قال كاتب أميركي بارز إن نفوذ الولاياتالمتحدة في العالم يتراجع وإن الزمن تغير، وإن بعض حلفائها لم يعودوا بحاجة إليها. ففي مقاله الأسبوعي بصحيفة واشنطن بوست، كتب الصحفي ريتشارد كوهين تحت عنوان قوة عظمى ورئيس بنفوذ متضائل يقول: إن ما من شيء فعله الرئيس باراك أوباما أحدث فرق كبير في الشرق الأوسط. وقال: إننا تعودنا أن نرى الرؤساء الأميركيين يتمتعون بمقام رفيع ليس لسبب آخر سوى أنهم يقودون أقوى جيش في العالم. واستدرك قائلا: لكن يتحتم علينا أن ندرك كذلك أن ذلك المقام الرفيع للرؤساء من حيث قدرتهم على التأثير على الأحداث آخذ في الأفول. وفيما يتعلق بروسيا فإنها لا تلقي بالاً للشكاوى الأميركية وهي تتقدم إلى الخلف باطراد, ليس نحو ديمقراطية أوروبية بل نحو شيء آخر تماما كما يرى كوهين. وفي المحيط الأوروبي هناك تركيا الساعية لاستعادة بعض من النفوذ الذي كان للإمبراطورية العثمانية في المنطقة. وقد تكون تركيا تريد كذلك بطريق العودة إلى عصر الدولة الإسلامية بعد أن خلصت, ربما, إلى أن قرناً من علمانية مصطفى كمال أتاتورك يكفي. ومهما يكن من أمر, فليس ثمة كثير شيء يمكن لأميركا أن تفعله إزاء تركيا. فتركيا لم تعد بحاجة للولايات المتحدة بعد أن كانت حليفتها في الحرب الباردة, بل إنها أعاقت دخول الجيش الأميركي إلى العراق في بداية الحرب. ولم يعد الحاضر الأميركي بنفوذه المضمحل قادرا على مضاهاة ما كانت تتمتع به الدولة العثمانية من نفوذ في الماضي, وعلى إسرائيل أن تأخذ حذرها على حد تعبير الكاتب. أما الصين فهي بعيدة عن متناول الولاياتالمتحدة التي هي أكثر حاجة إليها في بعض الجوانب وليس العكس. والمحافظون الأميركيون ينظرون إلى الإخفاقات والإحباطات ويصبون جام غضبهم على أوباما وينعتونه بالضعيف وغير الكفء, وهو كذلك بكل تأكيد في بعض النواحي حسب الكاتب. غير أنهم مخطئون في الاعتقاد بأن شخصا آخر سيحدث فارقا كبيرا. ويستعين كوهين بما خلص إليه المؤرخ البريطاني بول كينيدي في كتابه صعود وسقوط القوى العظمى, الذي أحدث لغطا كبيرا عند صدوره في 1987 ذلك أنه تنبأ بأفول نجم الولاياتالمتحدة. وعزا كينيدي أسباب ذلك الأفول إلى التمدد العسكري والاتفاق المفرط وهما مشكلتان تفاقمت حدتهما. ويمضي الكاتب إلى القول: إن أميركا تملك من الحروب أكثر مما تملك من النقود, لكنه يرى أن ليس بالضرورة أن تتحقق نبوءات كينيدي تلك. فبإمكان أميركا ?كما يقول- أن تحد من الإنفاق, وتزيد الضرائب, وتتجنب حروب الاختيار, وتُصلح الكونغرس وتكف عن الخلط بين شهرة الرئيس والسلطة الفعلية.