في كل مرة يتأكد أن الحوار الاجتماعي هو السبيل الأكثر فعالية وجدوى لمعالجة أي انسداد في عالم الشغل الذي يمر بمرحلة غليان في العديد من القطاعات نتيجة لعدة عوامل من بينها تراكمات الجبهة الاجتماعية التي شهدت منذ قبل نصف السنة الاخير موجة عارمة من الاحتجاجات بعضها كادت تنزلق الى ما لا يحمد عقباه لولا ان الشركاء المعنيين في كل قطاع جنحوا إلى طاولة الحوار الاجتماعي حيث تتفتق الأفكار البناءة وتنتج الحلول والتصورات التي تدفع إلى تعزيز السلم الاجتماعي. ما حصل في الخطوط الجوية الجزائرية إلى درجة أساءت إلى سمعة جميع الأطراف كان يمكن أن لا يحدث على الأقل بتلك الحدة لو التزم الشركاء بقاعدة الحوار الاجتماعي بكل ما يتطلبه الموقف من اتزان وتحمل للمسؤولية ونزاهة التفاوض بعيدا عن العنتريات والتطرف ذلك أن الحوار كقيمة اجتماعية يفيد الجميع والخاسر فيه للوهلة الأولى رابح على المدى الطويل خاصة إذا تعلق الأمر بمؤسسات استراتيجية ترتبط مباشرة بالمنظومة الاقتصادية المحلية والخارجية. في حالات مثل هذه لا يمكن أن يتكرس مناخ التعفن بل المطلوب السرعة في الاحتياط واتخاذ التدابير الضرورية لمنع تسلل “الوباء” خاصة وأن الآليات موجودة ولا يتطلب الأمر سوى الالتزام بضوابطها بعيدا عن أي تهور أو انسياق وراء الذاتية ذلك أن البطولة تكمن في امتلاك القدرة على اطفاء اللهيب وحماية السلم الاجتماعي باعتباره جوهر السلم المدني وهنا لا بد من تسجيل حنكة الدولة من خلال مختلف أجهزتها في التصدي للمأزق وإيجاد المفاتيح الفعالة لبعث النفس من جديد في دواليب المؤسسات تماما كما يقوم به الاتحاد العام للعمال الجزائريين. ما أسهل التخريب وإلهاب الساحة وتأجيج النفوس لكن ما أصعب البناء واطفاء النار وتهدئة النفوس في ظل عالم للشغل يتعرض لواقع ليس بالسهل نتيجة تفاعلات الأزمة الاقتصادية العالمية من جهة ولكن أيضا نتيجة للفساد الذي اكتسح الساحة الاقتصادية بالرغم من وضوح الإرادة السياسية والتشريعية لمحاصرة الظاهرة وقطع دابرها.