إن تأسيس جمعية العلماء يعتبر بعثاً حقيقياً لتاريخ الجزائر المرتبط بمراحل الماضي و الحاضر و المستقبل حيث كانت الجمعية شعلة أنارت الطريق لجيل من الشباب. إن التاريخ يجعلنا نستوقف الذكرى و نتحدث عن هؤلاء الرجال الذين بفضلهم ننعم بالحرية و الاستقلال و أبناء الجلفة الفسيحة الشاسعة كغيرهم من أبناء هذا الوطن الكبير كانت لهم مواقف و مساجلات مع جمعية العلماء، و منهم من انخرط فيها مباشرة فعلموا و أناروا أجيال كثيرة، منهم من أنتقل إلى رحمة الله نجد من بينهم: الشيخ الإمام محمد بن ربيح رابحي بن حمامة (1891 – 1943 )، انتقل إلى زاوية الشيخ المختار بأولاد جلال ثم قصد زاوية سيدي يوسف بمسعد أين درّس بها، ثم تقلد الإمامة بمسجد أحمد بن الشريف، تبادل الرسائل مع بن باديس و البشير الإبراهيمي، كان ممثل جمعية العلماء بالجلفة... و قد كان الشيخ عبد القادر بن براهيم (1884-1956) سيفاً من سيوف جمعية العلماء و نابغة عصره في اللغة و الفكر و الأدب و الفقه، و الشيخ أحمد عبد المالك عالم زنينة الكبير (1906 – 1976) كانت له مراسلات مع كبار الشيوخ و العلماء و مع شاعر الثورة الجزائري المرحوم مفدي زكرياء... و العلامة عبد الحميد رحمون بن الشيخ لخضر بن خليف (1920 – 1973) كان يلقب بالسويسي الأصغر، انتقل إلى الزاوية المختارية بأولاد جلال، ثم عمل مربيا و مدرساً بزاوية أقلال ببويرة الأحداب، ثم زاوية عبد الرحمن النعاس بدار الشيوخ، و نال درجة الامتياز الأولى في الإمامة في عهد الوزير مولود قاسم. و الشيخ علي بن براهيم كحول (1896 – 1966) من أوائل الذين التحقوا بجمعية العلماء المسلمين فتتلمذ على يد الشيخ عبد الحميد بن باديس، ثم بدأ في نشر الدعوة ، فذهب إلى الشلالة ثم الإدريسية ثم غرداية و تولى بها الإمامة، ثم رجع إلى الجلفة. كذلك الشيخ مصطفى حاشي (1893 – 1980) تلقى التعليم في زاوية أولاد جلال ثم ارتحل إلى البقاع المقدسة راجلا و عمره 18 سنة، و عند مروره بطرابلس الغرب (ليبيا) تطوع مع إخوانه المجاهدين لمحاربة الغزاة الإيطاليين فانضم إلى الجيش الليبي تحت قيادة البطل الشيخ السنوسي سنة 1911، ثم عاد إلى مسقط رأسه مدرساً بالجلفة، ثم مدينة مسعد حيث لقب بعالم أولاد نائل، كانت له علاقات مع جمعية العلماء و رجالها ، ترك مخطوطات مازالت تنتظر من ينفض عنها غبار السنين العجاف. و تستوقفنا الذكرى للعبرة و لتقييم الجزائر أرض العلماء و الشهداء و الصالحين، ما أعظمك يا وطن، و ما أنبلك يا تراب ، كنت سخياً و كريماً و معطاء، سقيت شهد أديمك برحيق شبانك كيف لا و قد قدمت قوافل تلو القوافل فداءاً للأمل و الحلم السعيد، و تبقى سنوات العطاء المتواصل ...