في الموعد كان الروس أمس ، حيث أدلوا بأصواتهم في انتخابات رئاسية ، كانت بمثابة الاستفتاء على شعبية الرئيس فلاديمير بوتين الذي عزّز موقعه بفوز جديد يمنحه ولاية رابعة و يبقيه في السلطة حتى 2024 ، ما يعني انه سيمضي ربع قرن في الحكم سواء كرئيس أو رئيس للوزراء، و الولاية الجديدة هي الأخيرة له في ظل دستور تعهد بعدم المس به. وبحسب النتائج الأولية غير النهائية ، فقد حصد بوتين أزيد من سبعين في المائة من أصوات الناخبين،أو ما يقدر ب73.9%، و هي نتيجة هامة و تتجاوز ما حصل عليه في ولايته السابقة عام 2012 حيث حصل على 63.5% . فوز بوتين الذي عينه الرئيس بوريس يلتسين عام 1999 خلفا له ،كان محسوما بالنسبة للكثيرين ، بالنظر الى المكانة التي يحظى بها داخليا ، إذ أعاد الى روسيا أمجادها بعد تعثّر فترة التسعينيات ،و مكّنها من استعادة دورها الرائد على الساحة الدولية ، و كذلك بالنظر الى مستوى باقي المترشحين السبعة الذين لم يكن بينهم من يمثل خطرا حقيقيا عليه. و إذا كانت نتيجة الاقتراع الرئاسي الروسي لم تحدث المفاجأة ، فإنها على صعيد نسبة المشاركة أحدثت مفاجأة حقيقية ، حيث كانت المخاوف كبيرة من المقاطعة ، خاصة أوساط الشباب الذين صوّتوا لأول مرّة و لم يعرفوا سوى بوتين في السلطة ، و نسبة المشاركة العالية المسجلة و هي في حدود 59.9% حتى الساعة الثامنة مساء بتوقيت موسكو ، تعكس بوضوح التفاف الشباب الروسي حول بوتين و تمسكه بسياسته التي حققت الكثير على المستوى الداخلي و هو ما يهمّ في الأساس المواطن الروسي أياّ كانت سنّه. وينص الدستور الروسي، الذي تم تعديله عام 2008، على أن فترة الرئاسة 6 سنوات، ويحظر على الرئيس الترشح لأكثر من فترتين متتابعتين.وترشح بوتين لفترتين متتاليتين مدة كل منهما 4 سنوات، بين عامي 2000 و2008، استنادًا إلى الدستور القديم، ثم فاز، عام 2012، بموجب الدستور المعدل، بفترة رئاسية أولى مدتها 6 سنوات.وتعهد ، في جويلية الماضي، بعدم تعديل الدستور، للسماح له بالترشح لأكثر من فترتين متتابعتين أو لعدد غير محدود من الفترات. هذا وتنافس في السباق الرئاسي امس بالإضافة الى بوتين سبعة مرشحين، من بينهم مرشح الحزب الشيوعي، رجل الأعمال المليونير، بافيل غرودينين (57 عامًا) ، وحتى عام 2010 كان غرودينين عضوًا في حزب بوتين «روسيا الموحدة»، وانتقد علنًا النظام السياسي والاقتصادي الحالي، لكنه تجنب انتقاد بوتين. المرشح الثاني هو فلاديمير زيرينوفسكي (71 عامًا)، زعيم الحزب الليبرالي الديمقراطي القومي المتطرف ، وهذه هي المرة السادسة التي يترشح فيها زيرينوفسكي لمنصب الرئيس، وقد بنى سمعته من تصريحاته الخاصة بكراهية الأجانب.ومن المرشحين الآخرين كسينيا سوبتشاك (36 عامًا)، وهي مقدمة البرامج التلفزيونية. التوتر بين الشرق والغرب اقتراع في أجوء من الوتر هذا و جرى الاقتراع الرئاسي الروسي في جو من التوتر مع عدد من الدول ، حيث شهد الأسبوع الأخير من الحملة الانتخابية اشتداد التوتر بين موسكو والغرب بسبب قضية تسميم عميل مزدوج روسي سابق في إنكلترا، ما أدى إلى تبادل طرد دبلوماسيين بين روسياوبريطانيا. وما شهده هذا الأسبوع من بيانات نفي وتبادل اتهامات وتهديد بالرد المتبادل، إنما يختزل ولاية شهدت استعادة روسيا نفوذها في العالم ، ولم تنتظر موسكو إلى ما بعد الانتخابات بل أعلنت السبت طرد 23 دبلوماسيا بريطانيا بصورة وشيكة، ردا على إجراء مماثل اتخذته لندن. محطات حاسمة في مشوار بوتين خمس محطات رئيسة في تاريخ روسيا و بوتين منذ انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991 إلى الانتخابات الرئاسية امس. شهادة وفاة الاتحاد السوفيتي في الثامن من ديسمبر 1991 أعلن بوريس يلتسين الذي انتخب قبل ستة أشهر أول رئيس لاتحاد روسيا، مع نظيريه الأوكراني والبيلاروسي، وفاة الاتحاد السوفيتي، وأرغم زعيم الاتحاد م يخائيل غورباتشوف على التنحي وطبق يلتسين مجموعة إصلاحات، من بينها تحرير الأسعار وتوحيد أسعار الصرف وصرف الروبل، والملكية الخاصة وإلغاء احتكار الدولة للتجارة الخارجية.ساهمت الأزمة المالية في 1998 في تفاقم أوضاع ملايين الروس الذين باتوا يعيشون في فقر مدقع في حين انهار النظام الصحي والتربوي وانتشر الفساد.مجيء بوتين في أوت 1999، عين يلتسين في منصب رئيس الوزراء فلاديمير بوتين « 65 سنة»الذي كان مجهولًا في ذلك الوقت، وسرعان ما كوّن العميل السابق في «الكي جي بي»، لنفسه صورة الرجل القوي في بلاد. استقال يلتسين ، في ال 31 من ديسمبر 1999. وخلفه بوتين في الانتخابات الرئاسية في مارس.2000 وخلال أول ولايتين له، أبعد بوتين عن السياسة كل الذين جمعوا ثروة في عهد يلتسين، الواحد تلو الآخر ، في موازاة ذلك تحسنت الأوضاع الاقتصادية بفضل الرقابة النقدية الصارمة، وخصوصًا على إيرادات النفط. بوتين رئيسا للوزراء نظرًا إلى أن الدستور يحظر الترشح للرئاسة لثلاث ولايات متتالية، اختار بوتين نائب رئيس حكومته الشاب دميتري مدفيديف الذي انتخب رئيسًا في الثاني من مارس 2008 .وأصبح بوتين في -حينها- رئيسًا للوزراء، وترأس حزب روسيا الموحدة الذي هيمن على البرلمان. 2012بوتين يعود تولي بوتين منصب الرئاسة مجددًا في 2012 لولاية من ست سنوات بعد إجراء تعديل دستوري، وأصبح ينظر له على أنه الشخصية التي أعادت أمجاد «روسيا الكبرى» .مع العلم ان الرئيس الروسي ولد في مدينة «سان بطرسبورغ « في 1952 وهو من عائلة بسيطة كانت تعمل في مجال سكك الحديد.بدأ بوتين مسيرته السياسية والاستخباراتية وعمره لم يتجاوز 33 سنة إذ تم تعيينه كعضو في الاستخبارات الروسية (كي جي بي سابقا) بمدينة درسدن الألمانية في 1985. عايش سقوط الجدار بألمانيا الشرقية سابقا، ما أكسبه خبرة كبيرة في المجال الاستخباراتي والسياسي.