كانت في السنوات الماضية معروفة بنشاطها الفلاحي في الوقت كانت كروم العنب وحقول زراعة الحبوب والبقول الجافة والأراضي المسقية لإنتاج مختلف أنواع الخضر والفواكه تغطي مساحة فلاحية شاسعة، أما اليوم وبعد تقلص المساحة الصالحة للفلاحة إلى 3 ,477 هكتارا وأثار الجفاف وتراجع مياه السقي التي كان يعتمد عليها الفلاحون في الفلاحة وتربية المواشي، صار التوجه نحو النشاط الصناعي، وخاصة منذ إنشاء مصنع صناعة الورق وتأكيد رغبة العديد من المؤسسات الوطنية والأجنبية للاستثمار بالمنطقة ومنها مؤسسات أمريكية وصينية لإقامة وحدات صناعية. إنها بلدية ماسرة بولاية مستغانم والتي تبعد عن مقر الولاية بمسافة 12 كلم في الطريق الوطني الرابط ما بين مستغانم والجزائر العاصمة، هذه البلدية التي يبدو أنها مقبلة على حركة تنموية شاملة قد تخرج سكانها من بوتقة التخلف الذي يتجلى أكثر في عمق الأرياف التي تفتقر إلى مياه السقي لخدمة الأرض أو إلى مصادر أخرى للشغل الذي يبقى هو المشكل الأول، فمن اهتمامات مسؤولي البلدية للتخفيف من أزمة البطالة والذين يعلقون آمالا كبيرة على مدى ممساهمة الوحدات الصناعية المنتظر إنشاؤها بماسرة لتوفير مناصب شغل دائمة من جهة، ومن جهة أخرى تحريك الحركة الاقتصادية والتجارية عبر كامل تراب البلدية التي تتربع على مساحة 45 كلم مربع ويقطنها 24687 نسمة (حسب الاحصائيات الأخيرة لأفريل 2008)، منها 10842 نسمة تقطن بمركز البلدية. أما الباقي من السكان فهم يتوزعون على 21 دوارا ومناطق مبعثرة معزولة. يعود تاريخ إنشاء البلدية إلى سنة 1841 من طرف الاستعمار الفرنسي وكانت تسمى آنذاك باسم ''أبوكير'' إلى غاية ,1962 حيث تمّ الاستغناء عنه نهائيا واسترجعت اسم ماسرة، وهو الاسم الذي كانت تعرف به المنطقة منذ العهد التركي. وحسب الروايات التي استقيناها من طرف بعض الشيوخ المصلحين أبا عن جد عن تاريخ ماسرة، فإنها كانت منطقة غنية بالمياه الجوفية منذ زمان، كما أنها عرفت عبر التاريخ القديم أحداثا كبرى، حيث لا تزال بعض الأثار والمعالم التاريخية شاهدة على أن الإنسان الأول ما قبل التاريخ عاش بالمنطقة، ومنها موقع أثري يحمل اسم ''رجال الكهف'' لا تزال إلى اليوم فيه مغارات تحت الأرض ولا أحد يعرف أسرار مداخلها ما عدا تلك الأدوات والأواني القديمة ومكتشفات نادرة تمّ العثور عليها من طرف باحثين أثريين بمبادرة من الباحث والمؤرخ عبد القادر بن عيسى رحمه اللّه الذي كان مهتما بالمواقع والمعالم الأثرية عندما كان مديرا للثقافة بولاية مستغانم في سنة .1984 هذا، فضلا عن تلك المعالم المتواجدة بغابة سيدي بن ذهيبة، وإن بلدية ماسرة عرفت منذ الاستقلال إلى يومنا هذا قفزة عمرانية وكثافة سكانية نظرا لموقعها الاستراتيجي على الطريق الوطني الذي يتوسطها، وكذلك قربها المدينةمستغانم بمسافة 12 كلم ومدينة غليزان بمسافة 44 كلم. كما أن النمو الديمغرافي الذي عرفته تطّلب من مسؤولي البلدية الذين تعاقبوا على تسييرها التركيز على إنجاز مشاريع ذات أولوية، ومنها الماء الشروب وقنوات صرف المياه والمرافق الصحية وتعبيد الطرقات، وللقضاء على أزمة الماء أدت المشاريع إلى إنجاز خزانات منها خزان جديد بسعة 2000 متر مكعب وموقعين 02 لمصادر الماء ومضختين 02 و04 محطات للتنقيب. وعن وضعية المياه يقول السيد العربي مغالط رئيس المجلس الشعبي البلدي: »إن مشكلة المياه لم تعد مطروحة، وبفضل سد قرقار ومشروع الماء والذي تستفيد منه البلدية، فإن أزمة الماء ستعرف الحل النهائي بمركز البلدية ودواوير المغالطية والرزايقية والخراشلة ما عدا تلك التجمعات السكانية المعزولة«. وعن مشاريع الصحة وبالاضافة إلى العيادة المتعددة الخدمات وثلاث قاعات للعلاج وعيادة التوليد كشف رئيس المجلس الشعبي البلدي عن مشروع المستشفى سعته 60 سريرا الذي ستنطلق أشغاله قريبا، وعن مكان بناء المستشفى فالسيدة الوالي وأثناء زيارتها التفقدية للبلدية، هي التي اقترحت أن يكون موقع المستشفى بالقرب من الموقع الذي يوجد فيه مقام الولي الصالح سيدي بن ذهيبة. ودائما في مجال الصحة يضيف رئيس البلدية موضحا أن مجموع الأطباء العاملين هو 07 و03 أطباء أسنان، بينما الصيدليات عددها .04 ومما لاشك فيه هو أن إنجاز المستشفى قريبا يخفف على المرضى أعباء التنقل إلى المستشفيات المجاورة. وفي انتظار إعادة تأهيل الطريق الولائي على مسافة 10 كلم ليربط بلدية ماسرة بقرية ينارو، فقد تمّ تعبيد كل الطرق البلدية الموصلة إلى دواوير القرايشية والقواوسة والبكايرية، كما أن كل الطرق وشوارع البلدية مركز هي معبدة، كما أن البلدية استفادت من مشروع طريق محوّل للحافلات والشاحنات خارج المدينة، وإن الأشغال انطلقت منذ مدة، وكان السكان قد اشتكوا كثيرا من اهتراء الطريق المنتظرر تأهيله ماسرة يتارو، وقد تفاءلوا خيرا بعدما تمّ برمجة المشروع لينطلق قريبا. وعن التهيئة العمرانية يتحدث رئيس البلدية قائلا: »إن البلدية ساهمت بعدة عمليات، ومنها تعميم الإنارة وتهيئة الساحات العمومية المحاذية للتجمعات السكانية، وذلك بهدف إعطاء الوجه الحضري اللائق لمحيط البلدية ، باعتبارها الآن عاصمة الدائرة ماسرة«. وبالنسبة للمنشآت الرياضية والثقافية، يوجد ملعب بلدي تجري به أشغال عملية العشب الطبيعي وقاعة متعددة الرياضات و08 مساحات للعب ومكتبة واحدة ومركز ثقافي مجهز بأحدث الوسائل، كما يوجد مركز للتكوين المهني والتمهين افتتح مؤخرا لفائدة الشباب الراغب في التكوين على حرفة مهنية تؤهله لدخول عالم الشغل بمؤهل وتخصص. وفي الساعات التي كنا نجري هذا التحقيق، أردنا معرفة آراء بعض الشبان حول التكوين المهني، فاستخلصنا من آرائهم أن للتكوين أهمية كبرى، غير أن ذلك يبقى بحاجة إلى فتح مجالات العمل وفقا للمؤهل المهني لصاحبه المتخرج. وفي السنوات الأخيرة شهد قطاع التعليم والشؤون الدينية إنجاز العديد من المؤسسات وتمّ تقريب المدرسة للأطفال المتمدرسين، في الوقت الذي بدأ الانتشار التدريجي للمدارس القرآنية (الكتاتيب) والتي تعرف الإقبال في فصل الصيف، ويصل حاليا عدد المدارس الابتدائية إلى 13 مدرسة وأربع 04 إكماليات منها إكمالية تفتتح في الموسم القادم وأربعة 04 مطاعم مدرسية، في انتظار افتتاح مطاعم جديدة. أما قطاع الشؤون الدينية، هناك 11 مسجدا منها مسجدان 02 في طريق الإنجاز، بالاضافة إلى ثلاث 03 مدارس قرآنية. ويبقى الموقع الهام لهذه البلدية في دائرة اهتمام العديد من المستثمرين الذين يتوافدون باستمرار على منطقة ماسرة، التي يبدو أنها مقبلة في السنوات القليلة القادمة على النهوض في قطاع الصناعة الذي يرى فيه مسؤولو البلدية أنه سيساهم في تحريك عجلة التنمية، ويعزز القطاع الفلاحي الذي يكون تطويره مرهونا بمدى ما توفره مشاريع الري من مياه للسقي الفلاحي. وأكد رئيس المجلس الشعبي البلدي، أن العديد من الشركات الأجنبية ومنها الأمريكية والصينية الراغبة في بناء مصانع لإنتاج المسامير وتحويل العجائن وفي انتظار شركات أخرى، ستصبح ماسرة تحوي منطقة صناعية لا تقتصر على الصناعة الخفيفة فقط، وبالتأكيد أن الاستثمار الوطني والأجنبي يمكّن البلدية من الرقي اقتصاديا. وتعد ماسرة في الوقت الراهن، من البلديات القليلة التي تعتمد على نفسها في تسيير شؤونها، معتمدة على مواردها المالية التي يوفرها كراء السوق الأسبوعي والسوق اليومي وكراء المحلات التجارية ومحصلات الجباية. ولكونه أهم مصدر ممول لخزينة البلدية، قامت هذه الأخيرة بتهيئة السوق الأسبوعي وتوسيعه بمساحة جديدة لتصبح المساحة الإجمالية للسوق 19 هكتارا كلها مهيأة بممرات وفضاءات ومواقف، كما تمّ بناء مرافق صحية وتصليح وتعميم الإنارة العمومية. وعن أهداف العمليات التي شملت السوق الأسبوعي يوضح رئيس البلدية بأن الهدف الأول هو تنظيم فضاءات نشاط التجار حتى نوفر لهم الظروف الملائمة، وخاصة أن الإقبال من طرف التجار يتزايد سنويا بعد توفير ظروف الأمن منذ افتتاح محافظة أمن الدائرة، وقد صرفت البلدية لتوسيع وتهيئة السوق مبلغ قدر 700 مليون سنتما. وكان لابد من الاهتمام بالسوق الأسبوعي في الوقت الذي تعتمد عليه البلدية في تمويل الخزينة، إذ تتم سنويا عملية كراء السوق بمبلغ سبعة 07 ملايير سنتيم يضاف إليها كذلك مبلغ يزيد عن 70 مليون سنتيم لكراء السوق اليومي الخاص بالخضر والفواكه ونشاط الحرفيين الصغار، وهكذا تستطيع البلدية من استغلال هذه الموارد المالية لفائدة السكان بإنجاز مشاريع تنموية. وعن النشاط التجاري بالبلدية ونظرا للتسهيلات للحصول على السجل التجاري، تنعدم ظواهر التجارة غير الشرعية، إذ يقول رئيس البلدية عن وضعية التجارة: »تمّ القضاء على كل أنواع السوق السوداء، مما جعل كل شيء متوفرا وخاصة في موسم الصيف، حيث تعتبر ماسرة منطقة إقامة مؤقتة لبعض الوافدين إلى مستغانم للتمتع برحابها السياحية، وهي كذلك مركز عبور للبعض الآخر العابرين إلى شتى الاتجاهات، وكلهم يتقاضون مؤونتهم من ماسرة التي يوجد بها حاليا 70 تاجرا للمواد الغذائية و05 مخابز منها مخبزتان 02 لصنع الحلويات و03 حمامات و03 مرشات، وهناك أنواع أخرى من التجارة، وكل هذه المحلات التجارية تعود بالفائدة الجبائية على خزينة البلدية«. وخلال تجوالنا بأرجاء البلدة، شدت انتباهنا ظاهرة تزايد فتح المقاهي واكتظاظها بالزبائن في كل الأوقات وكأن المقاهي أصبحت تجارة رابحة، وما يبقى بحاجة إلى تنظيم، هو محطة حافلات نقل المسافرين، وكذا سيارات الأجرة، فلا توجد محطة مهيأة بالمرافق، بل لا زالت الطرق تستغل كمحطة سواء للحافلات أو سيارات الأجرة، وإن هذه الوضعية قد تستدركها سلطات البلدية بما فيها من مصالح أمنية. وفضلا عن المشاريع التي استفادت منها البلدية في قطاعات السكن والري والطرقات والصحة العمومية، تمّ إنجاز مشروع غاز المدينة منذ أكثر من 6 أشهر وقد دخل في طور الاستغلال من طرف السكان، غير أن عدد السكنات الموصلة بالشبكة لا يتجاوز ال 300 مسكن، وهذا بسبب تردد السكان بل وعزوف بعضهم عن إيصال الغاز رغم أن هم الذين كثيرا ما طالبوا بغاز المدينة منذ ارتفاع ثمن قارورة الغاز. وفي ميدان التسلية والسياحة، يبدو أن البلدية مصممة على تطوير هذا القطاع معتمدة على الإمكانيات الطبيعية التي تتوفر عليها المنطقة، ومنها المواقع الأثرية التي كانت في زمن غير بعيد تشهد إقبال الزوار حتى من خارج الولاية لقضاء ساعات مريحة، وبشأن السياحة ونزولا عند رغبة مسؤولي بلدية ماسرة قامت محافظة الغابات بمستغانم بالترخيص للبلدية، قصد استغلال مساحة الغابة المقدرة ب 10 هكتارات والمطلة على المنطقة لاستغلالها لأغراض التسلية والنزهة والسياحة. وسارعت مصالح البلدية إلى تهيئة الغابات إلى فضاءات وجهزتها بوسائل للألعاب والنزهة في انتظار إنشاء مرافق تجارية وخدماتية ملائمة للطابع السياحي والترفيهي، وقد زرنا تلك الفضاءات المهيأة بالغابة وهناك فوجئنا بالعدد الهائل من العائلات التي قصدت المكان مرفوقة بأبنائها، وما لفت انتباهنا، أن بعض العائلات قدمت من مدينة مستغانم ولما تحدثنا معها، أدركنا من خلال الحديث، أن هدوء المكان وجمال المنظر وتوفر أجواء الأمن والسكينة وإمكانيات الألعاب والاسترخاء، هو ما يجلب الزوار إلى منطقة ماسرة وما يساعد أكثر هو قرب المكان لمدينة مستغانم التي تعرف الصخب والضوضاء وهروبا من ذلك، صارت ماسرة الوجه المفضلة. ------------------------------------------------------------------------