400 كلغ من الكيف المعالج المهيئة لإقتحام الحدود الجزائرية و قرابة 1000 لتر من الوقود، فضلا عن توقيف شخصين من جنسية مغربية في حالة اقامة غير شرعية الى جانب إلقاء القبض على 30 مهاجر غير شرعي، كانت حصيلة المداهمة المفاجئة لعناصر الدرك الوطني من فرق حرس الحدود بمغنية ولاية تلمسان ابتداءا من صبيحة الثلاثاء الى امسية الاربعاء الفارطين، حيث شاءت الصدفة هذه المرة وخلافا للعادة، ان تقع المعلومة مباشرة بين احضان الصحافة الوطنية التي رافقت تفاصيل الخرجة الميدانية على مدى يومين من الزمن، تحت اشراف المجموعة الاولى لحرس الحدود بمغنية. هذه الكميات الهائلة من المواد المحجوزة تؤكد ان ظاهرة ''تصدير'' الوقود بطرقة غير شرعية لازالت تتصدر قائمة المواد والسلع المهربة نحو الخارج، التي تمكنت مصالح الدرك الوطني من حجزها على طول الشريط الحدودي للوطن، في اطار دوريات المراقبة والتفتيش التي تخوضها بصفة مستمرة ودائمة، سعيا الى تمشيط المناطق المشتبه فيها وتضييق الخناق على شبكات التهريب والبارونات الاجرامية. فحسبما علمت ''الشعب''، فان الكمية المحجوزة من المخدرات والتي تعادل قرابة اربعة قناطير من الكيف المعالج، تم استرجاعها من قبل قوات المجموعة ال19 لحرس الحدود بباب العسة، اثر كمين نصبته لسيارة من نوع رونو,25 بعد تلقيها لمعلومات تفيد ان صاحب المركبة سيحاول التسلل الى التراب الوطني قصد تمرير البضاعة التي كانت تحمل علامة ''اكس 5 '' نسبة لسيارات ''بي ام دوبل في '' رباعية الدفع، اين قام عناصر مركز المراقبة التقدم حاج ميلود بترصد الحركات المشبوهة بالمنطقة، التي حين توجت مجهوداتهم في حدود العاشرة مساءا بحجز السيارة على بعد امتار من الحدود، هذه الاخيرة التي لاذ صاحبها بالفرار الى المغرب. وبالرغم من ان المخدرات تعتبر آفة غريبة ودخيلة على المجتمع الجزائري، المعروف بتماسكه واحترامه للعقيدة الإسلامية وتقاليده العريقة، الا ان الجزائر عرفت آفة المخدرات منذ السبعينات، حيث كانت آنذاك منطقة عبور من الغرب باتجاه الشرق والشمال إلى ما وراء البحر، ثم أصبحت بالأمس موضع تعاطي وترويج، لتصنف اليوم وللأسف الشديد كموطن إنتاج وتوزيع، الشيء الذي يبعث بالقلق ويفرض على الاجهزة الامنية تحديات لمواجهة الظاهرة . وإذا كانت مصالح الأمن مجندة لمحاربة الظاهرة عن طريق قمعها فإن الأسلوب الوقائي قد يكون أنفع أكثر، لأنه سيمس أكبر شريحة من المجتمع، وسيقطع الطريق في وجه مروجي هذه السموم، التي لطالما تسببت في احداث أضرار اقتصادية بليغة، تستنزف من خلالها الأموال وتؤدي إلى ضياع موارد الأسرة بما يهددها بالفقر والإفلاس، كما تحمل الدولة أعباء رعاية مدمنيها في المستشفيات والمصحات، حراستهم في السجون ومطاردة المهربين ومحاكمتهم. من جهة اخرى، فان تدخل الاطراف المعنية لوضع حد للظاهرة اصبح اكثر من ضرورة، لاسيما ان المغاربة يحضرون لمسح ما لا يقل عن 25 ألف هكتار من حقول الحشيش (القنب الهندي) المتواجدة على مستوى الريف المغربي، لإستبدالها برزاعة العفيون المستعمل في انتاج مادة الكوكايين المخدرة، نظرا الى العائدات الخيالية التي يجنيها اصحاب هذه التجارة، والتي تعادل اضعاف مداخيل الكيف المعالج، مما يعكس مدى خطورة المرحلة التي يحضر لها المغاربة، ويؤكد ان دواعي الخطر لازالت قائمة بحذافرها على طول الشريط الحدودي الذي يجمع كل من الجزائر والمغرب، بالموازاة مع امكانية دخولها الى الجزائر وترويجها داخل الوطن على سبيل المخدرات والمهلوسات العقلية التي بسطت نفوذها في اوساط الشباب، والتي يجعلت من الجزائر في السنوات الاخيرة منطقة استهلاك واسع بعدما كانت منظقة عبورة فقط. ومن الواضح ان المغاربة قد لجؤوا الى هذا الاسلوب كآخر حل لهم، بعدما فشلوا في اقامة مستثمرات لزراعة العفيون في الجنوب الجزائري، مستغلين في ذلك اموال الدعم الفلاحي وايادي محلية، فالتحريات الدقيقة التي باشرتها الاجهزة الامنية الجزائرية اثر اكتشاف ما يفوق 170 ألف نبتة، كشفت ان البذور المستعملة في زراعة العفيون عبر اقطار الصحراء وبالخصوص ولاية أدرار قد تم استقدامها من المغرب. تواطؤ الأجهزة الأمنية المغربية تواجدنا بمغنية في اطار عملية المداهمة التي امتدت الى ساعات متاخرة من الليل الاربعاء الفارط، صادف حجز31 صفيحة من الوقود أي ما يعادل قرابة ألف لتر كانت معبئة على متن 5 بغال بضواحي منطقة الراموس التابعة للزوية، وهو نفس المكان الذي تم فيه منذ خمسة أشهر حجز 3 قناطير من الكيف المعالج على متن سيارة من نوع رونو 25 . وفي حين يفسر البعض الاجواء المشحونة التي تشهدها حركة تهريب الوقود عبر الولاياتالغربية، بالعائدات التي يجنيها المهربون جراء الرحلات التي يقومون بها، ترجح بعض المصادر الحدودية تواطؤ الاجهزة الأمنية لدى بعض الدول المجاورة، وإغفالها عن بذل المجهود الكفيل بوضع حد للظاهرة، بسبب ازمة توفير البنزين والمازوت التي تعاني منها بالموازاة مع ارتفاع سعر المحروقات في البورصات العالمية، مما انعكس سلبا على أسعار هذه المادة الحيوية لدى الدول غير المنتجة، وعلى راسها كل من تونس والمغرب اين قدر سعر اللتر الواحد من المازوت خلال الايام الماضية بما يعادل 80 دج لدى لهذه الدول ، الامر الذي شجع ''الحلابة'' على تكثيف رحلاتهم اليومية انطلاقا من مدينة باب العسة في مغنية باتجاه وجدة المغربية، نظرا الى تزايد الطلب على هذه المادة الحيوية . غير أن اللافت للانتباه، كون ظاهرة تهريب الوقود على غرار المواد الأخرى لم تعد حكرا على شريحة معينة، بل انتقلت عدوى الربح السريع إلى جميع سكان المنطقة الحدودية الذين باتوا في السنوات الليلة الأخيرة، يحترفون هذه الصنعة بالموازاة مع الدخل الكبير الذي يحققونه يوميا وعائدات هذا النشاط الموازي التي قد تصل في بعض الأحيان إلى 6 ألاف دج، بحيث تشير الإحصائيات المقدمة من قبل للدرك الوطني بتلمسان والمتعلقة بمكافحة الجريمة المنظمة، ان معظم العائلات القاطنة على طول الحدود الغربية متورطة في عمليات تهريب الوقود والمخدرات بحكم قرب سكناتهم من الخطوط الفاصلة بين الدولتين، بحيث اصبح هؤلاء يفضلون المجازفة بحياتهم، وتحدي الحواجز الأمنية، للظفر ببعض ''الدرهمات'' التي يسدون بها حاجياتهم، خاصة ان الفقر الى جانب البطالة، استهلاك المخدرات، تناول المشروبات الكحولية والدعارة من العوامل الفاعلة في ارتفاع وتزايد الجرائم المرتكبة عبر إقليم الولاية، وبصورة حساسة لدى فئة الشباب الذي يتحدد عمرهم مابين 18 و 40 سنة باعتبارهم الفئة الأكثر جرما بنسبة 11,85 ٪ من مجموع الأشخاص المتورطين في الجرائم المرتكبة. ''مغنية'' منطقة إستقرار المهاجرين غير الشرعيين ''مغنية'' او ما يعرف بالبوابة الغربية للتهريب، باتت معروفة بتنامي شتى اشكال ضلوع الاجرام والفساد، واصبحت المأوى الرئيسي للمهاجرين غير الشرعيين، فمن جهتهم توصل عناصر الفرقة الاقليمية للدرك الوطني بمغنية الى القاء القبض على مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين من جنسيات افريقية مختلفة كانوا بصدد التحضير للالتحاق بالضفة الاخرى. ولعل البعض منهم يصدق القول عندما يؤكد ان قساوة العيش قد دفعته الى البحث عن فرص عمل محترمة في بلدان مختلفة غير وطنه الاصلي، الا ان الاخطر في الموضوع هم اولئك الاشخاص الذين يقررون الاستقرار في الجزائر والعيش على انقاض النصب والاحتيال على المواطنين، وهو الامر الذي عاينته الفرقة الاقليمية للدرك الوطني بمغنية، بعد ان تكررت الشكاوي ضد الافارقة الذين يحتالون على ضحيتهم بعدما يوهمونها باستلام قصاصات سوداء على شكل اوراق نقدية سرعان ما تتحول الى عملة حقيقة فور استعمال بعض المساحيق السحرية. وبالرغم من الحملات التحسيسية التي تشنها مصالح الدرك الوطني للفت انتباه المواطنين حول مخاطر الظاهرة، الا ان الاجهزة الامنية المختلفة لازالت تسجل عمليات احتيال مماثلة، بحيث تجدر الاشارة الى انه لدى تواجدنا بعين المكان، كانت ذات الفرقة قد فاجئت شخصين وبحوزتهما احدى الحقائب المستعملة في عملية النصب وبداخلها دليل استعمال يشرح اسلوب ايهام الضحية والايقاع به، هذين الاخيرين اللذان لاذا بالفرار في اتجاه المغرب تاركين ورائهما الحقيبة ومجموعة من جوازات السفر التي يحتمل ان تكون مزورة.