لاتزال نقابات عمال قطاع التربية متمسكة بالإضراب الوطني الشامل المقرر هذا الأسبوع، بعد أن تكون كل محاولات ثنيها على المضي في شل الدراسة باءت بالفشل، ليتأكد مرة أخرى على أن الضحية لن تكون لا الوزارة المعنية ولا النقابات المستقلة وإنما ملايين من التلاميذ الذين يتهيأون لإجراء ما تبقى من الامتحانات المقررة في الثلاثي الأخير من السنة الدراسية الجارية. وقبل دخول الإضراب حيز التنفيذ هذا الاثنين سارعت جل المؤسسات التربوية وفي سباق مع الزمن إلى إجراء الفروض الأولى في ظروف أقل ما يقال عنها أنها لم تكن أبدا مواتية، إذ تم ''التخلص'' منها في زمن قياسي غير مسبوق، تجنبا للأيام ''العجاف'' القادمة التي من المقرر أن تشهد شللا عاما في المؤسسات التربوية لأيام طويلة تمتد على أسبوعين: ثلاثة أيام هذا الاسبوع وتضاف إليها عطلة نهاية الاسبوع، وثلاثة أيام أخرى في مطلع الشهر القادم وتضاف إليها اليوم العالمي للشغل الذي يصادف اليوم الأول من الاسبوع القادم زائد عطلة نهاية الأسبوع، وهكذا فإن حسابات النقابات الداعية إلى الإضراب على مرحلتين كان دقيقا لجر التلاميذ إلى عطلة اجبارية طويلة في مرحلة حساسة للغاية خاصة بالنسبة للأقسام النهائية في الأطوار الثلاثة. تبرر النقابات العمالية في قطاع التربية الداعية للإضراب والتي تعد الأكثر تأثيرا، سبب لجوئها للاحتجاج في هذا الوقت بالذات إلى شعورها بما تصفه بالغبن والإجحاف في حقها، خاصة عندما تقارن المكاسب التي تحصلت عليها العام الماضي وكانت قد سبقت الجميع، مع تلك التي تحصلت عليها عدة قطاعات أخرى في سياق جملة الاحتجاجات والاضطرابات الراهنة التي تعرفها البلاد، ولهذا فإنها تعتقد وكما تعتقد جل القطاعات الأخرى أن الظرف مواتي للحصول على مزيد من المكاسب، في وقت لم تتحصل فيه على ما تبقى من المخلفات المالية لسنة 2009، والتي تطالب نقابات أخرى بصبها فورا على غرار النقابة الوطنية لعمال التربية. ولعل ما تجدر الإشارة إليه أن النقابات العمالية في قطاع التربية دأبت على رفع صورتها عالية واللجوء إلى أقصى آليات الاحتجاج للتعبير عن تذمرها من الوضعية الاجتماعية لعمال القطاع وهي قد تكون محقة إذا تعلق الأمر بمطالب مشروعة من شأنها تحسين مستوى معيشة المربي والمعلم والأستاذ، لكن نفس النقابات يخفت صوتها إلى درجة عدم سماعه، عندما يتعلق الأمر بالمعاناة التي يواجهونها من الناحية البيداغوجية والتي أثرت سلبا على المستوى الدراسي، الذي تراجع مثلما يعانيه يوميا أولياء التلاميذ على خلاف تقارير وزارة التربية المستندة على الأرقام، في حين أن هذه الأخيرة لاتزال دائما في قفص الريبة والشك ولا يرى فيها أولياءالتلاميذ أي انعكاس على واقع التعليم في ظل اصلاحات لاتزال تبحث عن نفسها رغم مرور أزيد من خمس سنوات عن دخولها حيز التنفيذ. أما عن فيدراليات أولياء التلاميذ، فإن الأمر يبدو وكأنه لا يعنيها وتلتزم الصمت، تماما مثلما تلتزم وزارة التربية الصمت المريب وكأن الإضراب القادم لن يعنيها هي الأخرى ولن يؤثر على السنة الدراسية الحالية في أي شيء، طالما أن الحلول الترقيعية السابقة قد تكرر، ولكن سيواجهها مشكل عويص ويتمثل في تأطير الامتحانات النهائية في حالة ما إذا أصرت النقابات المستقلة على الاستمرار في الاضراب الذي يبدو أنه سيدوم لأيام أخرى طويلة إن لم يكن لأسابيع أخرى طويلة أيضا. سلوى/ روابحية