إن تعاظم ظاهرة الهجرة غير الشرعية لم يقابله أي تحرك من قبل المجتمع الدولي لمواجهتها من خلال وضع استراتيجيات أو تدابير تأخذ بعين الاعتبار المسببات التي هي سوسيو-اقتصادية بالأساس لأنه و بمجرد نظرة عابرة الى الدول المنتجة لظاهرة الهجرة غير الشرعية يتبين أنها كلها تعاني إما من نوبات عدم استقرار سياسي مزمن بسبب الحروب أو النزاعات الداخلية و ما ينجر عن ذلك من تبعات اجتماعية و اقتصادية معروفة أو حتى دول مستقرة سياسيا بالأساس و لكن ذلك لم يجعلها في مأمن عن الصعوبات الاقتصادية و الاجتماعية هي الأخرى و هذه الأوضاع هي التي تضطر مواطني هذه الدول إلى مغادرتها بحثا عن ظروف أحسن ، و بين هذا و ذاك هناك دول أخرى حولتها تدخلات عسكرية أجنبية إلى دول فاشلة على غرار الجارة ليبيا ؟. يبدو أن هناك من يحاول القفز على كل تلك الحقائق سابقة الذكر و لا يريد أن يرى بعين الموضوعية إلى الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ظاهرة الهجرة غير الشرعية و يبحث بالمقابل عن علاج للنتائج و ليس المسببات ؟ ! بل أكثر من ذلك توظيف الملف للضغط و الابتزاز السياسي لدول هي في الأساس من ضحايا الظاهرة لإجبارها على قبول تحويل أراضيها إلى محتشدات لاستقبالهم و لتشكل حزاما عازلا يضمن عدم وصول المهاجرين إلى السواحل الأوربية. هذه ليست مجرد سيناريوهات و لا تخمينات و لكنها طلبات رسمية من بعض الدول الأوربية عبّرت من خلالها عن هذه الرغبة في العديد من المرات و المناسبات و آخرها كان بداية هذه السنة عندما طلب الاتحاد الأوربي من دول شمال إفريقيا إقامة مراكز إيواء «محتشدات» لهؤلاء مقابل مساعدات مالية ؟ !. ما جاء في تقرير السيد فيليبي غونزاليس موراليس، المقرّر الخاص للأمم المتحدة حول حقوق الإنسان المتعلّقة بالمهاجرين، في ختام زيارته إلى النيجر - بداية هذا الشهر - و الذي دعا فيه من هناك الحكومة الجزائرية إلى الوقف الفوري لما أسماه «الطرد الجماعي للمهاجرين الأفارقة باتجاه النيجر» يتنافى تماما مع الواقع تماما ، و يبدو أن السيد موراليس لا علم له بوجود اتفاقية بين الجزائر و النيجر على الترحيل الطوعي للمهاجرين إلى بلدهم بالتنسيق مع الحكومة النيجرية و أن عمليات الترحيل تتم في ظروف إنسانية للغاية و أن ما تقوم به السلطات الجزائرية و على عكس ما يروج له البعض هو حماية لهؤلاء المهاجرين غير الشرعيين خاصة الأطفال منهم و النساء من الوقوع فريسة لعصابات الاتجار بالأعضاء ، الجنس و الإرهاب و كل الآفات الأخرى التي أصبحت تجد في المهاجرين غير الشرعيين المكان الأمثل للتجنيد ؟ تقرير السيد فيليبي غونزاليس موراليس جاء –للأسف- متناغما مع تقارير سابقة لمنظمات غير حكومية معروفة الأهداف والتوجهات بينما كان من المفروض أن ينسجم مع تقارير أممية سابقة أشادت بتعامل الجزائر مع المهاجرين غير الشرعيين و آخرها تقرير المنظمة الدولية للهجرة ؟!.