تحقق بعض البلدان الرائدة في سوق السياحة الإقليمية والعالمية على نشاط سياحة الأعمال لتحسين إيراداتها بالعملة الصعبة، وأصبحت هناك عناوين بارزة في الساحة تكاد تحتكر هذا الفرع. وللجزائر طاقات هائلة تؤهلها للمنافسة في هذه السوق ذات المعايير الخاصة، خاصة وأن لديها مؤهلات في مختلف الجوانب المحيطة بالسوق من مواقع وأهداف اقتصادية جذابة وطفرة علمية تؤكدها مؤشرات الميدان. ترتكز سياحة الأعمال على بنية شاملة ومتكاملة للمؤتمرات واللقاءات النوعية والندوات المتخصصة في شتى قطاعات العلوم والمعرفة والابتكارات. غير أن من ينشط وتيرتها هم أصحاب المهنة الذين يجيدون تسويق الصورة وإقناع الزبائن من خلال دراسة دقيقة لاحتياجاتهم وإدراك للطلب المعبر عنه خارج إطار الموعد الذي يدعون إليه. التقينا على هامش الندوة الجزائرية حول التأمينات والمالية الإسلامية في الأسبوع الأخير من شهر نوفمبر بالسيد إبراهيم جلواجي مدير عام «ميد فواياج» المنظم للملتقى، وأثرنا معه بعض المسائل المتعلقة بواقع ومستقبل سياحة الأعمال في بلادنا، وأجاب في هذا الحديث كالتالي: «الشعب»: ما هي الأهداف ذات الطابع السياحي التي يمكن التطلّع إليها من خلال تنظيم ملتقيات علمية على غرار منتدى المالية والتأمينات الإسلامية؟ إبراهيم جلواجي: الهدف من هذه التظاهرة أن نتوصل إلى خلق فضاء لسياحة الأعمال من جهة والتركيز فيها على السياحة المعرفية أو العلمية .كما تعلمون يوجد هذا الاختصاص في مختلف الدول، يسمى «مايس» المؤتمرات العلمية، ومعظم الدول الكبرى تجعل من محطاتها ومدنها فضاءات ذات خدمات لتوفير الجو المناسب لرجال العمال من جهة، وأيضا تعمل على أن تكون فترات الفراغ بين الفصول من السنة موعدا لملأ السوق بمثل هذه التظاهرات، منها ضمان ديمومة النشاط وفي نفس الوقت تحسين مردودية البنية التحية للسياحة، مثل المنتجعات والفنادق والحمامات، وحتى قطاع النقل الذي يستفيد من هذه الديناميكية، إلى جانب كل المتدخلين في السلسلة السياحية. تقف الجزائر اليوم أمام عتبة تحول اقتصادي هام يرتكز على استثمارات منتجة للثروة، بعنوان خيار تنشيط النمو، هل هناك فرص كثيرة لتحقيق نتائج اقتصادية في مجال سياحة الأعمال؟ الحقيقة للجزائر أوراق رابحة في هذا المجال حتى تستعيد مكانتها في سياحة المال والأعمال، ومن باب التذكير فقط، كانت لبلادنا في فترات السبيعينات والثمانينات خصوصية احتضان الكثير من المؤتمرات، على غرار اجتماعات منظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبيب»، إلى جانب احتضان مواعيد سياسية إقليمية ودولية. وبمجرد أن نسترجع موقعنا يمكن استقطاب هذا الصنف من الزبائن، بفضل المميزات الجغرافية لبلادنا، مثل القرب من إفريقيا والموقع المركزي في الفضاء المغاربي والمتوسطي، والجزائر شريك أساسي في كل ما يدور حولنا، لذلك، بمجرد التواجد في أكبر الملتقيات الدولية يمكن بسهولة التأثير على المنظّمين لنقل التظاهرات الى الجزائر. على سبيل المثال، من موقعنا ضمن المنظومة العالمي للسياحة يمكن استقطاب زبائن. برؤية الاحترافي، ما هو المطلوب لبعث السياحة بديناميكية أكثر؟ حسب وجهة نظري، يجب بداية أن نعيد تنظيم صفوفنا كاحترافيين، بمشاركة جميع الفاعلين من وكالات أسفار، شركات النقل الجوي والبحري، أي كل حلقات السلسلة، والحرص على إشراك ممثلياتنا الدبلوماسية والاقتصادية في بناء هذا المسار، خاصة من حيث تيسير الحصول على التأشيرة. وعندما نتحرك جميعا للعمل حول نفس الهدف، بموجب دفتر شروط مهني مطابق للمعايير الدولية، تكون لنا الفرصة للتموقع بشكل ناجع في السوق السياحية عبر العالم، علما أن المؤشرات الراهنة للمشهد السياحي للجزائر تشجع على انجاز هذا التحوّل بالنظر للمناخ الايجابي القائم والذي يبدوانه يقاوم تداعيات الصدمة المالية الخارجية جراء انهيار أسعار النفط.