بدأت دول غربية أمس حشد قواتها العسكرية بعد ساعات من إعلان مجلس الأمن التصويت على قرار فرض حظر جوي ضد الزعيم الليبي معمر القذافي. ونقلت مصادر إعلامية أن الغارات الجوية ستنطلق من قواعد عسكرية في كورسيكا وصقلية، حيث توجد قاعدة لحلف الأطلسي. وتهدف الضربات إلى تعطيل قدرات الجيش الليبي واستهداف مخازن السلاح. قبل أن يعلن وزير الخارجية الليبي موسى كوسا أن طرابلس قرَّرت وقف إطلاق النار ووقف جميع العمليات العسكرية، التزاماً بقرار مجلس الأمن.. وقال كوسا "إن قرار وقف إطلاق النار سيعيد الأمن إلى البلاد، وسيضمن الأمن لجميع الليبيين"، لكنه انتقد في الوقت نفسه التفويض الدولي باستخدام القوة، بالقول "إنه انتهاك لسيادة ليبيا". وجاء هذا التطور بعد أن أعلنت عواصم غربية، من أبرزها واشنطن ولندن وباريس عن وضع استعدادات؛ لمنع القوات الموالية للزعيم الليبي معمر القذافي من مهاجمة القوات المعارضة في شرقي البلاد، بعد موافقة مجلس الأمن الدولي على فرض منطقة حظر جوي على البلاد مساء الخميس. وذكر أن المطارات الحربية الليبية ستكون ضمن أهداف الضربات الجوية. ومن المحتمل شن حرب إلكترونية لشل حركة الطيران الليبي. واستبعد مسؤول عسكري روسي المشاركة في العملية العسكرية. وقد أغلقت ليبيا مجالها الجوي أمام أي حركة ملاحة حتى إشعار آخر، على ما أعلنت الوكالة الأوروبية لمراقبة الحركة الجوية “يوروكونترول”. إلى ذلك، أعلنت الحكومة الفرنسية أن التدخل العسكري في ليبيا سيتم في “غضون ساعات”. فيما أكد سيف الإسلام القذافي، نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، أن بلاده “ليست خائفة” بعد قرار مجلس الأمن الدولي. وقال سيف الإسلام متحدثاً إلى شبكة “أيه بي سي” الأمريكية من طرابلس “نحن في بلدنا ومع شعبنا ولسنا خائفين”. وتابع “لن نخاف، ولن تساعدوا الشعب إن قصفتم ليبيا لقتل ليبيين. سوف تدمرون بلادنا. ولا أحد مسرور بذلك”. وقد طالب الرئيسان الأمريكي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي ورئيس وزراء بريطانيا ديفيد كاميرون، ليبيا، بأن توقف فوراً أعمال العنف ضد المدنيين وتمتثل لقرار مجلس الأمن الدولي، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية الجمعة. وقال البيت الأبيض في بيان إن أوباما اتصل بساركوزي وكاميرون، بعد اعتماد القرار الذي يفرض منطقة حظر جوي ويجيز استخدام القوة ضد ليبيا، للتنسيق بشأن استراتيجة التعامل مع ليبيا. وأضاف أن “القادة اتفقوا على أن ليبيا يجب أن تمتثل فوراً بكافة بنود القرار، وأن توقف أعمال العنف ضد السكان المدنيين في ليبيا”. كما “اتفق القادة على تنسيق الخطوات المقبلة بصورة وثيقة ومواصلة العمل مع العرب وغيرهم من الشركاء الدوليين لضمان تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي حول ليبيا”. ومن ناحيته، أعلن الأمين المساعد لوزارة الخارجية الليبية خالد الكعيم أن ليبيا مستعدة لوقف إطلاق النار ضد المتمردين. وقال في مؤتمر صحافي “إننا جاهزون لهذا القرار، لكننا نحتاج أن نتكلم مع طرف محدد لنناقش كيفية تطبيقه”. وأضاف “سوف نتعامل مع هذا القرار بإيجابية، وسنؤكد نيتنا هذه من خلال ضمان حماية المدنيين”. وفي سياق آخر، أعلن وزير الخارجية الألماني غويدو فسترفيلي أن أي جندي ألماني لن يشارك في تدخل عسكري في ليبيا، لأن ذلك يحمل “مخاطر كبيرة”، مبرراً امتناع بلاده عن التصويت في مجلس الأمن. وقال في بيان “ما زلنا مرتابين جداً من خيار تدخل عسكري مقرر في هذا القرار (الذي أصدره مجلس الأمن الدولي). إننا نرى فيه مخاطر كبيرة. لهذا السبب لا يمكننا أن نقر هذا الجزء من النص”. وأكد أن “الجنود الألمان لن يشاركوا في أي تدخل عسكري في ليبيا”. قطر والإمارات تشاركان في قلب المعركة أعلن دبلوماسي في الأممالمتحدة الخميس أن قطر والإمارات العربية المتحدة ستشاركان في عمليات عسكرية مشتركة ضد نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا في إطار مهمة الأممالمتحدة. وقال هذا الدبلوماسي “ستكون هناك مشاركة من قبل قطر والإمارات العربية المتحدة.. لقد تأكد هذا الأمر في مجلس الأمن الدولي”. وتبنى مجلس الأمن الدولي ليل الخميس الجمعة قرارا أجاز فيه استعمال القوة ضد قوات العقيد معمر القذافي فاتحا الطريق أمام ضربات جوية في ليبيا. وكان رئيس وفد الجامعة العربية في الأممالمتحدة، يحيى المحمصاني، قال الخميس إن قطر والإمارات العربية المتحدة يمكن أن تشاركا في عمليات مشتركة ضد نظام العقيد القذافي في إطار تفويض من الأممالمتحدة. وقال المحمصاني لعدد من الصحافيين “هذا أمر ممكن لكنني لا أستطيع تأكيده”. وكانت وزارة الخارجية الفرنسية ذكرت الأربعاء أن التحرك ضد النظام الليبي يجب أن يكون “بمساندة واشتراك فاعل للدول العربية”. كذلك صرح مساعد المندوب الليبي في الأممالمتحدة ابراهيم دباشي الأربعاء للصحافيين أن “نحو خمس” دول عربية مستعدة للمشاركة في إقامة منطقة حظر جوي فوق ليبيا اذا أقر مجلس الأمن هذا القرار. ..ومصر تسلّح الثوار الليبيين قالت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية إن مصر بدأت شحن الأسلحة للثوار الليبيين بعلم واشنطن، مشيرة إلى أنها استقت هذه المعلومات من أحد أعضاء المجلس الوطني الانتقالي في ليبيا، ومن مسؤولين أمريكيين. واعتبرت الصحيفة أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها تأكيد شحن أسلحة تتكون من الأسلحة الخفيفة والذخيرة من حكومة أجنبية للثوار الليبيين الذين تعرضوا لنكسات ميدانية الأيام الأخيرة أمام قوات القذافي. وقالت أيضا إن هذه الأسلحة تُعد مؤشرا قويا على أن بعض الدول العربية تستجيب لنداءات غربية بأخذ المبادرة في جهود التدخل لمساندة معارضي القذافي. وكانت واشنطن ودول غربية أخرى قد عبرت عن خيبتها من عدم استعداد الدول العربية لحل المشاكل الإقليمية، وانتقدت محاولات الدول الغربية التدخل لحل هذه المشاكل. وأوضحت وول ستريت جورنال أن هذه الشحنة تأتي بعد تحرك دبلوماسي عربي، حيث تم التصويت بالجامعة العربية على طلب فرض حظر جوي على ليبيا. كلينتون طلبت شن غارات من مصر وقد ذكر موقع ديبكا الإسرائيلي أن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون طلبت، خلال زيارتها لمصر الأربعاء، من رئيس المجلس العسكري الأعلى، الحاكم المشير محمد حسين طنطاوي، الموافقة على استخدام قواعد جوية مصرية، في إطار حظر الطيران فوق الأراضي الليبية، ولتوجيه ضربات جوية ضد أهداف في ليبيا. ونقل الموقع القريب من الاستخبارات الإسرائيلية، عن مصادر عسكرية أمريكية، أن الوزيرة الأمريكية قالت لطنطاوي إنها تأمل موافقة مجلس الأمن الدولي على منطقة لحظر الطيران بليبيا في جلسته الطارئة الخميس. لكنها أوضحت أن ذلك قد لا يكون كافيا لوقف تقدم قوات العقيد معمر القذافي، وأن واشنطن قد تلجأ لعمليات عسكرية ضد الكتائب التابعة للعقيد الليبي. ولم تدل كلينتون بمزيد من التفاصيل، لكن المصادر التي تحدثت لموقع ديبكا قالت إن البيت الأبيض يرجح خيار طلعات عسكرية أمريكية لوقف تقدم قوات القذافي تجاه بنغازي، ثاني المدن الليبية الكبرى ومعقل الثوار الرئيسي. الاتحاد الأوروبي. . الضوء الأخضر وكان الاتحاد الأوروبي قد رحّب صباح أمس بقرار مجلس الأمن الذي يسمح بفرض منطقة حظر طيران فوق ليبيا، باعتباره “أساسا قانونيا واضحا” لأعضاء المجتمع الدولي “لتوفير الحماية للمدنيين”. جاء ذلك في بيان مشترك أصدره رئيس المجلس الأوروبي، هيرمان فان رومبوي والممثلة العليا للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، بعد ساعات فقط من صدور القرار ليل الخميس في نيويورك. وأكد المسؤولان الأوروبيان على أهمية تنسيق الجهود عن كثب مع كل من الأممالمتحدة والمنظمتين الإقليميتين الأخريين اللتين ساندتا منطقة حظر الطيران، وهما جامعة الدول العربية والاتحاد الإفريقي. وقالا: “نشدد على قلقنا العميق إزاء وضع الشعب. نحن نؤيد تماما مطلب الأممالمتحدة بإنهاء كامل للعنف وجميع الهجمات ضد المدنيين وإساءة معاملتهم، وعلى إيجاد حل للأزمة”. ووافق مجلس الأمن على القرار بأغلبية عشرة أصوات مقابل عدم رفض أي من الأعضاء، فيما امتنعت الصين وروسيا والبرازيل والهند وألمانيا عن التصويت. ومن المقرر أن يجري الاتحاد الأوروبي مباحثات حول ما يمكن اتخاذه من إجراءات أيام 21 و24 و25 مارس الجاري.