"في النهاية لن نذكر كلمات أعدائنا، بل صمت أصدقائنا" مارتن لوثر كينج الآن و قد تكللت عملية "تيقنتورين" بالنجاح بالنظر إلى الأرواح التي أنقذها الجيش الجزائري، و بالتالي قد خبت تلك الزوبعة الإعلامية التي رافقت الحدث مثلما خبت تلك "الزوبعة في فنجان" التي رافقت تصريح "شيبان خالد" مدير الصحة لولاية الجلفة عن ضغوط تعرض لها من صحافيين ... نستطيع الآن أن نكتب بشيء من الموضوعية و بعيدا عن الانفعالية و المناسباتية التي تميّز الكثير من كتابات اليوم، و التي ينغمس فيها الكثير - سواء عن قصد أو عن جهل - من هواة جمع و رص الكلمات في صحافة الجزائر. و لذلك سوف نطرح سؤالين يشترك صلبهما في كونهما طعنة في ظهر الصحافة في الجزائر: يا ترى ما الذي يجعل الدولة تقصر في الجانب الإعلامي تجاه الجزائريين أثناء أحداث اقتحام المجمع الغازي ب "تيقنتورين" شهر جانفي الماضي؟ و ما الذي يجعل مدير الصحة و السكان بولاية الجلفة يصرح في ديسمبر 2012 بأنه قد تعرّض لضغوط من بعض الصحافيين من اجل توجيه اسناد صفقات و مناصب؟ يبدو من الوهلة الأولى أن الإجابة عن السؤال الثاني - و ان جاء زمنيا قبل السؤال الأول - تحمل بين طياتها جانبا من الجواب عن السؤال الأول. فقد اتهم مدير الصحة و السكان خالد شيبان بعض الصحافيين بأنهم يستغلون منصبهم أو بالأحرى "السلطة الرابعة" من أجل الحصول على امتيازات تتمثل في المناصب و الصفقات على حد قوله في ندوة "الجلفة إنفو". ترى هل تكلم شيبان من فراغ أم في غمرة حماسة أم أن الأمر فعلا كما يقول؟ غير أن شيبان سرعان ما عاد و طلب نشر تعقيب بالقول أنه قد تعرّض الى تلك الضغوطات في بداياته الأولى على رأس قطاع الصحة بالجلفة ... يعني كالعادة مازال هناك صحافيون يعيشون الى اليوم بين ظهرانينا ابتزوا شيبان ذات يوم و حاولوا تحقيق مكاسب شخصية بواسطة أقدس مهنة. نحن لسنا هنا للبحث في هوية الصحافيين الذين ابتزوا شيبان أو غيره ... أو الحديث عن أولئك الصحافيين الموظفين من الذين تراهم في كل مكان إلا في مناصب عملهم التي يتقاضون بناء عليها أجرا من خزينة الدولة ... "les intouchables " ... حتى أنني سمعت من أحد الموظفين في قطاع حيوي بالجلفة يقول عن زميله الذي يعمل صحافيا "فلان ما يجيش للخدمة و ما يقدرش المدير يحل فمّو معاه... على خاطر راهو صحافي" !! نحن نتساءل فقط: كيف يمكن للمواطن الجلفاوي أن يميز بين الغث من السمين؟ و متى كان ممكنا استئمان صحافي على قضية و هو يستغل مهنته أبشع استغلال؟ و كيف يمكن للمواطن أن يعرف الجريدة التي ستدافع عنه أمام المسؤولين المحليين؟ و كيف له أن يتأكد من أن "فلان الصحافي" سوف يتبنى انشغالاته الى أن تجد لها الحل و ليس أن يستخدم تلك الانشغالات كوسيلة لابتزاز المسؤولين التنفيذيين ضعيفي الشخصية؟ اننا فعلا أمام مشكل أخلاقي تعاني منه الصحافة الجزائرية التي غطى فيها الرديء على الجيد حتى صرنا لا نجد من بني جلدتنا من يقول لنا ماذا حدث في تيقنتورين... ليأتي الوزير الأول سلال بعد أمّة من الناس و يعطينا المعلومة بعد أن سمعناها في رويترز و الجزيرة و فرانس 24 و كل وكالات الأخبار العالمية. الحل الوحيد لهذا المشكل الأخلاقي هو أن يحذر المواطن من انتهازيي الصحافة الذين تحدث عنهم شيبان، و أنا متأكد بأن المواطن - و مهما كان مستواه بسيطا - يستطيع أن يتعرّف الى الفئة الانتهازية في صحافة اليوم. لأنه يوجد هناك علامات و أمارات بسيطة جدا للتدليل على انتهازيي الصحافة و هو أنهم يعتقدون أنهم أذكياء جدّا و يظنون أن ذاكرة المواطن ضعيفة كما أن لديهم حاسة "شم قوية" عندما يتعلق الأمر بمسؤول تنفيذي أو بموكب وزير أو والي يمرّ من هنا ... كما أن الكثير منهم لم يكونوا يعلمون أن "عين أمناس" تابعة لولاية اليزي!!