زعلان و بدوي يبدو أن حرمان ولاية الجلفة من البرامج الحكومية صار الرياضة المفضلة للحكومة وبكل وزرائها وكأن هناك ارادة مبيتة لذلك أو خطوطا حمراء تتعلق بالتنمية بأكبر ولاية تنتمي في آن واحد الى السهوب والجنوب والهضاب العليا. ويأتي مطار الثلثي كأقدم مشروع بولاية الجلفة يتم قبره مع كل زيارة وزارية أو اطلاق وعود بشأنه دون أن ترى النور بل وصار الكثير منها مجرد كلام ... وقد عاد هذا الملف اليوم بمناسبة زيارة وزير النقل والأشغال العمومية رفقة وزير الداخلية وتهيئة الاقليم الى عاصمة السهوب. ورغم أن المشروع استراتيجي وتتعلق حوله التنمية عبر منطقة بأكملها اضافة الى مساحته الضخمة (553 هكتار) ... الا أن الحكومات المتعاقبة كثيرا ما انقلبت على نفسها عندما يتعلق الأمر بالجلفة. وللتدليل على غرابة قضية مطار الثلثي يمكن الإشارة إلى المخطط التوجيهي لتطوير الجلفة لسنة 1984 والذي أقرّ ضرورة بناء مطار دولي بمدينة الجلفة في موقعه الموروث منذ العهد الكولونيالي أي موقع "الثلثي". ولكن توصيات هذا المخطط التوجيهي لم تر النور رغم أن من أنجزته في عهد الرئيس الشاذلي هي وزارة التخطيط وتهيئة الاقليم (MPAT) آنذاك. كرونولوجيا الوعود ونقض العهود ... خلال 10 سنوات فقط!! جوان 2010: استفادت ولاية الجلفة من مشروع إنجاز مطار بمنطقة المعلبة، حيث تم تخصيص 600 مليون دج كتكلفة لإنجاز الدراسة الخاصة بالنجاعة، ومباشرة إنجاز السياج المحيط به، حيث تم اختيار الأرضية المخصصة له في انتظار تجسيده على أرض الواقع. 06 أوت 2013: مؤسسة تسيير مصالح مطارات الجزائر" تعلن عن مناقصة وطنية مفتوحة لمكاتب الدراسات الوطنية المعتمدة من أجل دراسة 05 مشاريع على مستوى مطار الثلثي تتمثل في مستودع الصيانة، مبنى الإدارة، موقف السيارات، خزان للمياه و شبكة الطرقات العامة. حيث تم تحديد مدة 30 يوما من أجل إعداد العروض... 21 أوت 2013: لجنة ولائية تعاين حدود مطار الثلثي بالجلفة لحصر عدد العائلات التي سيتم ترحيلها من أرضيته 04 ديسمبر 2014: إصدار قرار ولائي رقم 4578 المؤرخ في 04/12/2014، قصد تسوية جميع المعوقات التي حالت دون إنشاء مطار الجلفة، يتضمن إنشاء لجنة ولائية مكلفة بإحصاء جميع السكنات المتواجدة داخل أرضية المطار وتسوية المستثمرات الفلاحية والبالغ عددها 07 مستثمرات ضمن اللجنة الولائية لتصفية النزاع العقاري الفلاحي. 29 مارس 2015: في إطار المخطط التوجيهي للمطار (2005-2025) قام إطارات من وزارة الأشغال العمومية بمعاينة أرضية المطار ودراسة إمكانية تسجيل عملية قصد إنجاز مطار للاستعمال المحدود. أفريل 2015: صرح الوزير الأسبق للنقل "عمار غول" بأن مطار ولاية الجلفة الذي يحظى بالاهتمام تم بشأنه إعطاء تعليمات بضرورة استكمال الدراسات التفصيلية في الفضاء التأميني. أوت 2015: والي ولاية الجلفة الأسبق "عبد القادر جلاوي" يؤكد خلال ندوة "الجلفة إنفو"، بأن تسجيل إنجاز الخط الكهربائي عالي الضغط KVA 400 "بئر غبالو - الجلفة" قد جاء في إطار برنامج استعجالي بحيث تم تسليم رخصة البناء لمؤسسة الإنجاز من طرف مصالح مدير التعمير والبناء والهندسة المعمارية دون أخذ رأي مصالح مديرية النقل، إذ تبين بأن هذا الخط الكهربائي يمر بمحيط أرضية المطار، ليتم عرض هذا الإشكال على اللجنة التقنية الوزارية المكلف بمتابعة المشاريع الاستعجالية للكهرباء على مستوى وزارة الداخلية و الجماعات المحلية والتي قررت مواصلة الأشغال على المسار الرئيسي باعتبار هذا المشروع حيوي واستراتيجي بحيث يربط الشبكة الكهربائية للشمال، وخلال الاجتماع المنعقد بمقر الولاية بتاريخ 30/10/2014 و بحضور كل الأطراف المعنية، أعطيت لممثلي الشركة الجزائرية لتسيير شبكة نقل الكهرباء تعليمات قصد الالتزام كتابيا بتحويل مسار هذا الخط الكهربائي مع تحملها تكلفة تغييره وهذا قبل الشروع في تهيئة واستغلال المطار. فيفري 2017: تلقت "الجلفة إنفو" إشعارا من نادي طيران الهضاب العليا بالجلفة بخصوص الخروقات التي مست محيط أرضية مطار الثلثي، والمتعلقة بمنح ترخيص بمرور خط كهربائي عالي الضغط على محيط المطار وبالضبط على المدرج الرئيسي الشئ الذي يتنافى مع قوانين الملاحة الجوية. حيث أكد رئيس نادي الطيران السيد "بن مشيه محمد" بأنه قام بإشعار مؤسسة تسيير مصالح مطارات الجزائر بمراسلة مشفوعة بالصور حول الوضعية التي آلت إليها أرضية المطار، متسائلا في ذات السياق عن مدى التزام الشركة الجزائرية لتسيير شبكة نقل الكهرباء GRTE لتعهداتها بتحويل مسار هذا الخط الكهربائي للشروع في تهيئة واستغلال المطار. فرنسا تعرف قيمة مطار الجلفة أفضل من جزائر الاستقلال!! بالعودة الى تاريخ مطار الثلثي نجد أن سلطات الاحتلال الفرنسي تعرف قيمة الموقع الاستراتيجي لمنطقة الجلفة أفضل من سلطة الاستقلال. فأنشأت فرنسا مدينة الجلفة سنة 1852 ثم أتبعتها بإنشاء مزرعة لتربية الأغنام بتعظميت سنة 1864 سرعان ما تحولت سنة 1919 الى مؤسسة للبحث العلمي يشرف عليها أشهر العلماء في المعمورة. ليلي ذلك انشاء خط السكة الحديدية الذي دوت صافرته بمدينة الجلفة سنة 1921. وهكذا استكملت فرنسا تثمينها لموقع ولاية الجلفة الاستراتيجي بإنشاء مطار الثلثي الواقع على مسافة 15 كلم شرق مدينة الجلفة طريق فيض البطمة. ويعود ذلك الى القرار المؤرخ في 26/07/1956 بمساحة تقدر ب 553 هكتار ليتم تهيئته واستغلاله بصورة تامة من خلال أساطيل من الطائرات الحربية وطائرات النقل التجاري وغيرها. غير أن سلطة الاستقلال قد بدأت تجرد ولاية الجلفة من مكتسباتها ومنها مطار الثلثي. فتم تصنيفه كمطار للاستعمال المحدود بناءا على المرسوم رقم: 89/50 المؤرخ في 18 آفريل 1989 ، ثم ليتم تسجيل عملية إعادة تأهيله خلال قانون المالية لسنة 2010 مسيرة من طرف مؤسسة تسيير مطارات الجزائر ... غير أن لا هذه ولا تلك تم تجسيدها ليبقى الحجاج والمعتمرون والمغتربون بالجلفة وما جاورها يتجرعون مرارة التنقل الى مطار العاصمة ... فمن يملك تفسيرا منطقيا لما يحدث لمطار أوصت الدولة بجعله دوليا ثم صنفته نفس الدولة للاستعمال المحدود ثم أهملته نفس الدولة أيضا وضلت تطلق الوعود وتنقض العهود اذا كان الأمر يتعلق باسم "الجلفة"؟؟