تنتظر الحكومة مرحلة حاسمة قبل الدخول الاجتماعي المقبل بالنظر للتحولات الكبيرة التي تمر بها مختلف القطاعات والتي تتطلب مجهودات كبيرة وجبارة لاحتواء الاضطرابات قبل سبتمبر المقبل لتفادي أية مضاعفات قد تكون عواقبها وخيمة على الاستقرار الاجتماعي. يبقى ملف الأجور وتحسين القدرة الشرائية على رأس الملفات الهامة التي تنتظر الجهاز التنفيذي للفصل فيها. فكثرة الإضرابات وعدم توفر فضاءات التشاور والحوار جعل الأمور تأخذ منحيات فوضوية في بعض الأحيان وزادت الشائعات الطين بلة وبات الاستقرار الاجتماعي مهددا. ومن الأجدر أن يحدد كل قطاع رزنامة لدراسة مشاكل العمال والموارد البشرية مع تفعيل عمل النقابات التي تسجل تراجعا كبيرا في النشاط حيث يقتضي العمل النقابي استباق الأحداث واقتراح حلولا لمختلف المشاكل تراعي جميع النواحي. فلا يعقل أن تطبق زيادات تهدد المؤسسات بالغلق كما أن ترك العمال دون زيادات أمر غير منطقي في ظل ارتفاع التضخم وارتفاع تكاليف المعيشة. وتنتظر الجبهة الاجتماعية فترات صعبة جدا خاصة من خلال تزامن العطلة الصيفية وشهر رمضان المعظم والدخول المدرسي وعيد الفطر المبارك، وهي الفترة التي تعرف فيها ميزانيات الأسر مستويات قياسية من المصاريف ويقابلها ارتفاع غير مسبوق في جميع الأسعار دون استثناء وهو ما قد يؤدي الى احتجاجات أخرى جراء تدني مستوى المعيشة. وأبدت الدولة من خلال خطاب رئيس الجمهورية استعداداها لحل جميع المشاكل شريطة تسبيق المصلحة العليا للوطن وابعاد السياسيين عن استغلال أوضاع الجبهة الاجتماعية. وأكد الرئيس بوتفليقة أن الظروف والتحولات التي تمر بها البلاد العربية يجب أن نحتاط منها لأن مؤشرات وبوادر الفتنة مازالت قائمة. ومهما بلغت المشاكل والنقائص الاجتماعية فالسلم والأمن يبقى أهم من كل شيء، والوقت كفيل بتحسين أوضاع الجبهة الاجتماعية خاصة في تسطير برنامج تنموي ب286 مليار دولار وارتفاع أسعار النفط والتي تنبئ بعائدات قياسية هذه السنة قد تصل الى 70 مليار دولار، وهو ما من شأنه أن ينعكس ايجابا على مشاريع التنمية التي تسعى الدولة لتجسيدها. وتسير الأمور بخطى ايجابية لحل مشاكل جميع القطاعات بالتدرج لأن الاجراءات تتطلب وقتا كبيرا. كما أن الإعلان عن قانون مالية تكميلي لهذه السنة يعتبر صمام أمان لقضية الأجور التي تحتاج لوقت معين قصد طيها نهائيا. وتتواصل الإضرابات في قطاعات السكن والعمران والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي كما تهدد العديد من القطاعات الأخرى بالاحتجاجات وهو ما يجعل الحكومة متفطنة لتسيير هذه المرحلة الصعبة.