ودعت الجلفة اليوم الأحد أحد أعلامها وأئمتها الأفذاذ الشيخ الجليل سي مصطفى بن سي الطيب شحطة الذي كانت له بصمة في الدين والفتوى على فقه مالك وإصلاح ذات البين و ذلك عن عمر ناهز 92 عاما، حسب ما علم من عائلته. و قد وري المرحوم الثرى ظهر اليوم بمقبرة "واد القصب" ببلدية الزعفران" مسقط رأسه بحضور جمع كبير من المواطنين والسلطات المدنية والعسكرية. و تشير سيرة المرحوم حسب الشيخ الطاهر قويسم أحد أئمة الولاية، بأن مسقط رأسه كان بمنطقة "عقرابة" ببلدية الزعفران (60 كلم شمال الولاية) حفظ القرآن في سن مبكرة ثم نال العلم بداية في زاوية الشيخ سي بن أمحمد بالغيشة (ولاية الأغواط). و كان المرحوم علاوة لحفظه للقرآن الكريم يحمل في أمتاعه حفظا وفهما متن الخليل في الفقه وهو ما جعله في حياته مقصدا للفتوى. و ارتحل سي مصطفى لنيل مشارب الشريعة بزاوية الهامل (المسيلة) ومنها عاد ليكون على منبر أحد مساجد الجلفة متطوعا لعقود وكان في سلك التعليم حتى خرج متقاعدا وهو من أعلام الجلفة . ومن حسنات الرجل أنه كان مقصدا للفتوى في بيته فكان لا يبخل بما أوتي من علم يشهد له القريب به قبل البعيد وكان زاهدا في حياته ولم ينل حقه من معرفة الجيل الحالي من شباب الحاضر، لمثل هذه القامات التي ماتت في صمت لكن تركت سيرتها بسماحتها و اعتدالها في الدين. و يقول أحد أحفاد الشيخ الراحل السيد مخلوف: " بأن جده جمع في حياته بين علم وورع وكان مجاهدا إبان الثورة التحريرية و مشيخته ومكانته كانت نظير علمه و اضطلاعه بعلوم الدين وكتاب خليل في الفقه ، فلم يبخل حتى أخر أيامه أين لزم فراش المرض أيام معدودات قبيل شهر رمضان الفضيل". يذكر أن زاوية "الغيشة" ببلدية الزعفران قامت شهر مارس 2016 بتكريم الشيخ "مصطفى شحطة" الذي يعتبر من أوائل المتمدرسين بالزاوية بحضور جمع من الأئمة و المشائخ و الأساتذة و طلبة الزاوية يتقدمهم شيخ الزاوية "سي عبد القادر بن عطية" و أمين مجلس "اقرأ" الشيخ "جابري سالت"... الشيخ شحطة مصطفى في سطور الشيخ شحطة مصطفى بن الطيب، من مواليد سنة 1929 بالزعفران، حفظ نصف القرآن الكريم بمسقط رأسه على يد الشيخ "صيلع العيد بن محمد"، ليرسله والده إلى زاوية الغيشة، أين أكمل على يد مؤسس الزاوية الشيخ "بن امحمد بن عطية" حفظ القرآن الكريم...ثم انتقل إلى الزاوية القاسمية بالهامل سنة 1948 و مكث فيها 07 سنوات، فأعاد حفظ القرآن الكريم، و أخذ من كل الفنون الشرعية قسطا و انكب على دراسة مختصر الشيخ خليل في الفقه المالكي على يد كل من الشيخ بن عزوز القاسمي ثم الشيخ خليل القاسمي، ليتحصّل على درجة "النظّار" التي مكنته من تدريس "الشُّرّاح"، وهم الطبقة الأولى من طلبة الزاوية ...ليشارك بعد اندلاع الثورة التحريرية بتأسيس لجان ثورية ابتداء من سنة 1956، كان يترأسها حينها الشيخ سي أحمد الصغير الصادقي... في سنة 1967 انخرط الشيخ "شحطة" في سلك التربية و التعليم و تدرّج عبر مراحله من معلّم بالابتدائية المركزية بالجلفة، ثم بمؤسستي حنيشي الشمالية و الجنوبية إلى غاية سنة 1988، ثم تم تعيينه مديرا لمدرسة ابتدائية بحي 5 جويلية بعاصمة الولاية سنة 1989 قام بتسميتها على اسم شيخه "بن امحمد بن عطية"، إلى أن أحيل إلى التقاعد سنة 1992. لازم الشيخ مصطفى شحطة، الذي يُقرض الشعر، خلال فترة طويلة كل من الشيخ أحمد الصغير صادقي، و الشيخ عامر محفوظي، وكان له نشاط ما بين سنتي 1989 و 1992 بمسجد "مصعب بن عمير" بحي المستشفى القديم بالجلفة، وقد تم انتدابه من طرف مديرية الشؤون الدينية إماما للجمعة بمسجد الهدى بحي مائة دار و مسجد "مصعب بن عمير" لغاية سنة 1995، ليعتزل بطلب منه. داوم الشيخ شحطة على قراءة الحزب الراتب بمسجد "مصعب بن عمير" لمدة 40 سنة (أي منذ سنة 1976 )... وأقام بالمسجد المذكور حلقة علمية بمعية الشيخ الطاهر قويسم، إلى أن اقعده المرض ثم وافته المنية -رحمه الله- بتاريخ السبت 08 جوان 2019. صور من الجنازة