبع – العطري" تفرقت "أصواتهم" فخسرت "بحبح" رغم وعائها الانتخابي الكبير (42036 ناخب) حيث تتجاوز مدينة مسعد بأكثر من 4 آلاف ناخب، تبقى "بحبح" مغيبة عن المشهد البرلماني منذ سنوات باستثناء "الطفرة" في البرلمان السابق، حيث تعاني من غياب تمثيلها في البرلمان إما لإقصائها من الأحزاب الكبرى كالأفلان والأرندي أو لتقديم ممثلين لا ينعقد عليهم الإجماع كما هو الحال مع الثلاثي المترشح في هاته التشريعيات "محمد ضيف" رئيس حزب الوحدة الوطنية والتنمية (6884 صوت) و "أحمد العطري" متصدر قائمة الأفانا (5053 صوت)، إضافة إلى "أحمد سبع" متصدر قائمة الفجر الجديد (4862 صوت) حيث تفرقت الأصوات بينهم مما جعل المدينة تخسر مرة أخرى في وقت كان بالإمكان لم الشمل و الإجماع على مترشح أو قائمة بغرض الفوز بمقعدين على الأقل، لكن منطق العروشية على غرار باقي جهات الولاية كان الفيصل في تشتيت أصوات ناخبيها وتأكيد الخيبة مرة أخرى والتي قد لا تكون الأخيرة. العروشية مرة أخرى ! يذكر أن أحزاب السلطة استثمرت في تشتت أصوات منافسيها، حيث أن أغلب القوائم لم تتمكن من تخطي عتبة ال5 بالمائة لاعتمادها على العامل العروشي و الذي غالبا ما تكون فيه الهيئة الناخبة متمركزة في بلدية أو بلديتين، أما القوائم التي تمكنت من اجتياز العقبة فلم تتعدى هي الأخرى ال10 آلاف صوت، فلا البرامج الحزبية إسلامية كانت أو اشتراكية و لا عامل الكفاءة لدى المترشحين هي من حددت توجّه الناخبين، بل هو التصويت على القريب و ابن العم و ابن العرش، مثلما حدث مع جل القوائم الفائزة أو الخاسرة، على غرار الإتحاد من أجل النهضة و البناء الذي ركز على عرش بعينه، فيما تقاسمت كل من جبهة المستقبل و حزب الحرية و العدالة و بدرجة أقل القائمة الحرة "ترقية المواطنة" وعاء واحدا، أما قائمة الإصلاح فقد ركزت على بلدية الإدريسية لوحدها، من جانبه اكتسح متصدر قائمة الأفافاس بلدية حد الصحاري لا غير، في حين كان أغلب المصوتين على القائمة الحرة المدينة من أبناء مدينة عين وسارة... لتبقى الأحزاب ذات الانتشار الواسع عبر مختلف البلديات هي التي تكتسح المقاعد البرلمانية، مع ملاحظة أنه كلما كان عدد القوائم المترشحة كبيرا كلما كان عدد القوائم الفائزة قليلا، و خير دليل على ذلك هي الانتخابات التشريعية ل 2012 التي شاركت فيها 43 قائمة ولم تفز حينها سوى 03 قوائم فقط، في حين فازت 06 قوائم بمقاعد لها في البرلمان المقبل عندما تقلّص عدد القوائم المترشحة إلى النصف. احتساب المقاعد الخاصة بالنساء ساد ولايزال لغط كبير عقب إعلان النتائج من طرف اللجنة الانتخابية الولائية للتشريعيات الأخيرة، حيث اعتقد الكثير من المواطنين أنه يلزم 05 نساء لتمثيل ولاية الجلفة في العهدة النيابية القادمة، ضنا منهم أن نسبة 35 بالمائة تُحتسب من المجموع الكلي لمقاعد الولاية المقدرة ب14 مقعد، غير أن القانون ينص على أن يكون عدد النساء المنتخبات مساويا لنسبة 35 بالمائة حسب عدد المقاعد التي فازت بها كل قائمة (راجع الجدول المرفق). ومنه يمكن أن تكون حصة النساء بالنسبة لولاية الجلفة في الانتخابات التشريعية عموما من صفر (0) امرأة (في حالة تحصل 14 قائمة مترشحة على مقعد وحد) إلى سبعة (07) نساء كأقصى تقدير (في حالة 07 قوائم مترشحة تتحصل كل منها على مقعدين).
نسب المشاركة في تشريعيات 2017 بالجلفة (13سا، 16 سا، 18 سا) فتحي خويل النائب بالبرلمان الجزائري في كلمة شكر و عرفان لسكان ولاية الجلفة