أعلن وزير الخارجية الليبي موسى كومبا أمس الجمعة أن طرابلس قررت وقف إطلاق النار وجميع العمليات العسكرية. يأتي هذا الإعلان بعد تبني مجلس الأمن الدولي يوم الخميس قرارا يدعو إلى اتخاذ «جميع الإجراءات الضرورية لحماية المدنيين» في ليبيا بما فيها فرض منطقة حظر طيران فوق أجواء البلاد فيما يرى الممتنعون عن التصويت في هذا القرار تدخلال عسكريا. ويجيز قرار مجلس الامن رقم 1973 الذي أقر بتأييد 10 أصوات وامتناع خمسة عن التصويت وهي الصين وروسيا «الاعضاء الدائمون» بالاضافة الى المانيا والهند والبرازيل للدول الاعضاء «اتخاذ كافة التدابير الضرورية لحماية المدنيين والمناطق الاهلة بالمدنيين المهددة بهجمات (تنفذها قوات العقيد معمر القذافي) مع استبعاد تواجد قوة احتلال أجنبية من أي شكل كان وفي أى جزء من الاراضي الليبية». كما قرر المجلس اقامة منطقة حظر لكافة الطلعات الجوية في سماء ليبيا بما يضمن حماية المدنيين وأجاز للدول الأعضاء اتخاذ كافة التدابير الضرورية لاحترام الحظر الجوي. وطالب القرار السلطات الليبية إعلان «وقف لاطلاق النار وبصورة فورية والوقف التام للانتهاكات ولكل الهجمات التى تستهدف المدنيين». ومن أجل ضمان التطبيق الصارم للحظر على الاسلحة (الوارد في قرار سابق صدر في 26 فيفري حول ليبيا) دعا مجلس الأمن في قراره رقم 1973 الدول الاعضاء وخاصة دول المنطقة إلى «تفتيش السفن والطائرات المتجهة والقادمة من ليبيا على أراضيها بما في ذلك في الموانىء والمطارات وفي عرض البحر». ومن جهة أخرى أعرب المجلس عن «أسفه للاستخدام المنهجي للمرتزقة في ليبيا» داعيا جميع الدول الاعضاء أن «تنفذ بشكل صارم التزاماتها بمنع تزويد ليبيا بمرتزقة مسلحين». وطالب المجلس من الامين العام للامم المتحدة بان كي مون تشكيل مجموعة خبراء يعينون لمدة ابتدائية تستمر سنة واحدة ومهتمها جمع وفحص وتحليل المعلومات الصادرة عن الدول وهيئات الاممالمتحدة والمنظمات الاقليمية وغيرها من الأطراف المعنية والتي تتعلق بتطبيق التدابير المتخذة في اطار هذا القرار وخصوصا حالات عدم الالتزام. وعلى صعيد آخر قرر مجلس الامن الدولي تجميد الأموال والأصول المالية والموارد الاقتصادية المملوكة أو التي تتحكم فيها السلطات الليبية بصورة مباشرة أو غير مباشرة. ومن جهة أخرى أوضحت الدول التي امتنعت عن التصويت أنها اتخذت هذا الموقف نظرا لأنها لم تتحصل خلال المداولات على الأجوبة بخصوص الاسئلة التي طرحتها بشأن القرار. فقد ذكر مندوب روسيا الدائم لدى الأممالمتحدة فيتالي تشوركين بأن بلاده امتنعت عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بشأن ليبيا خشية أن يؤدي فرض حظر الطيران فوق ليبيا إلى «تدخل عسكري واسع». وقال في تصريح «إنه تم تحريف فكرة فرض حظر جوي على ليبيا خلال المداولات وتم إدخال ما يفتح الباب لإجراء عملية عسكرية واسعة على نص القرار» مشيرا إلى أن بلاده «تعتقد أن السبيل الوحيد لحماية المدنيين في ليبيا هو الوقف الفوري لإطلاق النار». وبدورها أكدت الصين التي تتولى رئاسة مجلس الامن الدولي خلال شهر مارس الجاري على لسان سفيرها في الأممالمتحدة لي بودونغ والتي امتنعت عن التصويت على القرار أن «الصين تعارض استخدام القوة في العلاقات الدولية» وقالت أنها تنتظر تقريرا من مبعوث الاممالمتحدة إلى ليبيا عبد الله الخطيب حول الوضع الميداني في هذا البلد. وبررت ألمانيا امتناعها عن التصويت على قرار مجلس الأمن الدولي بشأن فرض حظر طيران فوق ليبيا على لسان مندوبها في الأممالمتحدة بيتر ويتينغ بقوله أن بلاده «لا ترغب في الدخول في مواجهة عسكرية وهو ما تلمح إليه بعض الفقرات الواردة في نص القرار». وأرجع مندوب الهند في مجلس الأمن الدولي امتناعه عن التصويت «لغياب أي أخبار ذات مصداقية حول الوضع في الميدان في ليبيا من شأنها أن تدفع إلى فرض حظر جوي» وكذا إلى «عدم وضوح أليات تطبيق بنود القرار» . أما سفيرة البرازيل في الأممالمتحدة السيدة ماريا فيوتي فقد اعتبرت ان بلادها «غير مقتنعة بان استعمال القوة مثلما هو مقرر سيمكن من تحقيق الهدف المرجو وهو وضع حد للعنف وحماية المدنيين». ويأتي قرار مجلس الأمن الدولي الجديد بعد ثلاثة أسابيع على صدور القرار 1970 الذي نص على تطبيق عقوبات ضد السلطات الليبية تضمن احالة «الانتهاكات» في ليبيا إلى محمكة العدل الدولية وفرض حظر على الأسلحة ومنع العقيد معمر القذافي وعدد من أقاربه والمسؤولين الليبيين من السفر مع تجميد الارصدة التابعة لهم. وبالمقابل أعلن وزير الخارجية الليبي موسى كوسا أمس الجمعة أن طرابلس قررت وقف اطلاق النار وجميع العمليات العسكرية. وقال كوسا في مؤتمر صحفي: أنه عملا بالمادة رقم 25 من ميثاق الأممالمتحدة وباعتبار ان ليبيا عضو بالاممالمتحدة فانها ملزمة بقبول القرار الاممي رقم 1973 ولذا فقد قررت الوقف الفوري لاطلاق النار ولجميع العمليات العسكرية. وأضاف وزير الخارجية الليبي: أن الجماهيرية حريصة على حماية المدنيين وتقديم المساعدات الانسانية لهم، وعلى احترام حقوق الانسان والالتزام بالقانون الدولي الانساني واتخاذ جميع الاجراءات الكفيلة بسلامة الرعايا الأجانب المتواجدين في ليبيا، وذلك التزاما بقرارات مجلس الامن وبأحكام ميثاق الأممالمتحدة. وتابع قائلا: ان الحكومة الليبية تشجع على فتح قنوات النقاش المثمر والجاد فيما بين الاطراف، مؤكدا ان ليبيا جادة في مواصلة تطوير وتنمية المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد، وانها قامت بالفعل باتخاذ خطوات جادة في هذا الشأن. وأعرب كوسا عن «أسف» بلاده العميق ازاء ما اشتمل عليه القرار من تدابير ضد الليبيين، من بينها الحظر الجوي الذي يشمل الطيران المدني والذي سوف يعظم معانات الشعب الليبي ويؤثر تأثيرا سلبيا على الحياة العامة مشددا على انه كان من الأحرى بالمجموعة الدولية ان تستثني المدنيين على الأقل من الحظر الجوي بدلا من تعميق معاناة المواطنين. وقال: إن قرار التجميد الشامل للارصدة والأموال الليبية من شأنه الاضرار بالشعب الليبي وعدم قيام الدولة بتنفيذ التزاماتها المحلية. وقد خاطب سيف الإسلام نجل قائد الثورة الليبية العقيد معمر القذافي أمس الجمعة الدول التى صوتت على القرار الذي أصدره مجلس الأمن الدولي قبل الليلة الماضية بفرض منطقة لحظر الطيران على الأجواء الليبية بقوله «أنكم لن تساعدوا الشعب ان قصفتم ليبيا». وفي حديث مع شبكة «ايه بي سي» الأمريكية من طرابلس قال: «نحن في بلدنا ومع شعبنا ولسنا خائفين.. لن نخاف ولن تساعدوا الشعب إن قصفتم ليبيا لقتل ليبيين سوف تدمرون بلادنا ولا أحد مسرور بذلك». قوات القذافي تواصل قصف مدينة مصراتة وكانت القوات الموالية للعقيد معمر القذافي قد قصفت أمس الجمعة مدينة مصراتة شرق طرابلس التي يسيطر عليها المتمردون بعدما استهدفها قبل الليلة الماضية قصف بالأسلحة الثقيلة حسب ما أعلن متحدث باسم المتمردين. ونقلت مصادر إعلامية عن المتحدث قوله أن «المدينة ما تزال تتعرض لاطلاق قذائف كثيف منذ مساء الخميس» مشيرا إلى ان عدد الضحايا غير معروف في الوقت الحاضر. وكانت معلومات متضاربة وردت الخميس بشأن مدينة مصراتة إذ أعلن النظام الليبي أن قواته سيطرت عليها فيما نفى متحدث باسم المتمردين هذه الأنباء.