قالت مجلة دير شبيغل الألمانية: إن البرقيات الدبلوماسية الأمريكية التي سربها موقع ويكيليكس أظهرت أن لدى الإدارة الأمريكية شبكة واسعة من المخبرين في برلين. قامت بمراقبة كثيفة لمحادثات تشكيل وزارة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عام 2009، كما أظهرت البرقيات المسربة أن الإدارة الأمريكية كان لها موقف متشكك وانتقادي من عدد كثير من المسؤولين الألمان الذين شاركوا في حكومة ميركل الوليدة آنذاك. وتركزت البرقيات السرية للدبلوماسيين الأمريكيين -وفقا للمجلة الألمانية- حول الأوضاع السياسية في الدول التي تدور حولها التقارير، وبروتوكولات لمقابلات مع سياسيي هذه الدول. كما تضمنت توصيفا سيكولوجياً للحالة النفسية لهؤلاء السياسيين. وكانت البرقيات الأمريكية الصادرة من برلين شديدة الانتقاد لميركل التي ذكرت فيها تحت اسم تيفلون (مادة تمنع الالتصاق، في إشارة إلى أن ميركل لا تأبه بالنقد). وذكرت البرقيات ميركل على أنها تخاف المخاطرة وتفتقرإلى القدرة الخلقة. وفي المقابل أعطت بعض تلك التقارير المستشارة ميركل درجة جيدة في العمل الحكومي والخبرة بقضايا السياسة الخارجية، غير أن تقارير أخرى وصفتها بأنها عملية وغير مبدعة ونفعية، ولا تهتم من السياسة الخارجية إلا بما يخدم تعزيز شعبيتها وسياستها الداخلية. وتطرقت الوثائق التي نشرتها دير شبيغل إلى شخصيات سياسية ألمانية أخرى، حيث وصفت إحداها رئيس وزراء ولاية بافاريا الجنوبية هورست زيهوفر بالشعبوي اليميني الذي لا يفهم السياسة الخارجية. ووصفت أخرى وزير الداخلية الحالي توماس دي ميزير بقلة الخبرة والرغبة في التعاون مع الولاياتالمتحدة في مجال مكافحة الإرهاب. ومع ذلك لم تخل تلك الوثائق من إشادة بمسؤولين آخرين، حيث صنفت وزير الداخلية السابق والمالية الحالي فولفغانغ شويبلة ووزير الدفاع كارل تسو غوتنبيرغ، كصديقين حميمين للولايات المتحدة. وكشفت إحدى الوثائق عن مطالبة مسؤول أمريكي لقيادي بارز في دائرة المستشارية الألمانية في برلين -فيما يشبه التهديد- عام 2007، بعدم إصدار أمر اعتقال دولي بحق عملاء للاستخبارات الأمريكية (سي. آي. أي.) شاركوا في خطف الألماني من أصل لبناني خالد المصري من مقدونيا واحتجازه وتعذيبه في أفغانستان لعدة سنوات. وأشارت هذه البرقية إلى تأكيد المسؤول الألماني لنظيره الأمريكي استقلالية القضاء الألماني. أما وزير الخارجية غيدو فيسترفيلا (تسلم مهام منصبه في أكتوبر 2009)، فإن برقيات السفارة الأمريكية في برلين لم تكن إيجابية عنه، حيث وصفته بأنه غير كفء ومغرور ولا يحب أمريكا. وأبدى الدبلوماسيون الأمريكيون في برلين خشيتهم من التعامل مع فيسترفيلا الذي اعتبروه رجلا غامضا. ولا يتمتع بكثير من الخبرة في السياسة الخارجية علاوة على أنه دائم الانتقاد للولايات المتحدة. وبذلك أبدت الدبلوماسية الأمريكية في برلين مخاوفها من تأثير فيسترفيلا على حكومة ميركل، حيث وصفته بأنه فخور بنفسه. ولن يقبل بطأطأة رأسه إذا ما نشب خلاف بينه وبين ميركل أو حكومتها. وتقول المجلة: إن هناك 1719 برقية دبلوماسية أمريكية تخص ألمانيا، وإنه من الواضح أن الولاياتالمتحدة تمتلك شبكة متشعبة من المخبرين في ألمانيا. وتلفت الصحيفة إلى أن هناك مصدرا داخل ائتلاف ميركل كان في عام 2009 يرسل تقارير منتظمة إلى الدبلوماسيين الأمريكيين عن المحادثات الدائرة لتشكيل الحكومة. وفي إحدى البرقيات التي كتبها السفير الأمريكي في ألمانيا فيليب ميرفي، وصف فيها المصدر قائلا: إنه شاب وعضو واعد في الحزب. وقد زود أحد موظفي السفارة بوثائق داخلية للحزب، وهو على استعداد لتمرير ملاحظاته التي يدونها إلينا وأن يسلمنا وثائق خاصة بالمحادثات لتشكيل الحكومة. وقد أجرت دير شبيغل مقابلة مع السفير ميرفي الذي دافع عن محتوى الوثائق ووصفه بأنه طبيعة العمل الدبلوماسي. وقال ميرفي: نحن نتحدث إلى الناس. عليك أن تعرفهم ويعرفوك، وأن تثق بهم وتشاركهم بآرائك واستنتاجاتك. كما أبدى ميرفي غضبه الشديد من الذين قاموا بنشر البرقيات. وقال: إن موظفي سفارته لم يقترفوا أي خطأ وإنه لن يعتذر عن ما فعلوه. ولم يستبعد السفير الأمريكي في برلين فيليب ميرفي فى نهاية الشهر الماضى أن تجتاز علاقات بلاده مع ألمانيا أوقاتا صعبة خلال الأيام القادمة، بسبب كشف موقع ويكليكس الأحد لوثائق دبلوماسية سرية عن تقييمات أمريكية محرجة للمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل ووزراء في حكومتها. ورفض ميرفي في عدة مقابلات أجراها مع صحف ألمانية الاعتذار في الوقت الحالي للمسؤولين الألمان عما ورد في تلك الوثائق.