لم يعد يخفى على أحد أن الإعتماد على ثرواتنا الباطنية، أضحى في خبر كان، بل ووهما لا يصدقه إلا المجانين... كما أصبح من الواضح الأكيد أن لا مخرج لنا من أزمتنا الخانقة، وتأمين معيشتنا، ومستقبل الأجيال القادمة إلا بالتشمير على ساعد الجد، وإفراز المزيد من العرق، لأن هذا العرق وحده هو الذي نعقد عليه الأمل، عند ما يتحول إلى ذهب نضار، وجوهر ثمين يمحو المديونية، ويكافح البطالة، ويحلّ مشاكل السكن، ويضمن مقاعد الدراسة، ويجعلنا في منأى عن شبح المجاعة لا قدّر اللّه وهذا لن يتأتى لنا بفعل ساحر عليم، ولا بحمل مصباح علاء الدين لأن ذلك لا وجود له إلا في الخرافات والأساطير..! وإنما يمكن تحقيق المعجزة بالإعتماد على الذات والإيمان بقوة الطاقات الحية التي تمتلكها البلاد، وما لم يحتل العمل مكانة التقديس في ضمائرنا وأذهاننا، فإننا سوف نبقى ندور في حلقة مفرغة...! في مطلع كل صباح أضع يدي فوق قلبي، وأشعر بالخوف الشديد من الأيام القادمة وأنا أرى الشوارع، والأسواق، والمقاهي مزدحمة بالخلق، وأنظرإلى الساعة في معصمي وأقول: »ماذا يفعل كل هؤلاء الناس في مثل هذا الوقت، المفروض أن يكون الجميع الآن في أماكن العمل..؟ أعتقد أنه آن الآوان ليفهم الناس أن العمل مسؤولية، ولابدّ لنا من أن نملك من الجرأة، ومن الواقعية بأن نقول للمسيء أسأت، وللمحسن أحسنت، وأن لا نترك الحبل على الغارب، فقد تميعت الأمور ولا أظن أنها تتحمل أكثر..! ولكن أيّ عمل نقصده ونعوّل عليه...؟ بالتأكيد إنه ليس العمل الذي يحقق الربح السهل والسريع لفئة دون أخرى من أبناء الشعب، ولكنه العمل الذي يخدم مصلحة الجزائر بالدرجة الأولى وذلك يجب أن يكون مبنيا على تصوّر سليم، ورؤية صائبة.. وأخيرا إنه العمل الذي تحتضنه أياد أمينة مخلصة، وتؤمن به قلوب نظيفة، هدفها الأول والأخير هو بناء جزائر العزة والكرامة ورفع مكانتها بين الأمم، وهؤلاء موجودون اليوم وغدا وكما كانوا بالأمس في ثورة التحرير »ومن سار على الدرب وصل...« و»من لا يحبّ صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر...«. إذن إنه لحري بنّا أن نجعل نصب أعيننا، وننقش على قلوبنا... لا أمل إلاّ بالعمل. ------------------------------------------------------------------------