البروفيسور عباس شداد واحد من بين الباحثين الشباب العرب الذي حقق نجاحا كبيرا في المجال العلمي والعملي، أستاذ مشارك وقائد لمجموعة باحثين في ''معهد بليكينج للتكنولوجيا'' جنوبالسويد، حاصل مرتين على جائزة "قائمة العميد للأداء الأكاديمي"، وجائزة أفضل رسالة دكتوراه من كلية الحاسوب والهندسة سنة 2009، إنه البروفيسور المسعدي الجلفاوي الجزائري ''شداد عباس'' دعونا نتعرف على هذه الشخصية من خلال هذا الحوار مع جريدة "الجلفة إنفو" الإلكترونية.. يسعدنا أنك موجود معنا عبر موقع "الجلفة إنفو"، هل من الممكن أن تعرفنا بنفسك ؟ عباس شداد إبن أحمد إبن الذهبي، ولدت وترعرعت في دائرة مسعد ولاية الجلفة، كان أبي أحمد شداد (المعروف في البلدة باسم برزڤ ) - رحمه الله - مزارعا بسيطا، ووالدتي- حفظها الله- درست في تكوين مهني تديره مدرسات فرنسيات إبان فترة الاحتلال الفرنسي، لذلك نجد عندها ثقافة لا بأس بها وإلمام بالأمور الحياتية، لدي 03 أشقاء و03 أخوات. لو تعود بنا إلى مرحلة الطفولة والنشأة الأولى ؟؟ درست مراحلي التعليمية في مسعد بدء بابتدائية "سي أحمد بن عطية"، ثم إكمالية "بوعبدلي دحمان"، فثانوية "حاشي عبد الرحمن"، وبعد حصولي على شهادة البكالوريا، كانت الجزائر قد دخلت في العشرية السوداء -لا ردها الله- ولم يكن الجو العام محفزا للتركيز على دراساتنا فقط بل كان يهدد الحياة. إلى جانب عملك واجتهادك هل تعتبر نفسك من المحظوظين أنك ولدت هنا؟ كان يراودني دائما كابوس فكري وهو أني ولدت في مسعد، وترعرعت في مسعد، ودرست في مسعد، وعملت في مسعد، ثم أموت في مسعد، لم يكن هذا طريقي! هذا لا يعني أنني أتنكر لجذوري وللبيئة التي كان منها المنطلق، ولكن اعتقادي هو أن الله لم يخلقنا للرحيل عن هذه الحياة الترابية دون ترك بصماتنا، فالبحث العلمي لا وطن له، وطنه هو حيث تتوفر البيئة الملائمة والمناخ المشجع على الإنجاز. لم أكن أول من فكر هكذا بل سبقني إليه إمامنا الحكيم الشافعي رحمه الله وأخالكم فهمتم المقصود.. إني رأيتُ وقوفَ الماء يفسدهُ إِنْ سَال طَابَ وَإنْ لَمْ يَجْرِ لَمْ يَطِبِ والأسدُ لولا فراقُ الأرض ما افترست والسَّهمُ لولا فراقُ القوسِ لم يصب والتَّبْرَ كالتُّرْبَ مُلْقَى في أَمَاكِنِه والعودُ في أرضه نوعً من الحطب كيف ومتى بدأت حكاية الرحلة والهجرة؟ ولماذا اخترت هذه الدراسة بالذات؟؟ سافرت حول العالم كثيرًا وعشت في بلدان مختلفة مما ساعدني على سبر أغوار الناس وأخذ الأفضل من كل دولة، من ماليزيا، إلى بريطانيا، إلى السويد، رحلة طويلة مليئة بالأحداث التي شكلت حياتي وحولتني إلى الشخص الذي أنا عليه اليوم، والتي كانت محفوفة بدعاء الوالدة الذي بإرادة الله سهّل لي السبل، واهتمام أخي الأكبر بي ''عبد القادر'' فعندما كنت صغيراً قدم لي العون والمعونة، وأوقد في حب المطالعة والهجرة وبناء الذات. لقد تنقلت أثناء حياتك العلمية كثيرا فما هي الدولة التي لها الفضل في نجاحك؟ وما هي العقبات التي واجهتك خلال مشوارك؟ كنت محظوظًا لحصولي على منحة دراسية من الرابطة (في المملكة العربية السعودية) لمواصلة دراستي في ماليزيا، حصلت على تلك الرسالة التي طال انتظارها والتي تم فيها قبولي بالجامعة. لذلك سافرت إلى ماليزيا ولكن تم إلغاء منحة الرابطة لأن الأمر استغرق أكثر من عام لبدء الدراسة - مع مشكلة رسائل البريد- ولم أكن أعلم أن المنحة مشروطة بمزاولة الدراسة خلال سنة، لذلك قدمت للحصول على منحة من الجامعة الماليزية مباشرة وحصلت على واحدة. تخرجت ببكالوريوس بمعدل جيد جدا (معدل تراكمي 82.5% ) وحصلت مرتين على جائزة قائمة العميد للأداء الأكاديمي، ثم تقدمت بطلب وحصلت على منحة دراسية أخرى من جامعة مختلفة في ماليزيا لدراسة الماجستير في علوم الحاسوب، ونشرت نتائج أطروحة الماجستير في مجلة محكمة عالمية عالية الترتيب. بدأت بالتدريس في جامعة بماليزيا وفي الوقت نفسه كنت أتصل بجامعات مختلفة حول العالم للحصول على منحة دراسية لمواصلة الدكتوراه، حصلت على ثلاث منح دراسية لدرجة الدكتوراه، واحدة من سيول (كوريا الجنوبية) واثنتان من المملكة المتحدة (بريطانيا) لذا وقع الاختيار على المملكة المتحدة وانتقلت إلى مقاطعة "بلفاست" حيث بدأت رحلة الدكتوراه والتي حصلت عليها بامتياز كأحسن أطروحة بكلية الهندسة ولله الحمد من قبل ومن بعد، ثم بدأت رحلة العمل التي قادتني للسويد. أهم العقبات في ذلك الوقت لم تكن هناك الإنترنت، ولم تكن هناك الهواتف المحمولة، كانت مراسلاتي مع الجامعات من خلال رسائل عادية (لإرسال المستندات المطلوبة)، وكان كل بريد يستغرق 06 أشهر للوصول إلى الوجهة. ماذا عن مشاركاتك دوليا والجوائز التي توجت بها؟ الحمد لله .. لدي عدد من الجوائز التي كانت لي الحافز، أذكر منها: جائزة أفضل تقرير سنوي من كلية الحاسوب والهندسة سنة 2007، وهي جائزة تمنحها الجامعة بالتعاون مع شركة النشر" ماجروهيل" لطلاب السنة الثانية دكتوراه، وجائزة أفضل ورقة بحث في المؤتمر الدولي الثامن لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات سنة 2008، وتم منح الجائزة من قبل مؤسسة IET (معهد الهندسة والتكنولوجيا) "ڤالواي" أيرلندا. كذا جائزة 25 ألف لرواد الأعمال الجدد كأفضل مشروع في فئة التكنولوجيا المتقدمة، وجائزة أفضل رسالة دكتوراه من كلية الحاسوب والهندسة سنة 2009، وجائزة العضوية العليا لمعهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات (IEEE) . بما أنك تمتلك سجلًا علميا حافلا هل أتيحت لك فرصة الانتساب إلى عضوية الجمعيات الدولية؟ وهل أثر هذا على بحوثك وأعمالك؟؟ نعم كان لي شرف الإنضمام إلى عدة جمعيات علمية لأن هذه الإخيرة تساعد الباحثين على تبادل معلومات الوظائف والمهن، وصياغة مجالات للتعاون، والترويج لأعمالهم، ومن بينها أذكر: عضوية جمعية معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات IEEE ، هذا المعهد اليوم هو أكبر جمعيّة مهنيّة على مستوى العالم، والذي يهدف إلى تحقيق التقدم التعليميّ والتقنيّ في مجال الهندسة الكهربائية والإلكترونيّة والحاسبات . وعضوية جمعية معالجة الإشارات IEEE لمعالجة الإشارة وهي أحد علوم الهندسة الكهربائية والرياضيات التطبيقية. بالإضافة إلى عضوية الجمعية السويدية للتحليل الآلي للصور، وعضوية الجمعية السويدية لأساتذة الجامعات والباحثين SULF. كما أني عضو في الرابطة الدولية للعلوم والتكنولوجيا من أجل التنمية (IASTED)، واللجنة الفنية لمعالجة الصور والهندسة الطبية الحيوية. بالطبع لم يكن الاتنساب للجمعيات الدولية عائقا، لأن أهمية البحث العلمي تكمن أولا في اسمه فأنت تبحث وتنمي معرفتك ومخزونك العلمي لفائدتك وفائدة غيرك، ثم إنه يُعلي قيمة المرء في الدارين. ما هي مجمل بحوث وأعمال البروفيسور عباس شداد ؟ مجمل عدد مرات الإقتباس لأبحاثي بلغ 2510 مرة، عندي في رصيدي كتاب واحد منشور و02 براءة اختراع ومجموعة بيانات واحدة مفتوحة، و23 ورقة بحث منشورة بمجلات محكمة، و 32 ورقة بحث منشورة بمؤتمرات دولية مختلفة. ما آخر أبحاثك؟ يمكن اختزالها في المواضيع التالية: - أبحاث لتحسين أمن المعلومات بنظام الستينوغرافي والتي شكلت دعامة علمية لكثير من الباحثين الغربيين والعرب على حد سواء. - تطوير خوارزميات جديدة لتحسين أداء الماسح الضوئي OPT والذي لحسن حظي كنت أشتغل مع مخترعه. - تطوير برامج كمبيوتر للتنبؤ المبكر بمرض سرطان الثدي عند النساء حيث كنت أشتغل على قاعدة بيانات لصور أشعة ومعلومات جانبية عن المرضى هي الأولى بالعالم من حيث الحجم والترتيب. ماذا بعد هذا؟ أعمل الآن في بحوث مع شركة SONY وشركة تصنيع محركات الطائرات GKN وشركات أخرى في مجال التوظيف الصناعي للذكاء الاصطناعي، وأعمل حاليًا كأستاذ مشارك وقائد لمجموعة باحثين في ''معهد بليكينج للتكنولوجيا'' جنوبالسويد. سعدنا بالتحدث معك .. شكرا