يلتقي التعليم والتغيير في عدة نقاط جوهرية من منطلق انهما فعل تحويل، اين يهدف التعليم لنقل العقل الإنساني الى مستويات متقدمة من الفكر والابتكار، كما يساهم التغيير في احداث نقلة نوعية داخل المجتمعات، لذلك نجد أن هذا التكامل الوظيفي يتعزز أكثر عندما يأتي التغيير مبنيا على اسس علمية وفكرية، وعلى فهم ووعي بالرهانات التي يحدثها، والامثلة على ذلك كثيرة، فالثورة الفرنسية مثلا لعب فيها الفلاسفة دورا بارزا في تسريع مسار إحداثها. هذا وان التغيير الذي يحدث بعيدا عن ما يتيحه العلم والتعلم من توسيع لأفق الرؤية ومساحات التفاعل هو سير نحو المجهول، وهو ما يفتح الباب لانتشار الاشاعة وتضليل العقول، والالتفاف حول اهداف واسس التغيير المنشود، فالتعليم هو سلاح الطالب المواطن في صناعة التغيير وأداء ادواره بالفاعلية المطلوبة، كما أن الاستعانة بالعلم في صناعة التغيير هو ما يضع حدا لتسلل الايديولوجيات و الرؤى الضيقة الى داخل مشاريع التغيير الوطنية، بالشكل الذي يجعل منه إطارا تنمويا شاملا. مرافقة الطلبة اليوم للحراك الذي تعيشه الجزائر هي نقطة ايجابية ومهمة، وهي تعبر عن لحظة وعي وجب الاستثمار فيها لأنها تعيد بعث مفهوم المشاركة السياسية للشباب، وتحمل الكثير من قيم الوفاء للرسالة النوفمبرية التي دافع عنها طلبة الجزائر الشهداء إبان حقبة الاستعمار الفرنسي، لكن الواجب إدراكه ايضا في ظل الزخم الذي يصنعه حراك الشارع، أن صناعة التغيير واستكمال مسيرة البناء تحتاج الى طلبة يفكرون بإبداع بعيدا عن النمطية التي تصنعها في كثير من الاحيان اللحظة الانفعالية والظرفية،ويتطلب العقلانية لمواجهة اللاعقلانية وهو ما لا يأتي إلا من خلال تكثيف الجهود من اجل بناء الوعي والادراك الداعم لبناء تغيير حقيقي ومصيري . ان العودة القوية لشباب وطلبة الجامعات للحياة السياسية والانخراط القوي في دعم سيرورة التغيير البناء الذي يضمن مستقبلهم، لا يكتمل الا بضمان السكينة والتنظيم داخل الجامعات، والتي يجب أن تصبح اليوم ورشات حقيقية للتفكير في دعم تحقيق التغيير المنشود، عبر عقد الحوارات التي تتيح انتاج البدائل التي تسع الجميع تحت غطاء الوطنية. هذا وان الاخطاء تنسب للأشخاص ولا تنسب أبدا للدولة، وبالتالي فان مسؤولية حماية الدولة وبناء ركائزها لا تسقط بل تبقى فرض عين على كل مواطن جزائري، ولأن مسؤولية البناء تدخل في صلب وظيفة الشباب الذين يشكلون مستقبل الامة وحاضرها، فالشباب مدعووا لتغيير نمط التفكير في طريقة التعبير عن طموحاتنا ومطالبنا من اجل أن نكون أكثر عملية، وأن ينجح في قطع الطريق على ممتهني سرقة طموحات وانجازات الشباب الذي يصنع التغيير. من أجل ذلك اعتقد انه بات واضحا بأن المطلوب من الشباب والطلبة خصوصا أن يحموا مطالبهم بالتغيير، من خلال المبادرات الهادفة التي تكون مؤطرا حقيقيا للحراك، وأن يتحصنوا بالعقلانية والبراغماتية التي تفرضها مبادئ الوطنية والمواطنة الايجابية.