تضطلع الجماعات المحلية في اطار السياسة العامة بمسؤولية كبيرة ، تزداد ثقلا بازدياد انشغالات المواطنين وتطلعاتهم لايجاد الحلول للمشاكل التي تواجههم ، كازمة السكن و البطالة ، وحاجاتهم لبيئة نظيفة تخلو من النفايات التي شوهت وجه المدن و حولتها الى اشبه بالمفرغات ، حيث المخلفات المنزلية وافرازات المصانع من المواد الكميائية السامة ، اصبحت واقعا لا مفر منه . و في ظل التحولات الاقتصادية والانتشار الكبير و اللامتناهي للنسيج الصناعي ، تجد البلديات المعنية بتحسين المحيط المعيشي للمواطن نفسها ، مجبرة على تحسين تسييرها باعتبارها مرفقا عموميا ، يضطلع بالتكفل وبشكل مستمر بجميع انشغالات السكان ، من جانب التعليم بانشاء المدارس ، و الاهتمام بالصحة العمومية ، الذي يعد التلوث بكل اخطاره عدوا اساسيا يهدد ها. و قد اعطى قانون البلدية الصادر مؤخرا صلاحيات اكبر للمجالس البلدية ، و يحملها في ذات الوقت مسؤولية النهوض بالتنمية المحلية ، و رفع جميع المعوقات التي تحول دون انطلاق المشاريع التي تساهم في امتصاص البطالة ، و التي تعد احد اهم الاسباب التي تجعل الشباب يقع ضحية الادمان ، او تؤدي به الى الاجرام واللصوصية التي انتشرت بشكل ملفت للانتباه في الاحياء الشعبية و بالتالي فهي مجبرة على اداء الدور المنوط بها ، والمتمثل في تقريب الادارة المحلية من المواطنين ، و اشراكهم لحل المشاكل اليومية في ظل الحوار ، و ارساء خدمة عمومية ذات فعالية اكثر. و يتطلب تحسين المحيط المعيشي للمواطن ، ارساء قواعد النظافة والتخلص من النفايات ، حيث تعاني العديد من البلديات المتواجدة شمال الوطن كالعاصمة ، بومرداس .. و غيرها من افرازات المصانع من المواد الكمياوية السامة التي ارتفعت بشكل كبير متجاوزة بذلك الخطوط الحمراء ، و قد كانت اثارها واضحة على البيئة ممثلة في تلوث الهواء و الماء على حد سواء ، بالاضافة الى تسببها في انتشار الامراض المزمنة ، نظرا لتواجد هذه المصانع وسط التجمعات السكانية ذات الكثافة العالية ، كمصنع التبغ و الكبريت بباب الواد ، الذي تقرر غلقه ومصنع الاسمنت بالرايس حميدو ، و مصنع انتاج الزفت ببرج الكيفان. وقد شرعت بلديات العاصمة بالتنسيق مع مديرية البيئة على مستوى العاصمة مؤخرا في احصاء المؤسسات الصناعية و مناطق انتشارها ، لاخضاع الكبرى منها الى التوقيع على عقود نجاعة و لارغامها على ادراج البعد البيئي في انجاز مشاريعها ، قصد تقليص التلوث الصناعي بشكل احسن ، و قد تم في هذا الاطار اعداد اثر من 800 دراسة و 300 خطة للتدخل للحد من الاخطار الكبرى داخل المؤسسات ، وفي محيطها قصد الوقاية منها. و تقع مسؤولية تخليص الاحياء من النفايات المنزلية و الصلبة على البلديات ، التي تم تزويدها بوسائل جمع ونقل و فرز المخلفات المنزلية ، من شاحنات وعربات، فضلا عن تجنيد عمال النظافة وتزويدهم بملابس خاصة و قفازات تقيهم ملامسة القاذورات التي تشكل في اغلبيتها مصدرا للامراض الجلدية ، و التنفسية الناتجة عن الروائح الكريهة المنبعثة منها و ينتظر من البلديات في اطار تحسين الاطار المعيشي للمواطن ، خلق مشاريع مصغرة لفائدة الشباب ، في مجال الجمع الانتقائي لهذه النفايات ، و استرجاع انواع منها القابلة للرسكلة ، و بالتالي تضمن ضرب عصفورين بحجر ، ارساء النظافة التي يتطلع لها المواطن ، والمساهمة في التقليص من نسبة البطالة.