تلمسان.. جمع أزيد من 25 ساعة من الشهادات الحية حول الثورة التحريرية المجيدة    ربيقة :الاهتمام بالذاكرة الوطنية و أمنها واجب وطني مقدس    وزير العدل يعقد اجتماعا مع الوزيرة المحافظة السامية للرقمنة    بورصة الجزائر: انطلاق عملية فتح رأسمال بنك التنمية المحلية ببيع 44.2 مليون سهم جديد    عطاف: الجزائر كرئيسة لمجلس الأمن ستتابع تنفيذ كل مراحل اتفاق وقف إطلاق النار بغزة    الحماية المدنية: اجتماع اللجنة الثنائية المشتركة الجزائرية-تونسية بولاية الوادي    المجلس الشعبي الوطني: وفد عن البعثة الاستعلامية المؤقتة للجنة الشؤون الاجتماعية في زيارة إلى باتنة    صحبي: خطاب رئيس الجمهورية التاريخي في الجلسات الوطنية للسينما يؤسس لثورة ثقافية حقيقية للفن السابع    الجوية الجزائرية: على المسافرين نحو السعودية تقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بدءا من ال10 فيفري    مجلس الأمة: جيلالي تبرز أهمية قانون تسيير النفايات الجديد في بناء الإقتصاد الأخضر    عرقاب يشارك هذا الثلاثاء بروما في اجتماع وزراء الطاقة المعنيين بمشروع ممر الهيدروجين الجنوبي    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    رئيس الجمهورية يستقبل الأمين الوطني الأول لجبهة القوى الاشتراكية    الجوية الجزائرية: المسافرون نحو السعودية ملزمون بتقديم شهادة تلقي لقاح الحمى الشوكية رباعي التكافؤ بداية من 10 فبراير    نظام جديد لتسيير البلديات قريباً    لا تساهل مع كل أشكال المضاربة والاحتكار    مشروع توسعة السد الأخضر يتقدّم..    وقف إطلاق النار مصلحة كبرى للجميع    سكان غزّة يحتفلون ببدء الهدنة    فاتورة استيراد زيوت المحركات تتراجع    قانون المالية يخصص تدابير جبائية    الطارف… الإطاحة بشبكة إجرامية تنشط في الاتجار بالمؤثرات العقلية    مسابقة لتوظيف الطلبة القضاة    صهاينة يدنّسون الأقصى    الجزائر تشهد حركة تنموية رائدة    الجزائر تخسر أمام تونس    رمضان في القصر خلال مارس    المنظمة العالمية للصحة ترحب بوقف إطلاق النار في غزة    فلسطين: الحرب خلفت آثارا كارثية على الأطفال في غزة    وهران : ترحيل إحدى عشرة عائلة إلى سكنات لائقة بوادي تليلات وبئر الجير    فلسطين: برنامج الأغذية العالمي يسعى إلى توفير الغذاء سريعا لمليون شخص في غزة    رئيس الجمهورية: كل رموز المقاومة والثورة التحريرية المجيدة يجب أن ينالوا حقهم من الأعمال السينمائية    سينمائيون يشيدون بعناية رئيس الجمهورية لقطاع السينما    عطاف في نيويورك للإشراف على اجتماعات لمجلس الأمن    أنشيلوتي مهدَّد بالإقالة    استلام محطة تصفية المياه المستعملة السداسي الثاني من 2025    60 منصبا تكوينيا في طور الدكتوراه بجامعة وهران 1    ولايات جنوب تنظم فعاليات متنوعة وتدشين مشاريع تنموية    تقليص مدة الاستجابة لنداءات الاستغاثة    صحافيون وحقوقيون يتبرّؤون ويجدّدون دعمهم للقضية الصحراوية    تلاميذ تقرت وسطيف في ضيافة المجلس الشعبي الوطني    الأسواق الإفريقية والآسيوية وجهات واعدة للتصدير    وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ    عروض كثيرة لحاج موسى    ديدوش مراد صنع مجد الجزائر    الجلسات الوطنية للسينما: بللو يبرز دور الدولة في ترقية المشهد الثقافي    رياضة مدرسية: تأسيس عشر رابطات ولائية بالجنوب    الطبعة ال3 للدورة الوطنية للكرات الحديدية: تتويج ثلاثي تلمسان بولاية الوادي    جيدو/البطولة الوطنية فردي- أكابر: تتويج مولودية الجزائر باللقب الوطني    ريان قلي يجدد عقده مع كوينز بارك رانجرز الإنجليزي    بلومي يباشر عملية التأهيل ويقترب من العودة إلى الملاعب    بلمهدي: هذا موعد أولى رحلات الحج    رقمنة 90 % من ملفات المرضى    المتحور XEC سريع الانتشار والإجراءات الوقائية ضرورة    كيف تستعد لرمضان من رجب؟    ثلاث أسباب تكتب لك التوفيق والنجاح في عملك    نحو طبع كتاب الأربعين النووية بلغة البرايل    انطلاق قراءة كتاب صحيح البخاري وموطأ الإمام مالك عبر مساجد الوطن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التحرر من ظلام اليأس من خلال ارتدا ء معطف الماضي وانتظار الآتي
نشر في الشعب يوم 29 - 01 - 2018

محاربة البياض من خلال اغتيال عواطف اسمية اغتصبت الجمال
عندما طلب منّي الشاعر محمد العزيز شميس أن أقدّم ديوانه الشّعري “الشّمس لا تطوف مرتين”، خشيت أن تكون محاولة لأربعيني قتل قائد فرسانه مبكرا وغرق في السوداوية والقدرية؛ لكن بعد إبحاري في حروفه المجروحة وجدته قلما طفوليا ينبض حياة مولعا بعالم الروحانيات وأسرار الكون، قلما نهضويا ألبس حبره ثوبا عصريا مدججا بعناصر الجذب والتشويق يحن ويجافي ليفتح شهية من لا شهية له من أجل تذوق شعر كلاسيكي بروح نهضوية؛ قصائد بينت عدم هشاشة متكئ كاتبها، فكانت كفتاة بغنج تلعب بضفائر الألفاظ، مرة تبسط ومرة تغوص في عمق وغموض، دوخني ومزقني الديوان وجعلني أتوه أكثر في عوالمه الملحمية والأسطورية.
ولأن صورة الغلاف هي أول ما يلفت انتباه المتلقي؛ لأنه “عنوان الرسالة وليس قبرا باردا، داخله ورقة أو مجموعة أوراق بالحروف المرتبكة وحرائق الشوق”، الغلاف هو اللغويات الأولى: “هو أيضا نص ثان” على حد تعبير جوليا كريستيفا، صورة الغلاف هي نبوءة صارخة لشاعر متعب بعروبته مثقل بأوجاعها، حيث تدل على نص بصري تتداخل عبره العلامات الكاليغرافية.
هي صورة أب يضم بعضه ويحمل طفله في طريق مظلم حوله الكثير من الصخور والجثث، هي الأب العربي أي الوطن العربي الذي يحتضن أولاده (الدول العربية) أو السير بها في طريق لا تزال تقاسيمه مجهولة يتخبط في بركة دماء والتي رمز لها باللون الأحمر، أما اختياره وضع الطفل فوق الرأس؛ أي القمة فهو إيمانه وأمله وحلمه بأن هذا الطوفان لن يدوم وسوريا وغيرها من البلدان العربية المسلوبة الحرية ستعود كما كانت عليه من خلال الطفولة والأمل، اختار الشاعر صورة تعبر عن تعايش الأجيال وتضحية الأجداد والآباء لواقع أفضل وأجمل وسينبت من تحت القاع زهور فرح جسدها الشاعر في الطفولة، كتب العنوان الشمس لا تطوف مرتين باللون الأسود هو الألم الذي حمله قلم عبد العزيز شميس لأنه عايش الجرح والوجع، واختار كتابه اسمه بشعاع الشمس هو شعاع الأمل الذي يحمله الشاعر داخله؛ لأن الشعراء أنبياء يحملون النور والفرح بفكرهم الذي ينشرونه أراد بها الشاعر محاربة البياض من خلال اغتيال عواطف اسمية اغتصبت الجمال والنبل بأفكار موبوءة نخرت نخاع الوطن العربي.
في قصائد ديوان الشمس لا تطوف مرتين 29 قصيدة عكست الشتات والفراغ العاطفي من خلال عتبات متناقضة مثلت الجمال، الحب، والصدق، الوجودية، والصوفية، وأخيرا أزهار الأمل؛ حيث يقول:
إنّ عرشك دمك الذي يجري
إن أرضك أمّك
تجري بين أحضانها كل الأنهار
لا توازن
هي قصيدة بكائية بمشاعر مجروحة قتل الأمل فيها يوم مات الفاروق وأعدم العدل وأصبحت الفوضى هي الحاكم؛ لأن الملك عقيم!
أما في قصيدة بكائية بمشاعر مجروحة قتل الأمل فيها يوم مات الفاروق وأعدم العدل وأصبحت الفوضى هي الحاكم؛ لأن الملك عقيم !!
أما في قصيدة وسألت نفسي
وسألت نفسي يا شهية الجسد
إلى متى سأظل أمشي البرد؟
وجليت
فوق ظلي المحترق من ذاكرتي الليلية.
تفاعل الآخر مع التاريخ و الأمكنة تحاكي النرجسية المكابرة
هي مناجاة لجسد متألم يرثي ذاته يبحث عن زهور الأمل في معابد صنعات الإعجاز، وبعثت الحياة وجعلت الروح مترنمة بالحب محتفية بمعابد الورود مصلوبة شوقا للطبيعة الساحرة ترفض السراب بعد اكتشافها أنص صورة المحب مرسومة فقط فوق الماء في مفارقة رائعة اكتشف الشاعر لحظتها أن الماء المتآمر عليه لا بد أن يقبل.
طرق محمد عبد العزيز شميس مسامير الذاكرة في حكاية عشق مثلت نبوءة محققة لذاته المتناقضة بين هشاشة صلبة، حملت داخل سطورها حكاية بلد، حكاية أم لاجئة وطفل هدها السهر:
لا تحزني
إذا غبت
وطوى المجهول معطفي
فلا تحزني
فأنا الضيف
بين أعاصير الغبار
حيث اللامطر
في يوم حالم جسد هواجس المبدع، من خلال اختياره ليوتوبيا تجوال الذات في خارطة حكمتها عواطف الاسمنت حاول الشاعر من خلالها تطويع معجم الطبيعة وجعلها مثلب الكراهية الذميم؛ لأن حنين الذات تواق على الدوام للأمجاد والقمم.
أي الصديقين أوفى
كنا هناك
على بعد مسافتين
على جسور الصحراء
خاطب على سجية الشعراء الجاهليين خاطب المثنى جعل قلمه سندباد حيوي سرمدي الترحال يوحي باقتدار النفس الشاعرة على تصويرها هيامه بجمال الصحراء وتحقيق الدهشة في عمر كل حب.
بروعة وجمالية فنية جسد أثر التاريخ العربي في أكبر خساراته أحيا دليلة امرأة.امرأة عربية تقف في محراب الأقصى تشحذ الهمم على منبره متفوقة على الطاغية شمشون من خلال عودة الأسطورة وبث الروح فيها من جديد راقصا على أنعام عجائبية متشبعة بفنتازيا سياسية:
عاشت النكبة
ذليلة تعود
يحيي العرب الجياع
فأطعميهم جسدا يليق
إذا الشعب يوما متع الغضب
هو عهر في كل المجالات عجل بفجيعة العرب وقضى على أحلامهم وهي بذور جافاها المطر، وفي فرحة صوفية كانت حلولا مع طفولة حالمة تتمنى مسح الوجع وترفض تطليق الذاكرة.
لا نبيء يعود
في طفولتنا
هي خلاص وتحرر من ظلام اليأس من خلال ارتداء معطف الماضي مع إيمانه أن الفجر آت، والحب لن يموت، وتأكيد أن الأزمات لا يمكن أن تحضر دون أن تترك آثارها، جعل الذاكرة والتراث تحكي بالدقة والتفصيل دور الحياة في لحظة اغتراب مغري بفردوس حالم والسعادة الأبدية.
وفي قصيدة رثائية يرثي أخته الصغرى ويبكيها بكاء أب محترق الكبد جعل الموت فكرة للخلاص من حلال اختياره العزلة والغربة في حالة الضياع والانكسار في حضن الجبار، جعل الشاعر يتأرجح بين الألم والحياة بين الموت والفراق بين قلب أخ وأب متمسك يعطر الماضي الجميل والضحكات لنهى زنبقة الحياة.
نهى
يوجعني حبك في قلبي
كأنما ضمنا الهوى
فقلت يا ربي
أمهلني ثلاثين عاما
نلت على يديها ما لم تنله يدي
في مسار تصادمي ملحمي بين الوجه والقناع
بين الممنوع والمسموح يبدع ساحر الشعر الإنساني بقلم مصري عربي إفريقي، اختار الشاعر فلسفة دولوز لينتصر لفكرة متعصبة للحياة.
وعاد يحمل الوثن
يحكون في مدارسنا
كيف نحب الوطن
أذكروه في قلوبكم
لا تزيّفوا تاريخكم
في تجربة فريدة لتفاعل الآخر مع التاريخ وإحياء الأمكنة هنا يحاكم الكتاب المدرسي؛ لأنه جعل ملحمة تشبه حرب طروادة في أربعة سطور أراد من المتلقي عيش المغامرات والترحال في التاريخ والابتعاد عن الحماقة التي تسجن المعركة في بضع سطور.
إنّ الشّعر هو عاشق لمعشوق محب يسعد بإطلاق زغاريد فرح تنشر السعادة في أجساد تصلبت مع اكتساح وأن للاختلاف منابع متعددة والقلم ليس نخبوي فقط؛ فهو صوت للغلابي المهمشين في الوطن العربي، وعداوة للراهن أنتجت للإبداع.
الشمس لا تطوف مرتين شمس نرجسية مكابرة تنشر أشعتها في عند متدلل لا تمنح سرّ دفئها إلا لقارئ فطن متفقه في النواميس والأديان حتى يصنع حدا للارتباك الوجودي وسرد شعري عجائبي مثل تطبّبا لنفوس الفقراء من خلال البحث في الخلاص الإنساني في حكايات شعريّة لم ترو بعد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.