تتطلب عملية تجاوز التحديات التي تفرضها العولمة وإفرازاتها خاصة تلك التي ترتبط بقضايا السيادة الوطنية والثروات والتطور الهادئ للمجتمع على كافة الأصعدة ضمن إطار الانسجام والاستقرار التزام كافة الشركاء السياسيين والاقتصاديين والاجتماعيين بالحد الأدنى من المسؤولية وبعد النظر بعيدا عن الذاتية والأنانية التي غالبا ما تدفع إلى حالات من اليأس وإهدار القدرات الوطنية وإشاعة احباطات لا يمكن أن تتسلل إلى الساحة الوطنية في ظل انجاز ما يمكن تصنيفه قناعة للمجموعة الوطنية بضرورة الالتفاف حول المشروع الوطني للتنمية بالمفهوم الشامل بما فيه الجانب المتعلق بتنمية المسار الديمقراطي وتثبيت النظام المؤسساتي النابع من الإرادة الشعبية المعبر عنها بالمعايير الديمقراطية التعددية ضمن الأطر القانونية الموضوعية. لقد دفعت البلاد في الماضي القريب فاتورة لا يمكن تحملها مرة أخرى نتيجة غياب بعد النظر وهيمنة أنانية البعض الأمر الذي يلقى رفضا صريحا من المجموعة الوطنية اليوم خاصة بعد أن أدركت البلاد درجة متقدمة على مسار السلم والمصالحة بموازاة إطلاق برامج إستراتيجية للتنمية المادية والبشرية في ضوء تأكيد مؤشرات لا يمكن القفز عليها أبرزها تخليص البلاد من المديونية الخارجية التي لطالما كبلت الدولة من جهة وانخراط هذه الأخيرة في المجهود التنموي بفضل قوة حجم الاستثمارات العمومية بالإضافة إلى مؤشر الالتزام بدعم أسعار تشكيلة من المواد الأساسية التي لا تزال تشكل هاجسا بفعل استيرادها من الأسواق الخارجية وارتباطها مباشرة بالقدرة الشرائية للمواطنين. المرحلة بكل تحدياتها مسألة تستدعي من جميع الشركاء الانخراط في الديناميكية التي ترمي إلى النهوض بالأوضاع العامة بعيدا عن أي حسابات ضيقة بل بالانفتاح على المحيط بكل مكوناته ومن ثمة تدعيم كل ما يصب في الصالح العام خاصة ما يتعلق بعوامل تقوية صرح البناء المؤسساتي في كنف الاستقرار ونبذ أي سلوك يخالف التطلعات الجمعية للشعب أو يتعارض معها ما يدفع بلا شك بوتيرة الإصلاحات ذات الصلة باستكمال ترتيب المنظومة التشريعية برمتها وجعلها في تطابق مع المعايير المعمول بها في الديمقراطيات النموذجية تكريسا لسلطان القانون وإشاعة الشفافية وترشيدا لإدارة الشؤون العمومية وفقا لمنهج جواري تشاركي يضمن تكافؤ الفرص وبروز الكفاءات.