صورة لمركز الضرائب بالجلفة منذ فترة التسعينيات ، والجزائر تشهد الإصلاحات في العديد من المجالات ، حتى وصلت مصالح الأمن بمختلف الأسلاك، ففي السابق لم نكن نسمع حتى بالفروع البلدية في كل المداشر، وبالشرطة الجوارية في كل الأحياء، قصد التقرب من المواطن، والتكفل بأمنه ومصالحه دون التنقل والعناء، وقد جاءت بنفعها، وتم فتح مقرات لفرق الدرك الوطني في أغلب البلديات، ونفس الشيء بالنسبة لمصالح البريد، وتقريبا كل القطاعات، وخاصة التي لها علاقة بالمواطن، وفروع القروض المصغرة، دون أن ننسى قطاع العدالة وكثرة وثائقه وحساسيتها حيث أصبحت بعض الوثائق تستخرج عن طريق الانترنت، وأخيرا مكاتب التجنيد التي أصبحت تغطي معظم الولايات ، بعدما كان الشباب المعني يبيت في العراء لتسوية وضعيته. كل هذا، جاء في إطار تقريب الإدارة من المواطن ، وتجنب الضغط على الموظفين، وخلق نوع من المرونة في التعامل والتخفيف من البيروقراطية. لكن ، عندما تطغى الارتجالية ، وقِصر النظر دون القيام بدراسة حكيمة، تنبع من الواقع المعاش للمواطن، تكون الكارثة، وهذه المرة جاءت الكارثة من وزارة المالية، حيث قامت بصرف الملايير، لإنجاز مراكز الضرائب في الولايات بغية تجميع مفتشياتها، وهذا الرأي السديد جاء حتما بفكرة من أحد الإطارات من العصر الحجري، الذي لا يعلم ما هي أولويات الدولة وسياستها منذ عقود، لتذليل الصعوبات،فهذا العبقري هو حتما خارج التغطية... فبعد أن كان المتعامل مع مصالح الضرائب لا يتنقل كثيرا، ليتمم إجراءاته مع المفتشية، أو المصلحة التي لها علاقة به، أصبح اليوم يتنقل مسافة 150 كلم من جنوب الولاية أو شمالها، إلى مقر الولاية ، للتنقل إلى المركز، وأصبح كل الوافدين يدخلون في وقت واحد، مجموعات، مجموعات ، لينتظروا دورهم في الطابور، والذي يصل في بعض الأحيان، إلى أكثر من 300 ، ويضيعون يوما أو يومين، ولكم أن تتصوروا الوضعية!! هذه المركزية في العمل أو بالأحرى تجسيد البيروقراطية بما تحمله الكلمة من معنى، جاءت من منطلق التحكم في مراقبة الملفات ، متناسين أن العالم الآن يتعامل بالرقمنة، والحكومة الالكترونية، وبالمعلوماتية. ولنذكر مثالا بسيطا، لا قدر الله، فمجرد شرارة كهرباء، أو زلزال، فسيذهب كل شيء مهب الريح، بعد أن تم تجميع كل ملفات متعاملي الدوائر في مقر الولاية. هذا هو التطور والتقدم، الذي نشهده في 2013، وسببه هو أننا مازلنا نخضع للارتجالية التي تعمل بالمزاج، دون دراسة أو تدبر، فمبارك عليكم أيها المتعاملون مع مراكز الضرائب، وتحية خاصة يا من ورطت وزارة المالية برأيك السديد، ويا وطني عليك أن تفخر بهذا النوع من العقول النادرة، التي تمشي عكس التيار مُكبدة الدولة ملايير الدولارات.