يوافق ال21 مارس من كل سنة اليوم العالمي للغابات الذي أخذ هذه السنة شعار «الغابات والمدن المستدامة» في ظل الكثير من التحديات التي تواجه هذه الثروة الطبيعية والاقتصادية البديلة عن الطاقات التقليدية نتيجة الحرائق والفيضانات وزحف الرمال الناجمة عن التغيرات المناخية ومتطلبات الحفاظ على البيئة والتوازن الايكولوجي، وهي المخاطر التي أدركتها الجزائر بتبني سياسة حماية الغطاء النباتي والمناطق الرطبة والتوقيع على عديد الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالبيئة والمناخ وتشجيع الاقتصاد الأخضر بعد تراجع أسعار المحروقات.. واقع قطاع الغابات والغطاء الأخضر في الكثير من مناطق الوطن ومنها ولاية بومرداس المعروفة بتضاريسها الجبلية وغطائها الكثيف لم يعد محميا بترسانة القوانين التي سنت للحفاظ على هذا المورد الاقتصادي الهام سواء في مجالات المردودية الانتاجية كالخشب والفواكه الغابية المختلفة، أو من حيث الاستغلال السياحي في مجال السياحة الجبلية التي تزخر بها الولاية في جبال قدارة، عمال والناصرية وكذا الفضاءات الطبيعية الخضراء كغابة زموري وقورصو وغيرها من المناطق الأخرى العذراء التي لم تحظ بالاهتمام اللازم. و بالنظر إلى غياب المتابعة والإجراءات الردعية في حق المخالفين والمخربين الذين عاثوا فسادا في جبال بوزقزة قدارة ومنطقة أولاد علي بمرتفعات الثنية بسبب الاستغلال العشوائي لمادة التيف على حساب البساط الأخضر الغابي أو بسبب المحاجر التي استنزفت الثروة الطبيعية بقدارة. كما لم تعد أيضا الشعارات الجوفاء ومظاهر التشجير المناسباتية التي تقوم بها بعض الهيئات ومنها محافظة الغابات في بعض المحطات السنوية كعيد الشجرة، اليوم العالمي للغابات أو مناسبة المناطق الرطبة تفيد قطاع حساس يخسر سنويا آلاف الهكتارات نتيجة الحرائق ونسبة أكبر بسبب القطع العشوائي للأشجار أو الاستغلال العشوائي للفلاحين عن طريق التعدي على الفضاءات الغابية بحجة استصلاح الأراضي للاستغلال الفلاحي على غرار ما شهدته بلدية اعفير الجبلية قبل أشهر دون أن تتحرك الجهات المعنية لوقف هذا النزيف في المحيط الغابي الذي يعتبر مستقبل الأجيال والاقتصاد الوطني البديل. واللافت أيضا في هذا الملف، أن سياسة حماية البيئة وتوسيع المساحات الخضراء في المدن عن طريق التشجير التي باشرتها السلطات الولائية خاصة بالنسبة للأحياء السكنية المسلمة حديثا ومحاولة استرجاع بريق الحدائق العمومية في حواضر المدن الكبرى التي أتى عليها الزمن وظلم الإنسان لم تلق التجاوب المطلوب في الميدان بسبب غياب الثقافة البيئية وعدم الاكتراث لأهمية هذه الفضاءات في مجال الترفيه والراحة وتزيين المحيط السكني، والحقيقة أن هذه المسؤولة مشتركة ولا يتحملها المواطن لوحده إنما يبقى جزء كبير منها يقع على عاتق السلطات المحلية المكلفة بمتابعة وحماية هذه المساحات الخضراء خاصة من حيث الصيانة وعملية السقي، حيث باشرت مؤخرا بعض البلديات عمليات تشجير وتزيين للفضاءات العامة ومفترق الطرق على غرار بلدية دلس لكن سرعان ما عاد التصحر لهذه المساحات التي تركت لحالها دون قطرة ماء في عز فترة الصيف في سلوك ينم عن حجم الارتجالية والعشوائية وغياب النظرة المستقبلية المتبصرة للأمور.