تعتبر مدينة "حد الصحاري" الواقعة في الشمال الشرقي لولاية الجلفة من المدن القليلة الغنية بالمناظر الخلابة و التراث الضارب في عمق التاريخ و الآثار القائمة الى يومنا هذا، و التي تشهد على حضارات مرت من هنا. تحتل بلدية حد الصحاري موقعا جغرافيا متميزا جعل منها مركز عبور هام ونقطة التقاء تربط الشرق بالغرب والشمال بالجنوب. و كذا تموقعها شمال الأطلس الصحراوي وجنوب الأطلس التّلّي. يبلغ تعداد سكانها 30023 نسمة حسب إحصائيات سنة 2008، في حين تقدر مساحتها ب : 85029 هكتار. اجتاحنا الفضول الى التعمق في التعرف على تاريخ هذه المنطقة و الكشف عن مكنوناتها، فتنقلت "الجلفة انفو" مع أحد أبناء المنطقة من أجل الوقوف على هذا الزخم والتعريف به ... لعل وعسى تُبعث السياحة فتُحمى الآثار من الإهمال و يٌصان التراث من الاندثار في مثل هذه المناطق التي لا تحظى برعاية المسؤولين. و لَكَم كانت دهشتنا كبيرة عندما عرفنا أن مدينة "حد الصحاري"المعروفة بتسمية "جبل الصحاري الظهري" تحتوي على عدد كبير من القصور و الكهوف التاريخية منعتنا صعوبة التضاريس من الذهاب اليها. من بين القصور الموجودة ببلدية "حد الصحاري" نجد قصر "بن ساسي"الذي زرناه. وهو قصر كبير تأسرك طريقة تصميمه، تعيد طريقة بنائه الى الذاكرة، الطريقة التي كان يبني بها الفراعنة قصورهم .و مجموعة أخرى من القصور العتيقة من بينها قصر التارش (هارش)، قصر سيدي داود (الرميلة)، قصر رملاية الخرفي (جهة أولاد ساعد) ، قصر حاسي التوتة و الذي مازالت آثاره موجودة إلى يومنا هذا، مثله مثل قصر "السلوم"،قصر المنكب، منطقة خنق العدة التي يوجد بها قصر قديم جدا، قصر "سيدي الزوجي"وهو رجل صالح سكن هذه المنطقة.
كما عرجنا خلال زيارتنا على منطقة "لمريق" التي تعتبر من أجمل المناطق في "جبل الصحاري". و هي منطقة سياحية بكل ما تحمل الكلمة من معاني نظرا لأن الطبيعة بها مازالت تحافظ على عذريتها و لم تلمسها يد الإنسان. و تتميز منطقة "لمريقة" بأنها عتيقة جدا و يوجد بها مقابر كثيرة تحكي عبق التاريخ إلى اليوم. كما تحتوي "لمريقة" أيضا على عدة غرف وبها حدائق خضراء وجنات عذراء بها أشجار مثمرة. اذا زرت "حد الصحاري" فلا تنس أيضا أن تعرج على مغاراتها و غرفها العتيقة مثل "غرفة عمر الوهراني"، و"رأس السري بن قليز"الذي هو عبارة عن كهف تقريبا. كما توجد أيضا "غرفة الرهباني" التي يقال أن راهبا متعبدا سكنها فحملت اسمه، "غرفة البارود" الموجودة في منطقة "خنق العرعار"، "قربي بوقنيميلة" نسبة الى رجل متعبد وزاهد. و كل هذه الغرف و المغارات موجودة في قلب جبل الصحاري. فعلا هي مناطق روعة في الجمال جعلتنا نضرب موعدا آخر لمرافقنا من أجل التعمق أكثر والبحث في مكنونات هذه القصور والكتابات الحجرية بها ...