هي»لؤلؤة الصحراء».. تتميز بطابع معماري وعمراني فريد من نوعه، يحيط بها من كل الجهات هضاب وتلال صغيرة منحتها شيء من الخصوصية، فاعتبرت ملجئ لكل باحث عن الهدوء والسكينة في قلب الصحراء. «تيميمون».. تلك المدينة الفريدة من نوعها، بنخيلها، بقصورها العتيقة وبتاريخها الحضاري، تقع في الجنوب الجزائري على ارتفاع 288 مترا بمنطقة «قورارة»، غرب هضبة «تادمايت»، بالجهة الشمالية لولاية إدرار، والتي تبعد عنها بحوالي 210 كلم، كما تبعد عن عاصمة الجزائر بحوالي 1400 كيلومتر، تبلغ مساحتها 1000 كيلومتر مربع، ويقطنها أكثر من أربعة آلاف نسمة. تتميز «تيميمون» بمناخ حار صيفا ودافئ شتاء، فيصل متوسط درجة الحرارة السنوية بها إلى 25 درجة مئوية تقريبا، مع هطول أمطار ضئيل على مدار العام، وينتمي سكانها إلى العرق الأمازيغي ويعرف محليا بالمجتمع الزناتي نسبة إلى لغة السكان الزناتية. واحات النخيل الكثيفة، والنباتات الصحراوية، والقصور المبنية بين الكثبان الرملية، رسمت جميعها لوحة فنية تشكيلية مفتوحة على الطبيعة الصحراوية الشاسعة، وتزداد تلك اللوحة جمالا مع غروب الشمس، وانسحاب آخر خيوط للنهار متسللا من بين الكثبان الرملية، في مشهد تلتقي فيه الشمس مع الأرض، وهو منظر لا يمكن رؤيته إلا في الصحاري الشاسعة. منازلها الحمراء أول ما سيلفت نظرك بمجرد أن تطأ قدميك أرضها، فالطوب الأحمر المادة الخام الرئيسية للبناء والعمارة، حتي القصور شيدوها بالطوب الأحمر المحلي، الذي يجعل كل من يزورها يصفها ب»الواحة الحمراء»، ويوجد في «تيميمون» حوالي 40 قصرا يعيش فيها أهل الواحة، والقصر عبارة عن تجمعات سكانية، تحيط به حقول وبساتين وواحات نخيل، ما يضفي على القصر رونق الطبيعة الخلابة، ومن أهم تلك القصور، ماسين، وبني مهلال، وبدريان، وتنركوك. قديما، وقبل أن يبتكر أهل الواحة تلك القصور الحمراء، كانوا يشيدون تجمعات سكنية، عُرفت باسم «القصبات»، وهي عبارة عن تجمعات سكنية قديمة يتم بناؤها قمم جبلية، أسفلها مغارة للإختباء تحسباً لأي غزوة أو حرب، فتصبح بذلك ملاذا للهروب من الأعداء، يعلو تلك المغارة، أربعة أبراج للمراقبة مرتفعة، تكشف لهم الأفق البعيد. بعض القصبات القديمة، والتي بناها أجداد الجزائريين، تعود إلي القرن الثاني عشر، أهم تلك القصبات، قصبة «إيغزر»، والتي تبعد عن مدينة تيميمون حوالي 40 كيلومتر، أسفلها تمتد مغارة كبيرة جدا، وهي مازالت حتى الآن أحد أكبر الوجهات السياحية لزائرى المنطقة، وهناك أيضا قصبة «أغلاد»، التي تقع على بعد حوالي 60 كيلومتر شمال المدينة. ويُعد فندق الواحة الحمراء من أبرز المعالم السياحية الموجودة في وسط «تيميمون»، تم بناؤه سنة 1920، وكعادة هذه الواحة بُني من الطوب الأحمر المنقوش على الطريقة الإسلامية، زاره العديد من الشخصيات المهمة لعل أهمهم علي الإطلاق، أمين عام الأممالمتحدة «خافير بيريز دي كويلار»، في الأربعينيات من القرن الماضي، كما أقيمت فيه ماريا تريزا الدوقة العظمي لدولة لوكسمبورغ لعدة أيام عندما زارت الواحة. أما عن أهم المعالم الأثرية التاريخية في المنطقة، فتأتي «زاوية دباغ» علي رأس القائمة، وهي عبارة عن ثكنة عسكرية استُخدمت وقت الاستعمار الفرنسي سنة 1900، مبنية على طريقة القصور القديمة، ولكنها تحولت في السنوات الأخيرة إلى زاوية دينية، كما يوجد بالواحة بعض المعالم التي أنشأها الفرنسيون، مثل باب السودان، والذي يُعتبر مدخل المدينة القديم، كما أنها كانت بوابة لعبور القوافل التجارية إلى إفريقيا، وفندق قورارة الموجود على حافة المدينة، وهو مبنى قام بتصميمه المهندس المعماري الفرنسي فرناند بوليون. كان لواحات النخيل التي تتوسط كثبان الرمال والصحاري القاحلة، دوراً في جعل تيميمون مقصدا سياحيا متفردا، فعادة ما يكون الإقبال الأكبر عليها، فزائريها خاصة من الأوروبيين يعشقون التخييم وسط النخيل، خاصة مع وجود بعض «الفڤارات» أو أبار المياة، والتي تتصل ببعضها البعض علي هيئة شبكة من المجاري المائية.