شروط الخبرة المهنية المطلوبة في مسابقة توظيف الأساتذة في قطاع التربية كانت واضحة وضوح الشمس و لا يمكن التغطية عليها بالقراءات و التأويلات و غيرها. غير أن العامل المشترك بين تلك الشروط المطلوبة للخبرة المهنية هو كلمة "كذا نقطة عن كل سنة تدريس" يعني الخبرة المطلوبة يجب أن تكون في التدريس في قطاع التربية أو في قطاع الوظيف العمومي أو خارج قطاع الوظيف العمومي. و يبدو أن هذه الكلمة فضفاضة لذلك وجد فيها الكثيرون طريقا للحصول على نصيب من النقاط الستة المحجوزة للمترشحين للمسابقة على أساس الشهادة. لذلك فقد صدرت شهادات عمل تثبت التدريس في قطاع التربية و مؤسسات التكوين المهني و ديوان محو الأمية و مختلف المؤسسات الجامعية لاسيما جامعة الجلفة و المدارس و معاهد التكوين الخاصة. و لعل اللغط الذي أثارته نتائج المسابقة و حجم الطعون التي تلقتها مديرية التربية بالجلفة و كذلك تأخر تنصيب الأساتذة الجدد، كلها عوامل مازالت تضفي الكثير من الشكوك حول نجاح بعض الأسماء... يحدث هذا رغم أن مديرية التربية قد فتحت الأبواب للصحافة المحلية من أجل مرافقة بعض أطوار عملية دراسة ملفات الناجحين. لم يبق للمترشحين الخاسرين الآن سوى مديرية التربية و لم يبق لهذه الأخيرة سوى أن تعلن عن حسن نيتها، و بالفعل فقد سمحت ل "الجلفة إنفو" و لممثلي سلك الأساتذة المتعاقدين بالحضور لمراحل دراسة الملفات داخل مقر المديرية، بل و أعلن بعض الموظفين فيها عن أن المديرية ستطبق القانون في شقه المتعلق بمنح الأولوية لأبناء الولاية. مديرية التربية كان بإمكانها المواصلة في التعبير عن حسن نيتها و الذهاب بعيدا في إضفاء الشفافية على هذه المسابقة التي نالت فيها الولاية عددا معتبرا من المناصب قد لا تناله في السنوات القادمة. غير أن قطار مدير التربية قد سار بنا على سكة السير الحسن للمسابقة ليتوقف فجأة عند محطة "نشر النتائج و إطلاق الوعود بتوثيق الملفات فيما بعد" ... دون أن يواصل طريقه إلى محطة "الشفافية التامة في معالجة تداعيات النتائج و الشكوك المثارة حول بعض النقاط". و تبرز في هذا الصدد تصريحات رئيس مصلحة الامتحانات و المسابقات في لقاء مع "الجلفة إنفو" حول "عملية توثيق ملفات الناجحين" بالاتصال بالإدارات المعنية من أجل التأكد من صحتها. حيث أكد هذا الأخير أنه سيتم الاتصال بمدراء المؤسسات التربوية التي أصدرت شهادات العمل على مستوى الجلفة من اجل توثيق شهادات العمل التي صدرت على مستواها. غير أنه إن كان فعلا في نية مديرية التربية بالجلفة الاتصال بمختلف المؤسسات و الإدارات المعنية بشهادات العمل ... فان ذلك لا يعدو أن يكون مضيعة للوقت و الجهد بل و تسهيلا للتغطية عن أصحاب شهادات العمل المشكوك في صحتها. لأن الشخص الذي أصدر شهادة العمل المزورة هو نفسه من سيرد على إرسالية مديرية التربية بخصوص موثوقية تلك الشهادة ... و هذه ثغرة لا يجب أن تغيب عن مديرية التربية. لذلك فان الإجراء الذي يبدو أقرب إلى الصواب و إلى الجدية في العمل و قطع الشك باليقين ... هو القيام بعملية مراجعة كشوف الرواتب (les fiches de payes) الموافقة لشهادات العمل تلك. و بالتالي فان التأكد من شهادات العمل الصادرة عن المؤسسات التابعة لمديرية التربية سيكون داخل مديرية التربية في حد ذاتها (مصلحة الأجور) و دون الحاجة للاتصال بمدراء المؤسسات التربوية. و نفس الأمر يمكن أن تقوم به مديرية التربية مع باقي الإدارات (التكوين المهني، ديوان محو الأمية، الجامعة). لأنه إذا كان هناك من زور شهادة عمل فانه بالتأكيد لن يكون مربيا صالحا يلقن أبناءنا الحديث النبوي الشريف "من غشنا فليس منا" ... و ليبق التلاميذ بلا أستاذ أفضل من أن يدرسوا على يدي شخص غشاش!!