ارتكز نقاش الندوة التاريخية التي نشطها الأستاذ الجامعي محمد لحسن زغيدي، أمس، بيومية ڤالشعبڤ حول الأبعاد السياسية والتاريخية والدينية لبيان الفاتح نوفمبر 1954 والاختلافات التي وردت في المصطلحات، وكذا مفهوم الدولة الجزائرية وعلى أي أساس سيتم إنشائها، قائلا انه ''وقع نقاش حاد بين قادة الثورة وفيه اتفق على أن الدولة الجزائرية يجب أن لا تتعارض والمبادئ الإسلامية والوحدة المغاربية''، وفي نفس الوقت وجه البيان للأوروبيين لتوضيح الأبعاد الحقيقية للكفاح الثوري. كما أن الأولويات التي طرحت فيما بعد حرصت على إعطاء الأهمية للداخل وللسياسي، كون العمل السياسي كان الحلقة الأهم في نظر الثورة لأنه الضامن لاستمرار التجنيد والتعبئة، التكوين والانخراط الثوري. وفي هذا الصدد، أوضح زغيدي أن قضية المصطلحات ورد فيها اختلاف لكن الأغلبية جاءت في شكل نداء، لأنه عندما يقرأ بيان أول نوفمبر نجده يتضمن مضمون النداء أكثر زيادة على ذلك، ففي البداية كان البيان عبارة عن اجتهاد نتيجة الرسالة المشفرة التي أرسلها المرحوم بوضياف محمد إلى قادة الثورة، حيث قام هؤلاء بترجمة البيان بصورة مغايرة، مضيفا انه عندما وصل البيان الصحيح وصل باللغة الفرنسية، وهنا تكفل الطلبة الجزائريون بترجمة البيان. علما أن أول ترجمة رسمية للبيان كانت لتوفيق المدني سنة 1957 وفي خمسة صفحات. في حين الترجمة القريبة كانت سنة 1964 من طرف جبهة التحرير الوطني. ويرى منشط الندوة أن بيان الفاتح نوفمبر الذي نص على العدالة الاجتماعية والديمقراطية مازال في إطار بناء الدولة الجزائرية، وهو يحمل في طياته معاني إنسانية، وطنية، حضارية وديمقراطية، تحررية واستشرافية يجمع فيها كل الشعب الجزائري. وفي رد زغيدي عن سؤال الأستاذ مصباح مناس حول طرح الشاعر مفدي زكريا في أن القضية الفلسطينية ينبغي أن تتخذ مسار المقاومة، وإمكانية استلهام الإخوة الفلسطيين من مبادئ الفاتح نوفمبر 1954، أجاب أن الدرس الجزائري الذي دام سبع سنوات يتلخص في كلمتين خرقهما اتفاق أوسلو وانه لا يتوقف القتال إلا بالاعتراف الرسمي بالسيادة الوطنية وان بيان نوفمبر كوثيقة نصت على جماعية القيادة واجتماعية القرار، أي أن هناك حق الفيتو في معارضة أي قرار ولذلك عملية الإجماع عمقها مؤتمر الصومام، ولذلك فمعظم قادة الثورة استشهدوا لكن الكفاح المسلح لم يتوقف، قال المحاضر . وأضاف المتحدث أن الثورة الجزائرية لم تتوقف إلا بعد إعلان وقف إطلاق النار في ال19 مارس 1962 والاعتراف بالسيادة الوطنية، وهذا ما يجب أن يقوم به الإخوة الفلسطينيون عبر مواصلة المقاومة كهدف أولي والمفاوضات كحل سياسي مؤقت. وجدد لحسن زغيدي تأكيده على أن بيان الفاتح نوفمبر خاطب النخبة الوطنية والأوروبية المتواجدة بالجزائر، وكذا النخبة الفرنسية والرأي العالمي. وعلى صعيد آخر، طالب الأستاذ باعتبار الشهيد العيشاوي محمد أحد رموز حرية الصحافة وحقوق الإنسان وإدراج اسمه في أي مشروع إعلامي تنجزه الجزائر، وهذا اقل شئ يقدم في حقه، كونه أعطى الكثير للثورة التحريرية وهو من محرري بيان الفاتح نوفمبر1954.