الشهيد البطل العربي بن مهيدي "الحديد بالحديد يفلح" ... هذا المثل يصلح لوصف الحماقة التي قام بها السيناتور اليميني الفرنسي "جيرارد لونغي"، و هي الحركة التي وجدت لها من يحاكيها في الجزائر من طرف شخص يقال عنه أنه رئيس منظمة أبناء الشهداء. و لكن من باب تحليل موضوعي لتصرف الشخصين المذكورين آنفا و المتساويين في "السلوك الأرعن"،لا بد لنا من أن نكون منصفين في القول أن "لونغي" أفضل من "بونجمة". تصرف "لونغي" جاء إجابة عن مطلب الاعتذار عن جرائم الاحتلال الفرنسي في الجزائر و هو فعل غير مجرم إلى الآن في الجزائر، في حين ما قام به المسمى "بونجمة" لم يكن إلا رد فعل أرعن على حركة رعناء تتضمن إجابة واضحة و صريحة على مطلب جزائري محتشم ممجد بقانون في فرنسا سنة 2005. "لونغي" عبر عن وجهة نظر بطريقة رعناء و حمقاء ... أما المدعو "بونجمة" فلا ندري ما الذي عبر عنه بنفس الرعونة و الحماقة !! لو نلقي نظرة على قضية "الاعتذار" بمنظار الموضوعية القانونية، فان ما يتبادر إلى ذهننا هو أن الجزائر لا تملك عنصر الندية القانونية حتى تطالب بالاعتذار... لأن أبسط إجابة من أي فرنسي قد تكون " لا اعتذار لأنه لدينا قانون صدر في 2005 و ينبغي أن نحترمه" و هذه إجابة معقولة لأن فرنسا دولة مؤسسات و الرئيس فيها يحترم القوانين التي تصدرها المؤسسة التشريعية. أما في الجزائر، فلا نكاد نجد نصا قانونيا يتيح لنا المطالبة بالاعتذار عن فعل "مجرَّم" قانونا ... لأن القانون المفترض قد تم قبره و يومها قال الوزير الأول السابق "أحمد أويحيى" مبررا أن الأمر لا يعدو كونه "ملف سياسي". نتيجة للتعامل الرسمي الجزائري مع مطلب "الاعتذار"، فان أقصى ما اعترفت به فرنسا هو ذلك التصريح "الشفهي" الذي "تصدّق" به علينا الرئيس الفرنسي "فرانسوا أولاند" مؤخرا عن جريمة مظاهرات 17 أكتوبر 1961 في باريس، ربما تحضيرا للزيارة التي سيقوم بها بعد شهر من الآن من أجل الظفر بالمزيد من الصفقات لصالح دولته ... لأن تصدير الدواء الفرنسي (أكثر من مليار دولار سنويا) و السيارات الفرنسية (أكثر من ملياري دولار سنويا) إلى الجزائر غير كاف، و لابد من المزيد من الصفقات التي تخدم فرنسا ... و هذا راجع إلى أن المطالب الجزائرية عن "الاعتذار" لا تتمتع بالجدية و لا يمكن لها أن تمس مصالح فرنسا في الجزائر كما يبينه الواقع المعاش. المشكلة في تجريم الإستدمار في الجزائر هي أن الكل متواطئ و لا يملك الشجاعة و الجرأة لإثارته، فهناك من يستعمله فعلا كملف سياسي مثل حالة "بونجمة" الذي صار هو الآخر صاحب حزب سياسي، و هناك من يثير القضية مناسباتيا مثل حالة الأحزاب الإسلامية، و هناك من يخبط خبط عشواء في تصريحاته و مواقفه مثل "بلخادم"، و هناك من يخدم مباشرة الأطروحة الفرنسية في تصريحاته مثل حالة الأرندي و تصريحات زعيمه أويحيى. حركة "جيرارد لونغي" تجعلنا نقول أن صراحته - و إن كانت رعناء- هي أشرف من "تواطؤ" و "نفاق" و "تخاذل" جميع الأطراف السياسية الجزائرية التي ذكرناها سابقا، بل و اشرف حتى من المالكين لزمام القرار في الجزائر من أصحاب نظرية "الدبلوماسية من وراء حجاب" و "دبلوماسية توزيع القبلات و الابتسامات". فشكرا جزيلا للأرعن "جيرارد لونغي" على حركته الرعناء تجاه طالبي "الصداقة و الاعتذار" في آن واحد من فرنسا ... و مزيدا من هذه الحركات الرعناء حتى نعرف المزيد من القوم "الرُّعّن" في ضفتي البحر المتوسط !!