ترجل إلى ربه الأب المجاهد وضابط جيش التحرير الوطني الحاج المختار مخلط، رجل ليس ككل الرجال لأنه عاش حياته مجاهدا لله من أجل وطنه ... جهاد السلاح أيام الثورة ...وجهاد أداء أمانة التاريخ للأجيال بعد الاستقلال. عايشتُه عن قرب وكان يصفني بالصديق رغم عشرات السنين بيني وبينه ... لم أرَ منه إلا الغيرة والتضحية من أجل كتابة تاريخ المنطقة والولاية السادسة عموما، والتي كان تاريخها وتاريخ قائدها القائد المؤمن "الشيخ زيان عاشور" مطمورا بل ومُشوّها، فتحمل الحاج المختار أمانة الشهداء وإخوانه في الجهاد على أن لا يدع الجهاد حتى تكتمل صورته للأجيال اللاحقة. عمل الحاج المختار منذ نهاية الستينات بجد وتضحية وأخذ على نفسه العهد أن يعيد الاعتبار للمنطقة والولاية السادسة والشيخ زيان عاشور. ولأجل ذلك كان يعقد اللقاءات ويغتنم المناسبات والملتقيات والزيارات لإظهار هذا التاريخ وكذا حث قيادات الولاية السادسة وإخوانه على إعادة الاعتبار لتاريخ ما ذكرنا. وكان ذكيا في اختيار من يعينه لتحقيق هذا الهدف حيث جلب اليه نخبة أساتذة الجامعة بمعاملة نادرة سيمتُها الحب وكنتُ من بينهم ... فرأيته صادقا في غايته فصدقت معه وضحينا بكل شيء لأن غايته وغايتتنا التقيا من أجل هدف واحد. وكان يقول لي يا صديقي أتمنى من الله أن لا يقبض روحي حتى تكون الأمانة وصلت ... فجاهد لإقامة الملتقيات حول تاريخ المنطقة واصدار الكتب والمطويات والمطبوعات وتسجيل الشهادات وكم كان حارّا وبشهامة لا يهاب ولا يداهن من أجل غايته أحدا ... ماذا نكتب وماذا نترك حوله وأنا عنده الآن في المستشفى وأرى ذلك الجسد قد طواه السكون بعد أن أفناه في الحركة لأجل الوطن والتاريخ وقلبي يخاطبه ... نم قرير العين فالأمانة التي أفنيت حياتك من أجلها قد وصلت للأجيال واستمسك لحمل عبئها رجال ... ما عاش أحد يشوه تاريخ المنطقة بعد الآن. ولا نقول في الأخير الا الحمد لله وإنا لله وإنا إليه راجعون وعوضنا الله والمنطقة خيرا. نسأل الله أن يرحمه في عليين بجوار الشهداء والأنبياء والصديقين وان يجعل ما قام به من تضحيات أثناء وبعد الثورة حجيج لرفعته عند الله.
للبقاء على اطلاع دائم بالأخبار عبر جريدتكم "الجلفة إنفو" الإلكترونية و تلقي الإشعارات، قم بتحميل تطبيق الجلفة انفو