في جنازة مهيبة ودعت مسعد المجاهد البطل "الحاج أحمد بن فتاشة" الذي قدم الغالي والنفيس إبان ثورة التحرير المجيدة وكان أحد المجاهدين الناشطين بالولاية السادسة على محور منطقة جنوبالجلفة في بوكحيل ومسعد وصولا إلى منطقتي الأغواط وغارداية والصحراء وقبلها الولاية الخامسة. المرحوم سي أحمد بن فتاشة هو سليل عائلة معروفة بالعلم والكفاح والدفاع عن الهوية العربية الإسلامية ضد المحتل الفرنسي سواء في ميادين القضاء أو التعليم القرآني أو توثيق تاريخ ذاكرة ونسب المنطقة. فجدّه المباشر هو "سي علي" المعلم والباش عدل والفقيه ووالد جده هو القاضي الشهير سي محمد بن فتاشة 1790-1890" الذي عاصر مؤسسي قصر مسعد (شرق قصر دمّد) بنهاية العهد العثماني، وأبوه هو المجاهد والفقيه "سي عمر بن سي علي 1903-1972" مؤسس الحالة المدنية لعرش أولاد يحيى بن سالم وموثُق ذاكرتهم، وعمّته هي السيدة الكريمة الباش عدل "التالية بنت سي علي (زوجة بوشويرب) 1881-1961"، وشقيقته هي المجاهدة الزهرة بن فتاشة التي حفرت مخبأ "مركز الدوم" مع زوجها المجاهد "زريق قويدر" سنة 1958. كان المجاهد سي أحمد بن فتاشة من أهم شخصيات الولاية السادسة التاريخية أين كان يمون المجاهدين بالمؤونة والسلاح واللباس وكان كثير النشاط والتحركات بسائر الولاية السادسة أين ربط اتصالات وعلاقات مع مختلف مجاهدي الصحراء شأنه في ذلك شأن والده المجاهد "سي عمر بن فتاشة". والدور الكبير للمجاهد "سي أحمد بن فتاشة" خصوصا، وعائلته عموما، يُستدل عليه بالرصيد الوثائقي الثري الكبير الذي يحوزه نجله الأستاذ "مبروك بن فتاشة" وهو باحث في التاريخ المحلي ونشر عدة مساهمات تاريخية وتراثية بموقع "الجلفة إنفو". وهذه الوثائق تؤكد أن الرجل كان يقوم بدور خطير قد يكلفه الإعدام لو انكشف أمره وهذا بسبب معلومات عن النشطاء وعن مراكز العدو الفرنسي وتموضعها وتعداد قواته وتحركاته فضلا عن معلومات التموين وطرقه وتأمين تحركات المجاهدين والتمويه عليها. كما كان يقوم بدور محاسبي في احصاء مصادر التموين من حيث تعداد المواشي والآلات وبهائم النقل والجلود والمخابئ. وبهذه المناسبة الأليمة تتقدم أسرة "الجلفة إنفو" بخالص التعازي لعائلة المجاهد ونجله الباحث في التاريخ المحلي الأستاذ مبروك بن فتاشة وابن شقيقته الصحفي بلال الذيب، سائلين المولى عز وجل أن يتغمده بواسع رحمته وأن يسكنه فسيح جناته ويلهم أهله وذويه الصبر الجميل. بقلم الباحث والصحفي/ الطاهر حليس (10 أوت 2020) (نقلا عن مجموعة "تراث وذكريات بلدية سد رحال بين الماضي والحاضر" بالفايسبوك، بتصرف) نُعرج في هذه السلسة من وقفات تاريخية على مركز من أهم مراكز جيش التحرير بالولاية السادسة التاريخية ... هو "مركز الدوم" ببلدية دلدول التابع تاريخيا للقسمة 56 الناحية الثانية المنطقة الثالثة. تم انشاؤه في بداية سنة 1958 ونظرا لتوسع العمليات الثورية في كل أنحاء الولاية السادسة التاريخية، قرر قادة الثورة بالناحية إنشاء مركز للثورة بمنطقة الدوم الإستراتجية الي تقع في محور "دلدول- سيدي- مخلوف- سدرحال" وقد كُلف المجاهد بن فتاشة أحمد بهذه المهة. وتم تعين المكان بالقرب من "دير النخل" وهي منطقة ذات تضاريس صعبة حيث كان يسكن المجاهد "قويدر زريق" الذي أمره بن فتاشة بحفر هذا المركز وفي سرية تامة طلب منه انجاز المهمة خلال شهرين وبالفعل تم ذلك. تقول المجاهدة "زهرة بن فتاشة"، زوجة المجاهد قويدر، وأخت المجاهد أحمد بن فتاشة "بدأتُ أنا وزوجي في الحفر ليلا، وفي مدة شهر وأيام أنهينا الحفر فكان عبارة عن حفرة كبيرة عرضها ثلاثة 03 أمتار وعلوّها حوالي مترين 02 م، لها مخرج واحد به جذع نخلة يتم الصعود والهبوط عن طريقه". بعد الإنتهاء من الحفر جاءت كتيبة من بوكحيل ومعهم المجاهد "بن فتاشة أحمد" لمعاينة المكان الذي صار مركزا جاهزا يتم فيه تخزين السلاح وخياطة الألبسة وصنع الأحذية. فضلا عن كونه مركزا للإجتماعات مرت به العديد من قيادات المنطقة تذكر الحاجة الزهرة منهم "موسى معروف موسى الشنيني" و"مختار مخلط بن لبيض"، ... "مركز الدوم" يعتبر من أهم مراكز الثورة بالمنطقة وإلى غاية الإستقلال لم يكتشف وحول ذلك يقول المجاهد أحمد بن فتاشة "المركز كان من أهم المراكز لعدة أسباب أهمها استراتجية المنطقة وتضاريسها من جهة، ومن جهة ثانية سكان هذه المنطقة تميزو بالسرية ودعمهم للثورة ولذلك كانت المنطقة مهمة لدى قادة الناحية". كما يؤكد المجاهد أحمد بن فتاشة أن المنطقة شهدت العديد من الكمائن ومعركة واد الدوم شاهدة على ذلك في 03 مارس 1961. هذه وقفة مختصرة مع تاريخ هذه المنطقة المجاهدة وبشهادة صانعي الحدث، نتمى من الباحثين والمؤرخين زيارة هذه المنطقة وكتابة تاريخها مادام بعض المجاهدين على قيد الحياة. كما أوجه هذا النداء بل هذه الصرخة لرئيس بلدية دلدول المجاهدة لكي يعيد الإعتبار لهذا المركز المهم في تاريخ ثورتنا المجيدة وذاك بإعادة بنائه ليصبح معلما تاريخيا وسياحيا مهما ويشهد على ما قدمته المنطقة في سبيل إستقلال الجزائر ... المجاهدة بن فتاشة الزهرة مستعدة أن تساهم في مبادرة إعادة بناء المركز.