صورة العزاء و توافد المواطنين بالقرب من مزل الشيخ سي عامر هذا المساء انتقل إلى رحمة الله عصر هذا الأربعاء الشيخ سي عامر محفوظي مفتي الولاية و أحد أشهر علمائها بعد مرض عضال ، و ستؤدى صلاة الجنازة ظهر غداُ الخميس بمسجد سي أحمد بن الشريف - جامع الجمعة- ، و سيشيع جثمانه الطاهر إلى مثواه بمقبرة المجحودة - سي علي بن دنيدينة-...إنا لله و إنا إليه راجعون... هكذا وبعد معاناة مريرة مع المرض، يفارقنا الشيخ الكبير صاحب الوقار والعلم والخلق الشيخ سي عامر محفوظي (طيب الله ثراه ) ، يرحل عن هذا العالم وقد ترك فينا حرقة و شوقا إلى جيل علم الجلفاويين وكل أبناء المنطقة بالعلم نافع وأرشدهم إلى دينهم وأفتى لهم بما أتاه الله من علم ومن رشادة و فطنة ومعرفة. يرحل الشيخ وأنا متأكد أن الكثير من أبناء الجلفة لا يعرف عن الشيخ سوى أنه إمام وخطيب بالمسجد الكبير بالولاية (مسجد أحمد بن الشريف) ويعرفونه من أحاديث الناس و من فتاويه واجتهادات الفقهية، وخصوصا الجيل الصاعد مما أعاشرهم واعرفهم، وهناك أيضا من الشباب من يرى في الشيخ أنه مثال لجيل من المشايخ فقدته أجيال الجلفة جميعا لأنه يمثل وبكل صراحة حالة من الاتزان بين تعاليم الإسلام من فقه و أحكام وتعاليم، وبين واقع ومتطلباته وتغير اجتماعي حاصل، أدركه الشيخ رغم فارق السن بينه وبين أجيال لا تعرفه إلا بالاسم. لا أقول أن سي عامر - رحمه الله- خسارة وفقط للولاية بل إنها بلية نزلت على سكان الجلفة ، ليس لأنه المتعلم الوحيد أو العالم الوحيد أو الفقيه الأوحد، بل إن هناك مشايخ كثيرين افتقدناهم قد يفوقونه علما أو يتساوى معهم، لكن الشيخ كان من أولائك الناس الذين إذا رأيتهم ذكروا بالله و ذكروا بطاعته وبأن الدنيا كما أنها محل شقاء وتعب، فإنها محل لأن تجعل منك صاحب رؤية وموقف و محل ثقة واتفاق بين محبيك وحتى مخالفيك. صورة لجمع من شيوخ و أعلام المنطقة أثناء العزاء . الشيخ سي عامر واقرانه من الشيخ الجابري السالت أو معلميه أمثال الشيخ والإمام سي عطية -رحمه الله- من الأموات، ربما أدركوا وبحكم اتصالهم ومعرفتهم بأهل المنطقة أقول أدركوا "الشفرة الاجتماعية لسكان الجلفة " وبناء على هذا الإدراك والإطلاع تمكنوا من أن يكونوا أقرب ربما من الأبناء إلى آبائهم وربما أعلم من السائل عن حاله وربما أنهم أعلم بمشاكل الناس من أصحاب النفوذ والسلطة والقرار. أقول أن لهذه المعرفة وهذا الإطلاع و هذا الإدراك للشفرة الإجتماعية الجلفاوية " إن صح القول" ، قد تكون الجلفة بالفعل خسرت أبا وعالما وشيخا وأخا ومعلما وإماما وفقيها ومحبا للجلفة ولأهلها، كما أني ورغم بعدي عن معايشة أجواء الحزن العميق الذي ستعرفه الجلفة إلا أنني متأكد أن الجلفة بكاملها حزينة من كبارها وصغارها محبي الشيخ ومخالفيه، لأنه بفقدنا للشيخ نفقد علما بارزا في ولايتي ونفقد رجل إجماع رغم الكلام الذي يطول حول منتقديه، وهو أمر صحي كان الشيخ لا يرى بأسا في أن يقال له ما يخالفه من الرأي. صورة تبيّن توافد مواطني الجلفة لأداء واجب العزاء شيخنا وفقيدنا... ستبكيك زوايا المساجد التي زرتها... ستبكيك البيوت التي دخلتها... سيبكيك الآباء الذين علمتهم... ستبكيك الأمهات اللواتي دعينا لك... سيبكيك الأبناء الذين أرادوا مجالستك والتبرك والتعلم منك... سيبكيك محبوك جميعا سيبكيك حتى مخالفيك لأنهم لن يجدوا من يعرف قيمة الرأي المخالف سيبكيك المصلون والمعتمرون والحجاج... سيبكيك الفقير و الغني المشتغل و العاطل سيبكيك بكل تأكيد كل من عرفك أو من لم يعرفك لأنك يا شيخنا تركت المدينة وأهلها بغير رجعة. صورة أمام منزل المرحوم الشيخ سي عامر محفوظي مباشرة بعد إعلان الوفاة - عصر الأربعاء- . وبهذا اختم وأقول رحمك الله يا سي عامر وطيب الله ثراك وجعل مثواك الجنة وألحقك بالنبيين و الصالحين والشهداء ، أما للجلفاويين فأقول... عزاؤنا أن نتذكر شذرات من كلامه... ونتذكر فتاوى صححت خطأ أو أوضحت مسلكا أو بينت صحيحا... عزاؤنا أن نذكر الشيخ في أيامنا هذه وندعو له بالرحمة و المغفرة... نتذكر أنه كان يصلى على الجنائز ونحن اليوم نصلي عليه وما أكبرها من موعظة... شيخنا أنت في قلوب أهل الجلفة الذين أحببتهم وأحبوك وألسنتهم تتضرع للعلي القدير بدعاء الرحمة والمغفرة لك، وأكيد أن قلوبهم تتفطر حزنا وأعينهم باكية لأنك ستترك زوايا مسجدك للأبد و لن نسمع تكبيرتك وترتيلك إلى الأبد. فعزاؤنا في من بقى من علماء و طلاب علم و محبين لك يا شيخنا وفقيدنا