بعدما أخفقت سياسة الجزرة في إخماد غضب سكان مدينة جرادة، قررت السلطات المغربية تبني سياسة العصا مقرّرة منع الاحتجاجات إلا برخصة تمنحها، ما يعني أن مسلسلا جديدا من التصعيد ستشهده هذه المدينة على غرار الحسيمة ومنطقة الريف التي وقعت لأكثر من سنة تحت رحمة القمع الامني الذي انتهى باعتقال مئات الشباب لا لذنب إقترفوه إلا لأنهم انتفضوا ضد وضعهم الاجتماعي و الاقتصادي الكارثي. اعتبر ناشط حقوقي بمدينة جرادة، أمس الأربعاء، إعلان وزارة الداخلية منع الاحتجاجات غير المرخصة بالمدينة، «قراراً مفاجئاً». وأمس الاول الثلاثاء، شددت وزارة الداخلية على أحقيتها في «تطبيق القانون بمدينة جرادة من خلال منع التظاهر غير القانوني بالشارع العام»، مشيرةً أنها ستتعامل مع «السلوكيات غير المسؤولة بكل حزم». وتشهد مدينة جرادة، منذ 22 ديسمبر الماضي، احتجاجات متقطعة، عقب وفاة الشقيقين الحسين وجدوان الدعيوي، في منجم عشوائي للفحم الحجري، وتأججت مطلع فيفري الماضي إثر وفاة ثالث بمنجم آخر. وقال الناشط الحقوقي، كريم السعيدي، إنّ «قرار السلطات منع الإحتجاجات بالمدينة، كان مفاجئاً». ولفت إلى أنه لم يتوقع أن تنهي الدولة مسار الحوار بهذا الشكل. وأفاد أن «مطالب السكان لم تلق التجاوب المطلوب من الحكومة، وخصوصاً المتعلقة منها بمحاسبة المسؤولين المتسبّبين في الأوضاع المزرية بالمدينة، بعكس ما قالته السلطات». فيما أشار إلى أن «المحتجين حافظوا على سلمية الاحتجاجات منذ انطلاقها». ويحتاج تنظيم المسيرات الاحتجاجية بالمغرب إلى الحصول على ترخيص من السلطات المحلية بحسب القانون، وفي حال تم تنظيم مسيرة احتجاجية بدون ترخيص، فإن ذلك يعتبر «تظاهرا غير قانوني». ويقول المحتجون بمدينة جرادة إن عمال الفحم يعملون في ظروف سيئة، ويطالبون بتنمية المدينة ورفع «التهميش» عنها، وتوفير فرص عمل لشبابها. هذا وتسبب الإضراب الذي دعا إليه نشطاء «حراك جرادة» هذا الاسبوع، في شلل مس الحركة الاقتصادية بالمدينة، حيث قال النشطاء إن نسبة الاستجابة إلى الإضراب بلغت 100 في المائة. وفيما خاض أبناء المدينة إضرابا عاما، تفاعلا مع الاعتقالات التي مست ثلاثة من نشطاء الحراك، والذين اعتقلوا ما بين يومي السبت والأحد الماضيين، أكد نشطاء في الحراك أن الموقوفين الثلاثة سيتم عرضهم على محكمة وجدة. وتسببت حملة الاعتقالات التي مست نشطاء حراك جرادة في تأجيج الاحتجاجات بالمدينة المنجمية التي لم تهدأ منذ ثلاثة أشهر. ورغم تقديم حكومة سعد الدين العثماني لأزيد من أربعين تعهدا، من أجل الاستجابة لمطالب الساكنة التي رفعت على مدى أشهر من الاحتجاجات، وتوفير «البديل الاقتصادي»، إلا أن نار الغضب لم تبرد في جرادة، خصوصا بعد استمرار سقوط قتلى من شباب المدينة، موتى في آبار الفحم الحجري. هذا و يعيش المغرب مند السنة الماضية على صفيح ساخن، إذ شهد حركة احتجاجية أخرى في منطقة الريف في شمال المملكة للمطالبة بإيجاد وظائف وتنمية المنطقة. وأوقفت السلطات على خلفية تلك الاحتجاجات أكثر من 450 شخص في سياق «مقاربة أمنية» لقيت انتقادات شديدة من جمعيات حقوق الإنسان.